مما لا شك فيه أن مصر تعاني الآن من مشكلات اقتصادية خطيرة مما يستلزم أن يكون للاقتصاد الأولوية في هذه الظروف وأعتقد أن الاقتصاد من الأهمية والأثر بحيث لا يترك فقط للاقتصاديين... من هذا المنطلق أقدم اليوم باختصار رؤية هامة للشيخ محمد الغزالي رحمه الله حول المرجعية الإسلامية للأوضاع الاقتصادية وهذا كتاب صدر عام 1947 وأعيد طباعته مع مقدمة جديدة للشيخ عام 2005 ويمكن إيجاز أهم أفكار الكتاب في الآتي: أولاً: أن الاقتصاد الإسلامي يرفض الشيوعية لأنها تنكر الدين وتحسبه مخدرا للشعوب، ويرفض الرأسمالية لأنها احتقرت الدين واستخدمته في إشباع المطامع الجشعة وزيادة الفوارق بين الطبقات مما يعيق نهضة الأغلبية (ص17)، كما أن الرأسمالية تستغل الدين لتجويع الشعوب وهذا هو أقبح أشكال الإلحاد (ص36). ثانياً: الاقتصاد الإسلامي يقوم علي التوازن بين الحقوق والواجبات والواجبات تسبق الحقوق وهذا يعني الموازنة بين الملكية العامة وهي حق للمجتمع والملكية الخاصة وهي حق للفرد علي أن لا يترك الأثرياء يطغون ويعبثون بأموال الأمة (ص10). ثالثاً: الاقتصاد الإسلامي يسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال خطوات محددة وضحها الشيخ الغزالي في الآتي: تأميم المرافق العامة وجعل الأمة هي المالكة الأولي لمواردها وإقصاء الشركات المحتكرة لخيرات الأمة سواء كانت أجنبية أو وطنية. تحديد الملكيات الزراعية الكبري وتكوين طبقة من صغار الزراع. تحديد الملكيات غير الزراعية الكبري وفرض ضرائب علي رؤوس الأموال الكبري. استرداد الأملاك التي أخذها الأجانب وإعادتها إلي أبناء البلاد. تحريم تملك الأراضي المصرية علي الأجنبي تحريماً مؤبداً. فرض ضرائب تصاعدية علي التركات. ربط أجور العمال بأرباح المؤسسات التي يعملون بها. (ص182) وأخيراً علي الدولة الإسلامية أن تحقق كل ما سبق مهما كانت العوائق اقتصادية أو سياسية حتي لو لم يبق لكل فرد من الشعب إلا قوته الضروري لما جاز أن تتراجع الدولة عن تنفيذ ذلك البرنامج، فمن حق الدولة أن تفرض ما تشاء من ضرائب أو قيود من أجل حماية الشعب وكيان الأمة (ص183). هذا هو ملخص كتاب الشيخ الغزالي وفي ضوء هذه الفلسفة سنتناول بمشيئة الله مطالب الثورة من برلمان الثورة الجديد وهو قادر بمشيئة الله تعالي علي تحقيقها لتحقيق العدل والعدالة الاجتماعية فالعدل هو شريعة المولي سبحانه وتعالي ... وللحديث بقية.