ب »طلوع الروح« وافق أخيراً عبدالله صالح علي ترك الحكم في اليمن لنائبه ولفترة انتقالية لحين إجراء انتخابات البرلمان وتختار الأغلبية رئيساً جديداً أو تتمسك بالرئيس الانتقالي ليصبح منتخباً لفترة كاملة أو لفترات متوالية مثل سلفه. بشار الأسد أعلن منذ البداية أنه ليس بن علي ولا مبارك حتي يجبر مثلهما علي التنحي عن موقعه. ووضح أن بشار اختار دون إعلان السير علي خطي القذافي وبن صالح في قمع الثوار وقتل المتظاهرين واعتقال المعارضين. وهو الطريق الذي انتهي بالنسبة للقذافي بالقبض عليه داخل ماسورة مياه والاعتداء عليه بالضرب حتي الموت، أما بالنسبة لعبدالله صالح فقد كاد أن يفقد حياته في انفجار عنيف داخل المسجد الملحق بقصره أثناء صلاة الجمعة، واضطر بعدها إلي قبول المبادرة الخليجية وسلم سلطاته لنائبه وطار إلي الولاياتالمتحدة لمواصلة علاجه مما أصابه من حروق وكسور. بشار الأسد مازال يواصل نفس المسيرة، متجاهلاً نهايتها المنتظرة علي الطريقة الليبية أو الطريقة اليمنية. فهو كما يردد ليس مثل القذافي ولا مثل صالح، وشعبه السوري الوفي ليس بجحود الليبيين ولا بسذاجة اليمنيين! أما الذين يلتفون حول بشار وربطوا مصيرهم بمصيره فقد وضعوا العديد من الخيارات لحماية رئيسهم وحماية أنفسهم قبله مع اقتراب مسيرة القمع والقتل الجماعي من نهايتها المحتومة. الخيار الأفضل في رأي الملتفين حول بشار هو مغادرة البلاد واللجوء إلي دولة من الدول الصديقة القليلة، التي تحدثنا عنها من قبل وآخرها روسيا التي مازالت حتي كتابة هذه السطور تدعم بشار وتؤكد أنها لم ولن توافق علي أي قرار يتوصل إليه المجتمع الدولي ويمس بسيادة نظام الأسد علي أرضه وشعبه! وما يقوله الروس يترك عادة للتمني. فالذي يصرحون به علناً ليس مطابقاً بالضرورة لما يرددونه فيما بينهم. ففي الوقت الذي تؤكد روسيا دعمها لبشار الأسد نراها تنصت إذا صدّقنا ما نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية إلي المبعوث السوري الذي زار موسكو سراً، لبحث ترتيبات لجوء آل الأسد إلي روسيا كمنفي دائم وآمن. ومع الترحيب الظاهري الروسي باستقبال الديكتاتور السوري، يتردد اعتراض في الكرملين علي هذا الاستقبال حتي لا تفقد روسيا نفوذها القديم والتقليدي في سوريا مع تولي المعارضة الحكم. المعترضون علي استقبال الأسد في بلادهم لا يمانعون في الوقت نفسه استقباله بشرط نقل السلطة في دمشق إلي نائبه فاروق الشرع. فالشرع هو الحليف القوي لبشار، والأهم أنه من السنة التي يعتنقها معظم السوريين، مما يخفف حدة التوتر في الشارع السوري الذي عاني خلال أكثر من نصف قرن من حكم الأقلية العلوية ودعم من الشيعة الموالية لإيران.. وبذلك وحده تطمئن روسيا علي استمرار تمتعها بنفوذها الدائم في سوريا. شهرة الروس بتصريحاتها المتناقضة ومواقفها المتغيرة ليست خافية علي أنصارها في سوريا. فهم يتوقعون منها شيئاً فتفاجئهم بشيء آخر. فمثلاً.. كل ما تقوله موسكو عن الأزمة السورية يصب في صالح استمرارية نظام الأسد، وحتي إذا أجبر بشار علي مغادرة دمشق وأبواب موسكو مفتوحة لاستقباله. رغم كل هذا الحب، والدعم، والكرم الزائد.. إلاّ أن أنصاره يتخوفون مما قد يحدث غداً، أو بعد غد. فروسيا من بين الدول التي وقعت علي اتفاقية روما بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وهذا يعني أنه في حال إصدار مذكرة بضبط وإحضار الديكتاتور بشار الأسد فالمتوقع إلتزام كل دولة من الدول الموقعة علي اتفاقية روما 120دولة بتسليم بشار إذا عثرت عليه في أرضها. وروسيا كما قلت وقعت علي الاتفاقية الدولية لكنها لم توثق توقيعها حتي الآن، فهل معني ذلك أنها لن تسلم بشار إذا لجأ إليها؟!