الإحصاء: 17.3% انخفاض فى قيمة صادرات الأثاث خلال يوليو 2024    مجلس النواب يوافق على قرار الرئيس بزيادة رأس المال في مؤسسة التمويل الدولية IFC    نقيب الصحفيين: نتفاوض مع صندوق الإسكان الاجتماعي بشأن تقديم تسهيلات في الطروحات المقبلة    محافظ أسيوط: حملات تموينية على قطاع المخابز وتحرير 54 محضرا بمركز ديروط    مبعوث أمريكي يلتقي رئيس البرلمان اللبناني في بيروت.. وإسرائيل تسلم واشنطن وثيقة لإنهاء الحرب    تعرف على مباريات الأهلي والزمالك في الدوري المصري للسيدات    بيتكوين ترتفع إلى أعلى مستوياتها في 3 أشهر    جهاز تنمية المشروعات يوقع عقداً مع شركة كريديت بقيمة 50 مليون جنيه    تفاصيل ما حدث.. سبب عقوبة الأهلي القاسية ضد كهربا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعرف عن التصوف (5) 00!!؟    غدا.. آخر موعد للتقديم في مسابقة الأزهر السنوية للقرآن الكريم    «وزير التموين» يستعرض خطة تحقيق الأمن الغذائي طبقا لتوجيهات الرئيس    هيئة الاستثمار تبحث مع وفد اقتصادي من هونج كونج فرص الاستثمار بمصر    20 صورة ترصد جولة رئيس الوزراء في عدد من مدارس كرداسة اليوم    جامعة سوهاج تكرم الناجحين في برنامج إعداد المدربين المعتمدين    إيران: سنواصل التنسيق لوقف التوتر المنطقة    وزير الخارجية يدين التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان    الخارجية اللبنانية تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مراكز اليونيفيل    وزير الدفاع الأمريكي يصل كييف لمناقشة طلب أوكرانيا الانضمام للناتو    النواب يوافق على 9 اختصاصات للمجلس الوطني للتعليم    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    كشف ملابسات تداول مقطع فيديو يتضمن تضرر فتاة من تعدى سائق عليها ورفقائها بالسب والشتم بكفر الشيخ    حملات أمنية مكثفة لمواجهة أشكال الخروج على القانون كافة    الحرارة 35 بهذه المناطق.. توقعات طقس الساعات القادمة    ضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة المصدر بحملة تموينية مكبرة بالقليوبية    إصابة مواطن خلال عبوره مزلقان سكة حديد في قنا    "ولع في التروسيكل".. عامل ينتقم من آخر بسبب خلافات بالمنوفية    مهرجان أسوان.. الثقافة تقيم حفلين في "أبو سمبل" ب ليلة تعامد الشمس    انطلاق مهرجان «أكتوبر العزة والكرامة» بجامعة القناة (صور)    زراعة المنوفية: توزيع 54 ألف طن أسمدة على المزارعين    شاهد.. حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر (صور)    فيتامينات مهمة قدميها لطفلك كمكمل غذائي حفاظا على صحته    موعد مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري    ناقد رياضي: على «كهربا» البحث عن ناد آخر غير الأهلي    حدثوا التابلت ضروري.. تنبيه عاجل من المدارس لطلاب 2 ثانوي    وزير الشباب والرياضة يفتتح بطولة العالم للبادل بالمتحف المصري الكبير    ايرادات السينما أمس .. أكس مراتي وعاشق وبنسيون دلال يتصدرون    الأمريكي صاحب فيديو كلب الهرم: تجربة الطائرة الشراعية في مصر مبهرة    أبرز لقطات حفل عمر خيرت بمهرجان الموسيقي العربية.. تقديم الصوليست أميرة علي    متحف كفر الشيخ ينظم دورة تدريبية لتعليم اللغة المصرية القديمة    بالفيديو.. وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ "حديقة تلال الفسطاط" بقلب القاهرة التاريخية    في ذكرى ميلاد حسن الأسمر أيقونة الطرب الشعبي.. تعرف على أبرز المحطات في حياته    ضربات روسية على خاركيف.. ووزير الدفاع الأمريكي في كييف للمرة الرابعة    محفوظ مرزوق: عيد القوات البحرية المصرية يوافق ذكرى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات»    بدء الجلسة العامة لمجلس النواب للاستماع إلي بيان وزير التموين    بينيا: قدمنا مباراة رائعة أمام إشبيلية.. وخبرة تشيزني كبيرة    أهداف المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية.. خبير يوضح    الرعاية الصحية: الوصول بالتغطية الصحية الشاملة ل20 مليون مواطن عام 2026    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    منها مواليد برج العقرب والقوس والجوزاء.