جمال الغىطانى منذ ثلاثة أعوام وصلت بحرا إلي تونس علي ظهر سفينة فرنسية أبحرت من مالطا. علي ظهرها عدد من الادباء العرب والفرنسيين، وكانت محطتها الأخيرة بيروت حيث يقام معرض الكتاب السنوي وهو حدث كبير في لبنان، نزلنا في ميناء حلق الواد، خرجنا بعد اجراءات أمنية مشددة، كان احد اسباب ترددي في السفر الي تونس مداخلها وما يحيط بها من اجراءات أمنية تفوق أشد البلاد الاشتراكية تشددا المانياالشرقية حيث يتحكم في البلاد جهاز أمني قاس ومدرب، بالصدفة كان اليوم مخصصا للانتخابات الرئاسية، فوجئنا بكم هائل من الصور لزين العابدين الذي كان يشبه الرئيس المصري السابق إلي حد كبير، القوام، صباغة الشعر، الملامح، كانت صورة كبيرة الحجم، يضع يديه أمام صدره في وضع تميز به، والي جواره ثلاث صور صغيرة الحجم لمرشحين آخرين. الطريف انهم كانوا يتطلعون باتجاهه وفي عيونهم رعب، طبعا تمثيلية مكررة في الاقطار العربية ومنها مصر تم وضع حد لها مع ثورة تونس وثورة مصر ثم ليبيا وبعد حين سوريا بإذن الله. كنت اعرف أوضاع تونس من خلال ما اقرأه وعبر الاصدقاء الذين التقيهم في المؤتمرات العالمية ومنهم المنصف المرزوقي وهو روائي قبل أن يكون سياسيا معارضا وقد تعرفت عليه منذ حوالي خمسة عشر عاما في كوبنهاجن، اما مصدري عن الاحوال فهو صديق حميم يقيم في باريس، أخي فيصل مرزوق، اهداني كتابا عن ليلي الطرابلسي بالفرنسية منذ سنوات، قرأته لي زوجتي وهالني ما ورد فيه خاصة تشابه الأوضاع مع مصر، فيصل من اعز اصدقائي في العالم، صداقة لذاتها، التقيت والده أحد رموز الحركة الوطنية في تونس، حسن مرزوق، حارب من أجل فلسطين، وسجن في عهد بورقيبة، وإلي جانب تربيته العسكرية كان له دور ثقافي مهم في منطقة الجنوب حيث المدينة العريقة قابس، ليلة رأس السنة صعدت روحه إلي بارئها، وإذا كان واجب العزاء قد فاتني، فإنني أسافر إلي تونسالجديدة، العريقة الملهمة، لاشارك في اربعينيته وأواسي صديقا وعزيزا وألقي الاحباب.