الأحزاب السياسية الموجودة في انحاء العالم، لم تنشأ من فراغ.. ولم تخرج الي النور بقرار.. واي حزب من الاحزاب السياسية يسعي الي التفاف الجماهير حوله، يبدأ بالتقاء مجموعة من الافراد حول فكرة، تتم بعد ذلك بلورتها وصياغتها لتصبح هدفا.. وعندما تتحدد ملامح الهدف ويصبح واضح المعالم، يبدأ النضال، والكفاح، والعمل الدءوب، ليخرج الحزب بعد ذلك الي الوجود ويصبح مؤهلا لقيادة الشعب الي تحقيق اهدافه واحلامه، وبناء دولته علي اسس راسخة. وقبل قيام ثورة جمال عبدالناصر في عام 2591 كانت في مصر احزاب افرزها نضال مرير ضد الاستعمار والاحتلال، وقادها رجال متحمسون حولهم الشعب بعد ذلك الي زعماء.. وكان لكل حزب من الاحزاب ايديولوجيته.. وجماهيره التي تلتف حوله.. وعندما ادرك عبدالناصر ان زعماء تلك الاحزاب سوف يعرقلون مسيرته بالديمقراطية التي يحملون ألويتها وشعاراتها، أصدر قراره التاريخي بحل جميع الاحزاب ليجلس وحده علي القمة!! اصبحت مصر بلا احزاب، وبلا قيادات شعبية، وبلا زعماء خرجوا من ارحام الجماهير.. وعندما حاول عبدالناصر ان يسبغ علي نظامه مسحة من الديمقراطية، أنشاء »هيئة التحرير« لتكون تنظيما شعبيا يساند الحاكم لكنها تحولت الي تجمعات انتهازية متناحرة، فأصدر قرارا بحلها، وأنشأ ما اسماه »الاتحاد القومي«.. ثم حلّه لاقامة »الاتحاد الاشتراكي« ليكون حزبا سياسيا وحيدا. ورحل جمال عبدالناصر، واصبح محمد انور السادات رئيسا.. وعندما تآمرت عليه قيادات الاتحاد الاشتراكي، حلّه، وانشأ ما يسمي ب »المنابر« التي تحولت بقرارات الي احزاب، ثم نشأت احزاب بأحكام قضائية مثل حزب »الوفد الجديد« و»الأمة«.. ثم هوجة الاحزاب التي لا حول لها ولا قوة. واصبح في مصر احزاب سياسية من ورق.. لانها نشأت بقرارات، ولم تخرج من رحم الجماهير.. ولذلك هي احزاب فاشلة.. والدليل علي ذلك ما اسفرت عنه الانتخابات!