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 على الصعيد المالي    وزير العمل: الحكومة حريصة على صدور قانون العمل في أسرع وقت ممكن    إطلاق رشقة صواريخ من لبنان    كولر: مواجهة الزمالك في نهائي السوبر المصري فرصة لرد الاعتبار    وزير الصحة اليوناني يشيد بجهود الدولة المصرية للنهوض بالمنظومة الطبية    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    حسام البدري: الزمالك عانى أمام بيراميدز.. ومصطفى شلبي لم يقدم أي إضافة للأبيض    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي .. خارج ديوان الشعر.. يقول صراحة:
أعتب علي الدكتور الجنزوري لأنه لم يخترني في التشكيل الوزاري! نحن نعيش فترة فارقة ..تحاصرنا فيها جيوش الظلام المثقفون المصريون إذا ما اتحدوا.. أصبحوا أقوي حزب في الشارع
نشر في الأخبار يوم 18 - 12 - 2011

حالة من القلق لاحظنا أن شاعرنا الكبير عبدالرحمن الأبنودي يعيشها في هذه الأيام.. ولكنها لحظات قلق مشوبة بالأمل. حكايات ومواقف وموضوعات وكلمات كثيرة أخذ يتابعها علي مدي الايام والأشهر القليلة القادمة من أجل الوقوف علي الحالة التي أصبحنا نعيشها، وهو بعيد كل البعد عن حالات الشعر.. إلا عندما يهاجمه شيطان الشعر ويطرق أبوابه.. عندئذ يفتح له ويستقبله بالأوراق والأقلام التي ينثرها هنا وهناك استعدادا لتلقي وحي الكلمات والتي يحولها الي قصائد تعبر عما يدور بداخله سواء من قلق أو جد أو حب أو أشياء أخري كثيرة.. وعندما تكتمل لديه القصيدة يصبح في عيد كبير أو صغير، ومن ثم يدعو أصدقاءه وأحباءه للاحتفال معه في هذه المناسبة. وما هي إلا لحظات حتي تتحول كلمات قصيدته الجديدة الي عقد اجتماعي يسعي الجميع للتوقيع عليه. وقد كثرت وتعددت وسائل هذا التوقيع في أيامنا هذه مما ساعد وساهم في سرعة الانتشار. ناهيك عما تردده الألسنة هنا وهناك. المهم أنني عندما ذهبت اليه هناك حاولت الوقوف علي بعض أو كل ما يدور في ذهنه وصدره وحتي أحاسيسه من أجل أن أنقلها فوق أوراقي هذه.. فربما أساهم في خروجه من حالة القلق هذه.. وأعيش معه في نفس اللحظة.. حلم التفاؤل الذي دائما ما يرفرف بأجنحته علي نوافذه المفتوحة ليل نهار.. والرحلة تبدأ مع شاعرنا الكبير عبدالرحمن الأبنودي بكلمات أراها مفتاحي السحري للوصول الي عالمه الخاص، مع إجتهاد من جانبي باختيار الموضوعات التي تدور في فلكها كل الاسئلة التي أراها تتراقص فوق كل الشفاة.. وبعد ساعة أو أكثر أخرج بحوار ممتع تتنوع موضوعاته من تنوع اسئلته.. ولاشك أن التفاصيل القادمة سوف تؤكد ذلك. فإليكم هذه التفاصيل.
كالعادة عندما أري الدنيا وقد ضاقت من وقع ما بها من أحداث آتي الي هنا فأجدها وقد اتسعت.. ومن دون أن أسأل عبدالرحمن الأبنودي صاحب هذه الدنيا عن السبب .. وقد فضلت أن أسأله سؤالا آخر.. يرتبط بتوجيه رسالة الي الدكتور كمال الجنزوري. فقلت له ما هي فحوي هذه الرسالة؟!
أولا أنا عاتب علي الدكتور الجنزوري وهو صديق وبيننا حوار دائم.. لأنه لم يكلفني بحقيبة وزارية.. من أجل أن أعتذر مثل الذين اعتذروا قبلي من الاصدقاء. لقد حرمني من هذا المنصب الشفهي والذي كنت لن أقبله، بل وأعتذر عنه.
رسالة المثقفين
وماذا عن الواقع الثقافي الذي كنت تريد أن تحدثني عنه؟
أنا أريد أن أغمض عيني عن بعض ما أراه في الواقع السياسي والثقافي في مصر واللحظة الراهنة من أجل أن أقدم رسالة للمثقفين المصريين وهم القادة الحقيقيون للوعي في هذا البلد.
اليوم فقط؟!
دائما وأبدا لأنني أعتبر المثقف هو عيون شعبه وراداره. وأنا أعتقد أنه قد آن الأوان للتوحد فليس من المعقول أن أري هذا الخلاف بيننا في الآراء وكأننا علي مقاه.. إنه يجب أن تتحد أيادينا ووعينا وأقوالنا، وأن نسهم في قيادة هذه الفترة الخطيرة جدا. فالعاقبة كما تري. ونحن لا نريد أن ينساق مجتمعنا الي هاوية نظل نندب عليها طويلا ونبكي علي اللبن المسكوب.
وكيف يمكن تحقيق هذا التوحد الذي تسعي الي تحقيقه والدعوة له؟!
