مصر هبة النيل.. هذا ما قاله هيرودوت.. وهذا ما سجله تاريخ الحضارة المصرية القديمة، حيث قامت حضارة المصريين القدماء علي ضفاف النيل.. واستمرت علي مدي سبعة آلاف سنة كواحدة من أقدم وأعرق حضارات العالم. والآن. يحاول البعض أن يسلب تلك الحضارة أهم أسباب قوتها وأن يتحكم في حصة مصر من مياه النيل. وزراء الري في دول حوض النيل وعددهم تسع دول.. اجتمعوا الشهر الماضي في مدينة شرم الشيخ، وانتهي الاجتماع إلي لا شيء، ثم عاودوا الاجتماع في مدينة عنتيبي بأوغندا وتم فسخ اتفاقية جديدة دون حضور مصر والسودان.. أربع دول من التسع هم الذين وافقوا علي توقيع الاتفاقية هي: تنزانيا وأوغندا ورواندا وإثيوبيا ولا تزال كينيا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية تفكر في الأمر، فالاتفاقية مفتوحة لمدة عام للتوقيع عليها. إنه يوم الجمعة الحزين 41 مايو 0102 يوم كتبت أول كلمة في اتفاق غير عادل، يتجاهل الحقوق التاريخية لدولتين من دول حوض النيل.. مصر والسودان ويغمض عينيه عن اتفاقيات قديمة حددت علاقة دول حوض النيل ببعضها فيما يتعلق بتقاسم مياه النيل، اتفاقية 9291 واتفاقية 9591 . وكانت اتفاقية 9591 تمنح مصر حصة قدرها 5.55 مليار متر مكعب من مياه النهر كما تمنح القاهرة حق الفيتو فيما يتعلق بكل الأعمال أو الإنشاءات التي يمكن أن تؤثر علي حصتها من مياه النهر والتي تمثل 09٪ من احتياجاتها المائية. هناك اعتراض الآن من إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا وكينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية علي هذا التوزيع وقد انتهي اجتماع شرم الشيخ الشهر الماضي بخلاف معلن بين مصر والسودان من جهة والدول الأفريقية السبع الأخري من جهة ثانية، الموقف حساس وخطر لا يحتمل الانتظار ولا يتطلب التسرع فالدول المانحة تؤيد حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، لذلك فهي لن تقوم بتمويل مشروعات السدود في تلك البلدان دون موافقة مصر والسودان. وإسرائيل تمارس لعبتها الخفية في جلب المستثمرين لتلك البلدان حتي تنشئ مشروعاتها العملاقة علي مياه النيل.. ومصر والسودان ترفضان الاتفاقية المزعومة التي تمت في غيابهما!. لقد شعرت بشيء من الطمأنينة عندما سمعت تصريح الدكتور مفيد شهاب عقب إعلان الاتفاقية حيث وصفها بأنها خطوة خاطئة ما كان يجب أن تتم وأن التوقيع من أربع دول ليس نهاية المطاف. وكذلك قال د. شهاب بكل وضوح إن مصر تتمسك بحقوقها التاريخية والثابتة طبقا للاتفاقيات التي أبرمتها مع دول المنبع، وأضاف: يجب أن يكون لدينا السند القانوني لإثبات حقنا في مياه النيل. عند هذه الجملة التي قالها د. شهاب بحسم تنفست الصعداء فهذا الرجل استطاع من قبل أن يكسب قضية التحكيم الدولي بشأن طابا، ونجح في أن يثبت حقنا التاريخي في هذه الأرض. لذلك لن يكون صعبا عليه أن يخوض معركة إثبات حقنا التاريخي في مياه النيل العظيم.. إنها معركتك يا د. شهاب.. تقدم!