لا أعرف لماذا يستغرب البعض ان هناك سفاحاً أمريكياً قتل العراقيين بالجملة ثم كرمته بلاده بأرفع الأوسمة. وللذين يستغربون ذلك أقول لهم ان رئيس جمهورية العراق الحالي جلال الطالباني قام أيضاً بتكريم ذلك الجندي السفاح بمنحه "ميدالية الوفاء" التي تم توزيعها علي جميع من شارك في عملية احتلال العراق وتدميره وقتل مليون ونصف مليون عراقي بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء والشيوخ. وأنا أتحدث هنا عن السفاح والقناص الامريكي كريس كيل الذي اعترف في الكتاب الذي أصدره مؤخراً وعنوانه "قناص أمريكي". (ثم كرر الاعتراف بالصوت والصورة) بانه قَتل في بغداد والفلوجة والناصرية 260 عراقياً أبرياء لمجرد القتل والتلذذ بالقتل. وكل الضحايا من المدنيين العزل الذين كانوا في طريقهم الي أعمالهم أو الاسواق أو أطفالاً كانوا يلعبون أمام منازلهم! لقد تحدث هذا المجرم كريس كيل بمنتهي الوضوح والصراحة عن إطفاء غريزته الوحشية باختيار ضحاياه والانقضاض عليهم، وكيف كان يزهق أرواحهم الواحدة بعد الأخري. حتي قتل منهم 260 عراقيا في غضون بضعة أشهر. وسارعت وسائل الإعلام الأوربية بعرض الأفلام واللقطات التي تؤكد مصداقية ما قاله هذا المجرم عن قوافل الضحايا الذين سقطوا في العراق ببندقية هذا القاتل المحترف، في حين تغافلت عنه فضائيات الحكومة العراقية الحالية وكأن شيئاً لم يكن، فأرواح العراقيين لديها لا تساوي رأس فجل! واستقبلت أمريكا هذا المجرم استقبال الفرسان! ومنحته أرفع الأوسمة العسكرية، وسمحت له بتوثيق جرائمه وتدوينها في كتاب قال كريس فيه انه لم يكن ينظر إلي الضحايا بوصفهم بشراً، لكنه كان يتعامل معهم كمخلوقات عدوانية تستحق القتل! وقال انه عندما كان يقتل شخصا ويسقطه أرضا، كان بحاجة لمن يشهد معه ليؤكد مصداقية ما سيقوله لقائد السرية التي ينتمي إليها. وكان يتعين عليه أن يحدد الزمان والمكان والبندقية المستعملة والمسافة التي أطلق منها النار وما الذي كان يرتديه الضحية وماذا كان يعمل قبل سقوطه علي الأرض. من هذا المنظور الإجرامي اعترفت له وزارة الدفاع الامريكية رسميا بقتل 160 عراقيا.. إضافة إلي 100 ضحية اعترفت بها لاحقا. وقال تعقيبا علي تسجيله للرقم القياسي في عدد الضحايا: "الرقم ليس مهما بالنسبة لي.. أنا فقط أتمني لو قتلت المزيد منهم!" أما أول ضحاياه فكانت امرأة متوسطة العمر من قري مدينة الناصرية، جنوبي العراق ذات الاكثرية الشيعية، أطلق عليها النار فأرداها قتيلة في الحال. وقتل معها طفلها الرضيع الذي كانت تحمله لمجرد انه ظن أنها كانت تخبئ قنبلة يدوية تحت عباءتها السوداء. وتبين فيما بعد إنها كانت تحمل إناء صغيرا لجلب الماء بعد انقطاعه عن الحي. وكانت تسير علي الرصيف حين صادف أن مرت بها قافلة عسكرية أمريكية مشئومة متوجهة إلي بغداد، فخاف منها كريس وأطلق عليها النار فقتلها علي الفور مع طفلها الرضيع. طرحت مؤسسة وليام مورو كتاب هذا المجرم الدموي في الأسبوع الأول من شهر يناير (كانون الثاني الماضي) ليكون واحداً من الكتب الحائزة علي أعلي نسبة مبيعات في عموم الولاياتالامريكية، فالشعب الامريكي عموماً مغرم بقصص القتلة والمجرمين وأفلامهم الدموية. يتساءل الكاتب الأمريكي كاب فولتون في معرض نقده للكتاب فيقول: هل يحق للجيش الأمريكي أن يصهر مفهوم الشجاعة بحيث يجعله يتمدد ليشمل الذين قتلوا الناس من مسافات بعيدة؟. وهل كانت بندقية هذا المجرم مجهزة بحواس تستشعر الاعداء وتتعرف عليهم في الظلام الدامس؟. وهل كانت البندقية مصنوعة من رقائق الكترونية مصممة لتحليل حوامضهم الامينية بالريموت كونترول بحيث تكون قادرة علي فرز الاعداء وتشخيصهم وسط الزحام؟ وهل أصبح أفراد الجيش الأمريكي فوق الشبهات بحيث لا يرتكبون الأخطاء؟ وقال له المذيع الامريكي عند تحاوره مع هذا السفاح في ستوديوهات "فوكس نيوز": أنت عبارة عن وحش هائج.. مُشفر لقتل الناس.. وتعمل بلا ضمير. ضمير؟.. لقد مات الضمير منذ زمان.