أولا.. هذا التوحد سهل التحقيق لأننا جميعا علي أرضية واحدة وهي أرضية حب الوطن والخوف عليه.. وبالتالي فالأرضية جاهزة. إننا بالفعل علي علاقة حميمة وقوية سواء التقينا أم لم نلتق لأنني أقرأ لهذا في الصباح وذاك في المساء. إننا نسير علي أرض واحدة ولكن ليس بيننا رابط قوي ولا نشكل قوة حقيقية من الممكن أن تتحول الي قوة ضاربة لكل ما يخيم علي مجتمعنا ويعطل خطوات هذا الوطن ويتربص به. وعايز أقولك اننا بالفعل قد بدأنا هذا المشوار مع بدء حياتنا الثقافية. إننا لم نتخل عن الوطن يوما ما.. وأنا واحد من هؤلاء المثقفين حيث تبدأ رحلتي بأول كلمة كتبتها والي الآن.. إنها رحلة واحدة بتشرنق حقيقي ونتمني لهذا الوطن أفضل ما يستحقه إنسان مثل الانسان المصري. هذا الانسان ذو النوعية الفريدة في الدنيا من حيث نبله وأصالته وبالتالي فهو شخصية متحضرة وبالتالي لا يجب أن نقف كهذا مكتوفي الأيدي بعد أن قام هذا الشعب بأعظم ثورة في زمننا المعاصر ثم هذه الثورة التي تسرق وتفر من بين يديه. وتتسرب مثل الماء في الغربال ونحن واقفون ننعي أو نحاور بعضنا البعض. إنني أعود وأقول لك إننا كمثقفين بوحدتنا نصبح أقوي حزب في مصر. لأننا أقدم من كل هذه الأحزاب. إننا حزب الثقافة والابداع.. هذا الحزب الذي قدم إلينا منذ كنا أيام الفراعنة. ليس ذلك فقط، بل علينا أن نلعب الدور الذي نستحقه والمنتظر منا لخدمة هذه الأمة.
من المؤكد أنك تخاف من شيء ما تراه في الأفق.. وجعلك تدعو الي هذا التوحد.. فما هو هذا الشيء الذي يخيفك؟!
إن الثورة قد تعرضت لمؤامرة كبري.. وهذه المؤامرة شارك فيها الجميع. سواء بالفعل أو بالصمت. أو بالقول. وراح كل من قوي المجتمع تنهش وتأخذ جزءا من بدن هذه الثورة وتطير به. باعتباره كسبا خاصا لها. ودعني أصف لك ما حدث بالضبط حتي تتخيل معي ما سبق وقلته. إن شباب مصر نزل الي الميدان ببسالة لا سبيل لانكارها ومن قبل كان هؤلاء الشباب حين كانوا عشرة أفراد أو عشرين يشاركون في كل الاحتجاجات سواء وهم فوق سلالم نقابة الصحفيين أو في ميدان التحرير اذا ما مكنتهم السلطات السابقة من الوصول الي هناك. ثم يضربون وينزفون الدماء ثم يعودون ولم يفقدوا إيمانهم لحظة بهذا الوطن. وبإيمانهم بأنهم قادرون علي صنع وتغيير أحوال مصر الفاسدة والرجعية والقاسية جدا وشيئا فشيئا راح البدن يكبر. إلا أنهم حين نزلوا الي الميدان في المرة الأخيرة فوجئوا بأن الدنيا ثورة. هذه الثورة التي نبتت مثلما يفعل ماء النيل والذي يأتي الي البذرة فتنبت وتكبر وتثمر.
العواجيز
نريدك أن تكمل لنا رؤيتك السابقة عما ذكرته عن نهش هذه الثورة ومن وراءه؟! وكيف يتم ذلك؟!
بعد أيام اكتشفت القوي العجوزة في الواقع أن هذه الثورة علي العواجيز سوف تنتصر بمعزل عنهم. فقفزوا الي الميدان. ولا أنكر استبسالهم في موقعة الجمل. ولكن وبمجرد أن انكسرت قمة المسلة الفرعونية برئيسها ووزرائها ولصوصها. راحوا يقتسمون الغنائم وهم في ذلك يذكرونني بما حدث في غزوة أحد! حيث جرينا جميعا وراء الغنائم مما تسبب في التفتت والانقسام. ويساهم في دخول البلطجية وأصحاب المصالح من الحزب المنحل.
