لا أعرف من الذي نصح مبارك، بكل هذه النصائح العاطفية، وكل أشكال الاستعطاف والابتزاز الجماهيري للحصول علي التعاطف معه.. قبل التنحي قدم مبارك خطابا عاطفيا الي الشعب المصري تمني فيه الموت علي أرض مصر، وبالفعل استمال الخطاب الكثيرين لولا جمعة الغضب التي أعقبت الخطاب، ولولا معركة الجمل، التي أنهت كل خطاب عاطفي، أو غير عاطفي.. وفي المحاكمة، شاهدنا مبارك ممددا علي سرير طبي داخل القفص، المفاجأة وقوة الحدث غيرالمتوقع، أحدثت هزة عاطفية، قدراً من التعاطف لدي البعض، بينما شعر البعض الآخر بالضيق والاستياء لتلك الصورة التي ارتضاها رجل عسكري لنفسه، وسرعان ما تحول الأمر الي (شكوكو بقزازة) تحول مبارك علي السرير الطبي، الي نموذج مجسم ومصغر داخل قفص، يعرض في ميدان التحرير..! وقبل يومين، قبل أن تحجز القضية للحكم، اختار مبارك أن يكون شاعرا،قدم بيانا إنشائيا عما قدمه لمصر طوال 30 عاما، والتضحيات التي قام بها، وأختتم الرسالة ببيت أمير الشعراء (بلادي وإن جارت علي عزيزة.. وأهلي وإن ضنوا علي كرام)..!! أن يكون مبارك شاعرا، اختيار بالتأكيد أفضل وأرقي، لولا أن مبارك لا يليق بالشعر، ولا يليق بالعاطفة، فالرئيس الذي كان يطلب من ضباط الحرس بمنزله، الارتماء علي الارض ليلاعب أطفاله.. الرئيس الذي كان يضرب (بالشلاليت) رجاله، ولا يتواني عن السب بالأم قبل الأب لوزرائه، فجأة يعرف أحمد شوقي ويستعين بقصائده.. ليس بإمكان مبارك أن يكون شاعرا، وليس بإمكانه أن يكون عاطفيا.. والأهم ليس بإمكانه أن يخدع المصريين مرة أخري.