الحضور الجماهيري الواسع في جميع الميادين بطول البلاد وعرضها بمرور عام علي ثورة الخامس والعشرين من يناير، كان تعبيراً واضحا وصحيحا علي الالتفاف الجمعي الشامل حول الثورة، التي آمن بها الشعب، ووجد فيها الوسيلة والغاية لتلبية أمانيه وطموحاته، في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، في دولة ديمقراطية حديثة، تقوم علي سيادة القانون، وحقوق الانسان، والمساواة بين جميع المواطنين، في الحقوق والواجبات، علي أساس المواطنة. واحتفاء الشعب بالثورة، كان ولا يزال واجباً وضرورة، رغم بعض النداءات والرؤي التي نادت بغير ذلك وطالبت بثورة أخري، متعللة بأن شيئاً من أهداف الثورة لم يتحقق حتي الآن رغم مرور عام، وأن الأمر يحتاج الي ثورة ثانية لتحقيق الأهداف، وتأكيد المسيرة وتجديد العهد والالتزام. وإذا ما تأملنا في هذا القول في ضوء القراءة الموضوعية للواقع الذي نحن فيه الآن مقارنة بما كان موجوداً وقائماً قبل عام مضي، واضعين في اعتبارنا قدر المتغيرات التي حدثت، وأصبحت حقيقية مؤكدة علي الأرض، لوجدنا أن هذا الرأي، وتلك الرؤية مغالي فيها كثيراً بل تكاد أن تكون غير صحيحة بالمرة، حيث تم خلع الرئيس السابق، وتجري محاكمته الآن بالفعل، هو والعديد من رموز النظام، وصفه الأول، وتهاوت بالفعل كل أركان النظام، وانهار الحزب الوطني، وتبعثرت اشلاؤه، واندثرت بقاياه، وتم حل مجلس الشعب الذي كان صورياً، وجاء بالتزوير، وكذلك مجلس الشوري، كما تم حل المجالس المحلية، وتم تفكيك مباحث أمن الدولة، ويجري الآن إعادة هيكلة شاملة لوزارة الداخلية بالاضافة الي اعادة بناء لكافة مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية. ليس هذا فقط، بل وجرت انتخابات مجلس الشعب الجديد، الذي هو برلمان الثورة، في أول انتخابات حرة ونزيهة وشفافة تشهدها البلاد منذ سنوات وسنوات،..، وتم الغاء حالة الطورايْ، والعجلة تسير الآن لإتمام انتخبات الشوري، وتشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة بإعداد الدستور الجديد للبلاد، كي يكون دستور الثورة المصرية، المعبر عن رؤي وطموحات وآمال كل الشعب، بكل فئاته، والضامن لحقوقه وحرياته الأساسية، والمنظم لسبل حياته، والمحدد للعلاقة بين كافة السلطات،..، وصولا الي المحطة الأخيرة بانتخابات رئيس الجمهورية، وتوليه سلطاته الكاملة في يونيو القادم بإذن الله. وقي ضوء ذلك، نجد أن هناك ما تحقق بالفعل خلال العام الذي انقضي بين الخامس والعشرين من يناير الماضي، والخامس والعشرين من يناير الحالي،..، ونجد في ذات الوقت هذا الذي تحقق ليس قليلاً علي الإطلاق، رغم تفهمنا لرؤية البعض ممن يرون أنه كان ممكناً أن يتحقق ما هو أكثر . وفي ضوء ذلك أيضاً، نجد أن القول بأن شيئاً لم يتحقق من أهذاف الثورة هو قول غير صحيح،..، أو علي أقل تقدير قول فيه مغالاة، ومبالغة كبيرة، بل وتجن علي الواقع.