وهل تريد أن تقول إن السعي من جانب البعض لجني ثمار هذه الثورة كان هو الذي تسبب في وقوع أحداث ما تلا هذه الثورة؟
انتهازية السعي لخطف ما يمكن خطفه قبل أن يتمكن أصحاب الثورة الحقيقيون من مواصلة مشوار الثورة الي آخره والذي نراه الآن علي هيئة شرائح صغيرة سواء في ميدان التحرير أو أمام مجلس الوزراء. هذه اللوحة الحزينة جدا قد بدأت باختفاء الإخوان المسلمين وظهور السلفيين. وأنت تعرف أن الإخوان انضموا لهذه الثورة بعد أيام من اندلاعها.. ولما تأكدوا من نجاحها قفزوا الي قلبها ومهما كان زعمهم بغير ذلك. فهذه هي الحقيقة التي يعرفها التاريخ جيدا. انه بمجرد ان استقال الرئيس السابق وعصبته حتي وجدنا الإخوان يقفزون لاقتطاع اكبر جزء من بدن الثورة والغنيمة والفرار بها مديرين ظهرهم للثوار.. ثم خرجت علينا جحافل من يسمون بالسلفيين وغيرهم من الذين كانوا قد أدانوا الثورة وكفروها. كما كفروا الخروج علي الحاكم وكعادتهم ونحن كذلك مكفرون من قبلهم.
الحالة الاسلامية
وبماذا تشخص الحالة الاسلامية في هذه الظروف؟!
إنها الآن حالة سياسية.. والإسلام يلعب فيها دورا لتحقيق انتصار سياسي، وأظن أنهم يستشعرون حالة من الزهو الوقتي والذي نحس فيه نحن بحالة هي مزيج من الحيرة والبحث عن طرق للخروج بمصر مما تعانيه، فالفقراء ازدادوا فقرا والحكام يزدادون غموضا، والاقتصاد علي شفا هاوية، وفي كل الانحاء تضرب الفوضي اطنابها. وهي أمور تدعو للحزن عند الوطني الاصيل والحقيقي، وليس الي الزهو والاحساس الغامر بالانتصار مع تجاهل كل الاسباب الشرعية وغير الشرعية والتي أدت الي هذا الاحساس. نحن نتعامل كأننا ابناء بلدين مختلفين، أحس أحيانا أني أعيش في بلد خليجي وليس في مصر التي افقرت وأحزنت الي الحد الذي أدي الي انفجارها.
لقد عاد أهالي الشهداء يطوون همومهم في قلوبهم وعاد الجرحي يدارون جراحهم بأكفهم بينما عند الآخرين، نجد الافراح مقامة كالاعراس وهيصة تدور خارج الوعي مما تعانيه مصر، انها مسافة بين أزمة الخبز وتحريم المايوه. نحن نعيش تراجيديا التناقض بين الحزن الشديد والابتهاج بينما ، ولا أدري لم نسأل عن الحالة الاسلامية، فأنا أراها حالة سياسية تامة وأشبهها بماكينة تنشر الاختلاف والكراهية في المجتمع ولا تجمعنا علي حل مشكلات البلاد وانقاذها. وكيف يتم ذلك اذا ما كانت الديمقراطية حرام قطعا! وكأنهم يحلمون بأن يجروننا من قهر مضي الي قهر قادم ومن بطش الي بطش.
قلت كلاما في تعليقك علي موضوع عبدالمنعم الشحات حول نجيب محفوظ، فما هو رأيك الآن؟!
هناك أمر محير أيضا في الحالة الاسلامية، وفي قضية استاذنا نجيب محفوظ والاسلاميين:
كأننا كلنا يتذكر الزيارة التي قام بها الإخواني المحترم د. عبدالمنعم أبو الفتوح الي عمنا نجيب محفوظ بمناسبة عيد ميلاده »عام 0002« مهنئا مباركا، ونذكر ما قاله في حضرته في ذلك الوقت من أن أديب نوبل علامة وقامة في تاريخ مصر والعرب والمسلمين »أو صيغة أقرب الي ذلك«.
ود.عبدالمنعم أبو الفتوح من رموز الإخوان المسلمين أي أنه مسلم واضح الاسلام ويجيء الآن الشيخ عبدالمنعم الشحات ليتهم الرجل بالالحاد وأن ادبه أدب فجور و... و.. الخ. وهو سلفي بارز له محبون وتابعون ومصدقون أي أنه رمز من رموز الاسلام فهل هذا إسلام وذاك اسلام آخر؟! أي هل نحن بإزاء اسلامين؟ وأي عبدالمنعم نصدق؟ وأي اسلام منهما نسير خلفه؟ أمور محيرة.. وأي الفريقين هو الذي يملك الحقيقة؟ أم أن كل مسلم من حقه أن يري ما يري دون مرجعية؟
دعنا ننتقل الي سؤال آخر وأقول لك فيه: ما رأيك فيما يقال عن قبول الآخر.. وكيف يمكن للانسان المصري الذي تراه أعظم انسان في العالم يعيش كجسد واحد بصرف النظر عن نوع الديانة؟!
ان كل ما يحدث الآن باشتعالاته العجيبة وتمويلاته المريبة. فحين أري كم الأموال التي تنفق من أجل هذه الانتخابات. أراها تنفق من أجل سرقة مصر. فالأخوة السلفيون أناس فقراء مثلنا وبالتالي لنا أن نتساءل عن مصدر هذه الأموال. ثم وبغض النظر عن قضية التخوين فنحن لا نخون أحدا. إنما هؤلاء الذين يريدون ان يرتدوا بانجازات الانسان المصري علي مدي القرون الطويلة.. الي ظلمات سحيقة. انني لا اكرههم ولكنهم غير قابلين للحوار. اذ بمجرد الخلاف معهم يكفرونك لأنهم يعتقدون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة وهم تعساء الفكر.
إذن أنت تري أن هؤلاء من أسباب زيادة الهوة بين المصري وأخيه؟!
لاشك في ذلك.. وعليك فقط أن تنظر الي جوهر الانسان المصري سواء في الحرب أو في الأزمات أو في الثورة. التي هزت الكيان العاطفي الرائع والعشق والذي تجلي في الكل للآخر والانصهار في أتون المحبة المصرية التاريخية. فكنا نري العمة مع اللحية مع الملابس والشعر المكشوف، وكنا نري كذلك الأخوة المسيحيين وهم يحرسون صلاة المسلمين. في مقابل قيام المسلمين بحراسة قداس المسيحيين، وهنا برزت حقيقة الشعب المصري، وما حدث بعد ذلك كان بسبب المصالح، سواء كانت هذه المصالح تأخذ شكلا طائفيا أو شكل عصابات أو تأخذ شكل تفريق وضغط علي الدولة وعلي الثوار.
لست وحدك
كيف يسود داخل الانسان المصري إحساس بأنه ليس وحده.. بل ويعيش الي جواره أناس آخرون يتفاعل معهم ويتفاعلون معه؟!
أنا لا أملك قدرات تمكنني من الاجابة علي هذا السؤال. انه يحتاج الي فكر نبي والذي يمكن أن يدلنا الي هذه الكيفية. ولكن كل ما استطيع أن أقوله أنه ومنذ قامت الثورة، قام كل بدوره. حتي المساجين داخل طرة قد أصبحوا يحرصون علي مصالحهم، مصالحهم في الواقع وفي المستقبل، فرجال الأعمال المسجونون وبصلاتهم ببعض ضباط الداخلية يؤجرون ما يسمي بالبلطجية لحراسة مصالحهم. ثم أقبل الإخوان لمصارعة المجلس العسكري والضغط عليه لحماية مصالحهم. والاخوة السلفيون حين رأوا الساحة مفتوحة أمامهم. فسعوا هم الآخرون من أجل أن يجدوا لنفسهم مكانا. كذلك ذهب رجال الاعمال لتمويل الحركات التي تفسد هذه الثورة وجرح وقتل الثوريين. وبدأت الأمور كلها بخطيئة المجلس العسكري ولدي في هذا السياق عتاب عظيم لرجل كنا نعشقه وهو المستشار طارق البشري.
ولماذا تعتب علي المجلس العسكري؟!
أنا لا أعتب علي المجلس العسكري. وانما أري أن هذا المجلس هو المسئول عما يحدث الآن.. وعندما وجد هذا المجلس ايضا انه ليس القوة الأقوي، فالإسلاميون قادمون. ولذلك أراد ان يتململ وبالتالي لجأ الي ما أسماه بالمجلس الاستشاري وأنا أعتقد أن هذا المجلس ليس لديه قوة الحكم أو فرض الرؤي.
وماذا عن دوره في رأيك؟!
إنهم صحيح إناس شرفاء ومجموعة معظمها شرفاء مصر ولكن بصفتهم مجلسا استشاريا فلن يسمح لهم تنفيذ ما يرونه علي حق، ورفض ما يرونه علي باطل. وقد يأخذ بآرائهم المجلس العسكري أو لا يأخذ. وعلي الجانب الآخر يقف الإخوان كالصقور.
ان المجلس العسكري وجد في هذا المجلس الاستشاري فرصة للتنصل من بعض هذه الضغوطات وتحقيق كوات تدخل بعض الاضاءة أو الهواء النقي.
وهل هذا الوضع الذي تتحدث عنه يزيد من قلة فرص نجاح وزارة الدكتور الجنزوري والمعروفة باسم حكومة الانقاذ الوطني؟!
إنها ليست وزارة إنقاذ وطني.. إننا بهذه التسمية سوف نظلمها. وتعرف أول قصيدة قلتها كان مطلعها آن الآوان أن ترحلي يا دولة العواجيز.. وكأنما قد قلت عكس ذلك. آن الأوان لتدخلي يا دولة العواجيز! ومن يومها نحن لا نجد أمامنا الا عواجيز ولا نتعامل الا مع الشعر الأبيض. وبالتالي فإن الشباب لم ينظر اليه أحد. والثوريون لم يسمع بهم أحد وكأنما صنعوا ثورتهم ضده في سيبيريا.
شباب الثورة
وفي رأيك.. أين ذهب شباب الثورة؟!
الشباب موجود، وعلي جميع هذه الفئات أن يحذروا هؤلاء الشباب إنه موجود. وفي نوفمبر عندما قامت الموجة الثانية من الثورة. أثبت هؤلاء أن الثورة موجودة وكما هي. لقد وقفوا وحدهم في وجه الداخلية وقتل منهم 54 شابا. ان كل ذلك سوف يذكره التاريخ وسوف يقرأه أحفادنا في المدارس.
ضع لنا رؤية مستقبلية كي نري دورا مؤثرا للشباب حتي نخرج مما نحن فيه؟!
أنا لست من الغرور بحيث أفعل ذلك. إننا فقط تعلمنا من هؤلاء الشباب الذين صنعوا هذه الثورة والذين غيروا الواقع. ان اهم ما احب ان اوجهه الآن الي الأمة هو ندائي للمثقفين والمبدعين المصريين. والمثقفون الذين أعنيهم هنا.. ليس هم الكتبة من حملة الاقلام الذين يكتبون أدبا أو مقالات، لأن هؤلاء لهم قدم في السلطة وقدم في الشارع. والأسهل لديهم دائما هو الاتجاه نحو السلطة. ولكن مع حركة الجماهير ينجرفون معهم. أما المثقف الذي أقصده هنا.. هو كل من له رؤية ثورية لتغيير العالم، وكل في مجاله، بهدف تغيير هذا الواقع البليد الذي ثرنا عليه ولم نغيره. أو لم يتركوا لنا الفرصة لكي نغيره.. وعادة ما يكون أصحاب المصالح أقوياء بحكم مصالحهم. وأقدامهم ثابتة في الأرض. ان المثقف الثوري هو من يملك رؤية وموقفا واضحا من هذا الواقع. وهنا ادعو كل المبدعين وشرفاء الكلمة في مصر أن يجتمعوا في قوة وكيان ضخم جدا يليق بقدرتهم التاريخية علي تحريك الجماهير والحلم بالمستقبل وأن يشكلوا البدن القادر علي الوقوف في وجه دعاة الظلام.
ولماذا لا يكون لك دور تاريخي وتقود أنت هذا التجمع الذي تدعو اليه؟!
رحم الله امرأ عرف قدر نفسه. إنني وطول عمري خادم لهذه الأمة بالكلمة. لم أخنها ولم تجبرني علي أن أتغير. اضف الي ذلك أن ظروفي الصحية الحالية لا تسمح بذلك. وبالتالي لم أعد أملك الا قصيدتي. وعلي فكرة ان ما يؤلمني هو انني لم أتمكن من المشاركة بدنيا في أحداث هذه الثورة داخل ميدان التحرير.
وماذا يمكن أن يقدم المثقف المصري لوطنه في الوقت الراهن؟!
نحن صناع وجدان وفكر ونعيد صياغة هذا الوجدان وهذا الفكر من كل من يظلمه ويعميه عن مصالحه الحقيقة وعن قدرته علي تغيير واقعه وبالتالي تغيير الوطن ونحن في فترة فارقة الآن. ان هناك حاليا جيوشا من الظلام تحاصرنا وتريد أن تطفيء شمس مصر التي لم تستطع أية قوة علي مدي التاريخ أن تطفئها لحساب بلاد وأقطار تري أننا أمصار مفتوحة. ان مصر العظيمة والتي علمت العالم. يتآمرون عليها الآن ويساعدهم الكثير من القوي في الداخل. ومصر أقوي من كل هؤلاء. أنني أري ان الزمن الذي يشوه فيه نجيب محفوظ بهذه الضراوة والجهل وكما ذكرت لك من قبل فعلي هؤلاء أن يقرأوه ويقرأوا اعماله جيدا حتي يفهموا.
وماذا عن الثورة والأحوال السياسية؟
المجلس العسكري زحم الدنيا بالعواجيز. تراكم فوق تراكم، لا نري شابا واحدا يقترب من دولاب ادارة الدولة، كلما فككنا حزمة عواجيز فاجأنا بأخري أكثر تماسكا وأكبر سنا، وكأنه يريد أن ينسينا أن هذه ثورة شابة. الشباب يذهبون للقتل وفقد العيون، والعواجيز يعتلون قمة السلطة ليزيدوا الماكينات المبطلة تعطيلا.
أرجو ألا يعود الشباب لليأس مرة أخري بفضل استنساخ الفترة السابقة ومحاولة اغراق لهيب الثورة بماء الفشل والاحباط والخيبة، وكأنه موسم للمعاندة وقتل الطموح التقليديين،
كل الوجوه الفوقية الآن، والتي تمتليء بها الشاشات ومواسم الظهور عواجيز حكاما كانوا أو قيادات أحزاب، وكل المنفيين خارج الصورة هم المسئولون عن اتاحة الفرصة للعواجيز أصلا، وبدلا من ان ينالوا الشكر علي صنيعهم دُفع بهم دفعا للطرد خارج الصورة.
ان من يفعلون ذلك يؤمنون تماما أنهم نجحوا في اقصاء الثورة بثوارها بعيدا، وهو أمر سوف تثبت الأيام ضلاله.
هي فرصة ايضا لشباب الثوار للتعلم من تجربتهم واكتشاف نواقصها، ولمعرفة أن حب الوطن دون حنكة ليس كافيا، وأن عدم الاستفادة من خبرة عواجيزهم يؤدي الي انتصار العواجيز الآخرين.
أظن ان اجتماع رئيس الوزراء بأهالي الشهداء وبالجرحي أمر يدعو للتفاؤل نحو حل هذه القضية المعلقة؟ فما رأيك في ذلك؟
ليس أحب للثوار الشهدء والجرحي من تحقيق أهداف خروجهم الي الثورة ثمنا لاستشهادهم وفقد أبصارهم، أو جلوسهم علي كراسي العجز والتوكؤ علي »العكاكيز«، ولكن ولأن الثورة سارت الي مسارات أخري ونجح المتربصون والانتهازيون والعواجيز في اختطافها مؤقتا، فإننا نعلم نحن غالبية الشهداء من طبقة الفقراء الذين كانوا يعولون أهلهم.
وكان كل منهم عمود خيمة أسرته المتواضعة - إعالة وحماية - وبدلا من تكريمهم وجهت اليهم الاهانات واتهموا بالبلطجة وبأنهم قتلوا خارج الميدان وكأن من قتلوا داخل ميدان التحرير هم الشهداء فقط وهو منطق عجيب، يقولونه دون خجل ويعتقدون ان الشعب من السذاجة بحيث يصدق أن أكثر من نصف شهداء 52 يناير من البلطجية، دون الالتفات الي انهم يمارسون بلطجة فكرية وأخلاقية كبري بمثل هذا الابعاد.
المال مال الشعب، وهم حماته، ولقد قاموا بهذه الثورة لاسترداد الثروة المنهوبة ايضا فهي من حق الشعب الفقير العامل. وان اجزال العطاء لهم ليس منة ولا صدقة، بل من أصيل حقوقهم أن يعالجوا باحتفاء، وان ينظر الي اسرهم باكبار ولكن العواجيز يتحدثون عنهم كقطيع من الغلابة والمساكين الذين يستحقون الرأفة بهم و»محاولة« التخفيف عنهم.
إن إنكار القتل من قبل الداخلية لوقائع قتل محددة رأيناها جميعا رأي العين هي نوع من التبجح علي الحقائق ومحاولة لتخزيق عيوننا أو استبدالها بعيونهم.
هل فاجأتك نتائج الانتخابات البرلمانية؟ وماذا كنت تتوقع لها؟
لم أكن فقط أنتظر ان تفتح أبواب الثورة ليدخل المصريون أفواجا، فكلنا يعلم خريطة القوي السياسية المنظمة، وكنت أنبه دائما الي المسافة الشاسعة بين الثوريين وجماهيرهم التي تقوم عليهم فكرة الثورة.
الاسلاميون كانوا متوغلين في الواقع يجندون الشباب الحي القادر علي الحركة ولديهم من المصادر المالية ما يتيح لهم تيسير العمل علي الرغم مما فعلته بهم سلطات المخلوع. انتزاعا وسجنا وتضييقا، الا انهم خلال تلك الرحلة الطويلة خبروا الواقع وخبرهم.
أما السلفيون فقد كانوا كامنين في الأرض بين الناس يقدمون خدمات اجتماعية في مسافة بين »الصدقة« والفعل لا يطمحون الي مواقع سياسية ولم يفكروا بها وكل مبتغاهم الجنة. أطلقوا اللحي وقصروا الجلابيب وبنوا مساجد خاصة بهم يعلمون هم من أين جاءوا بالمال لهذه الأبنية المكلفة.
لكنهم في السنوات الأخيرة راحوا يمنعون احتفالات الناس، مبطلين موسيقاهم وبدأوا في قص كل ما هو مصري كزيارة الأولياء والموالد وكل ما أحبه المصريون من قبل وميزهم عن شعوب الدنيا ومحاولة تحويل سلوكياتهم الي سلوك بدوي مثلما يحدث في الجزيرة العربية، وقد كانت بهجة لدي جماهير المسلمين الفقهاء التواد مع اخوتهم المسيحيين ومشاركتهم في الاحتفال »بالعدرا مريم« و»ماري جرجس« والطقوس الأخري التي يري السلفيون انها بقايا الديانات القديمة للمصريين.
ولاشك أنه وبعد تمكنهم من مجلس الشعب وتحرير قيودهم للانطلاق في الواقع سيحاولون فرض ذلك بالقوة علي الناس وسيكون هذا خطؤهم العظيم.
المهم كنت أقرأ دائما قصيدتي »الدايرة المقطوعة« التي تعكس عدم التحام النخب الثورية بالشعب، كنت أقول ان الاسلاميين أهل فعل يلتحمون مع الواقع، والثوريون أهل قول يلتحمون مع بعضهم البعض، بل انه حتي هذا لا يتحقق.. ولم يدهشني نتائج الانتخابات بحال، لأنني لا أعيش معلقا في الهواء. وانما تعتمد حياتي وشعري علي الواقع الذي يعيشه »السكان الاصليون« لمصر لكن أحب أن اؤكد أن الواقع السياسي شيء، والانتخابات شيء آخر تماما.
انت في هذا المكان البعيد عن الضوضاء والزحام في قرية »الضبعية« بالاسماعيلية.. كيف تقضي أوقات وحدتك وانا اعلم أنك شخصية اجتماعية جدا.
ليس معني أنني في هذا المكان البعيد أني منفي. زوجتي أقضي معها معظم الاسبوع، وابنتاي تأتيان في نهايات الاسبوع وهما تحبان جدا هذا المكان لحسن الحظ الي جانب ان اصدقائي يزورونني كلما أتيح لهم الوقت، فهم يأتون لغسل الروح من أدران المدينة وضجيجها.
بالفعل لقد اسكنني »مرض الصدر« هذا المكان، لكني اسكن ميدان التحرير، وحركة الشعب المصري، وأقلب في الفترات التاريخية محاولا فهم هذه الفترة.
أتعجب مثلا من تجربة اللواء منصور العيسوي، وكيف وهو رجل صادق وصديق ومؤتمن، ينكر الرصاص الذي وجهه الضباط لقلوب وعيون الثوار الذي رأته الدينا بأسرها، لقد كان أشبه بمن يقول لك ان رأسك ليست علي كتفيك، أظن انه الخوف وهو رجل »عجوز« مثلنا ولا يريد ان يدخل في مغامرة يتهور فيها احد من ضباط الداخلية عليه هذا هو الخروج الآمن علي ما أظن، لكن ثمنه شديد الفداحة علي الرجل. عموما فإن التاريخ »ماتتبلش في بقه فوله« وسوف يفسر كل ذلك مستقبلا.
ليس ثمة من مكان بعيدة في مصر، لا أحد يتركك بدون معرفة، حتي من لا يقصد الي ذلك. ومن اراد أن يعرف -بصدق- صورة صادقة عن أحوال بلاده فلن يعوقه أحد أو شيء من ذلك.
في هذا المكان ساعة الزمن تساوي عشر ساعات من زمن القاهرة. والكتاب الذي كنت تنهي قراءته في شهر قاهري، لايستغرق معك هنا اكثر من ثلاثة أيام.
لقد أجبرتني العلة علي الانزواء في هذا المكان، لكني أعلم أن القاهرة ما كانت لتمكنني من كتابة مجموعة قصائد الثورة التي أنجزتها والتي سوف تصدر في ديوان مقروء مسموع قريبا.
الشعر والنظم
من هو أول من تأخذ رأيه في قصيدتك؟
أولا وقبل أي أحد اسأل ضميري، وضميري هذا هو وعيي بالحياة وبالشعر معا. انظر الي القصيدة التي اختارت شكلها ولغتها وهي تحاول القبض علي موضوعها. ان الرسالة التي تحاول القصيدة أن تبلغها لا تكون مقصودة والا كانت القصيدة موعظة خائبة وهذا هو الفارق بين الشعر والنظم. لقد كتب الشعراء و»الشعارير« آلاف آلاف القصائد فكم بقي منها علي قيد الحياة؟ بعد الضمير أقرؤها علي »نهال كمال« زوجتي التي أحبتني من شعري ولديها حس عال باللفظة الخارجة علي السياق اللغوي والمعني الذي يغلب فيه عقلي احساسي، لكني في بعض الأحيان أرسل قصيدتي للنشر قبل أن تقرأها لانها تنزعج أحيانا من الشعر الصادم الذي يهاجم السلطات بوضوح ويفضح الممارسات الخادعة دون مباراة أو مداراة. ثم انني أملك مجموعة قليلة جدا من الأصدقاء الناضجين من أهل الصراحة تؤنسني أراؤهم ولا أقرأ عليهم قصيدة الا اذا كنت متأكدا جدا من أنني سوف أنشرها.
حين تروج بين الناس احدي قصائدي مثل الميدان وضحكة المساجين. فإنني لا أبتهج لذلك، بل أحس بالورطة اذ اكون مطالبا بأن تكون القصيدة القادمة أفضل، وهو شيء ليس بيدي تحقيقه.
أنا رجل أتصل بالأدباء اشكرهم علي قصيدة أو قصة أو مقال كتبوه، أفرح كأني كاتبا وأحس بأنها اضافة للحياة بالذات من عواجيز الادباء من أمثالي، أحس أنهم يعطوننا شرعية جديدة للاستمرار.
أنت ربما الوحيد الذي تابعت بأشعارك مسيرة الثورة، وتعتبر من أهم مؤرخيها. فهل هذا صحيح؟
لم أقصد مسألة التاريخ هذه. ولكنها مشاعري التي هي جزء لا يتجزأ من ثورة شعب عشنا به وله، ان الشعر فعل يتجاوز الارادة ولا يقصد اليه قصدا بدليل أننا نملك العديد من شعراء بلا شعر. اسماء فقط. ان دوافع الشعر وتوقيتاته أمر ليس بيد الشاعر. ولكن بقوة الانتماء لوعيه وانتماء هذا الوعي لمكوناته الأصيلة لمن حوله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.