نقلت صحيفة »جارديان« البريطانية لقرائها عبر العالم أمس ما وصفتها بأنها مقابلة نادرة مع عضو بارز بالمجلس العسكري الأعلي بمصر، هو اللواء مختار الملا، الذي تحاور مع الصحفيين والمراسلين الأجانب بالقاهرة، حول أبرز القضايا المطروحة وموقف المؤسسة العسكرية منها.. وفيما يلي نص الرسالة التي نشرتها الصحيفة لمراسلها بالقاهرة جاك شينكر. وضع جنرالات المجلس العسكري الحاكم في مصر انفسهم علي طريق الصدام مع برلمان مصر الجديد، بعد اعلانهم ان الأغلبية البرلمانية لن تكون لها الكلمة الأخيرة في صياغة دستور البلاد الجديد. ومن شأن هذا الاعلان زيادة حدة التوتر من جديد بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة والإخوان المسلمين الواثقين من هيمنتهم علي مجلس الشعب الجديد بمجرد انتهاء عمليات التصويت، وافتتاح المجلس لدورة انعقاده في مارس المقبل. وكان ملايين المصريين قد تدفقوا علي مراكز الاقتراع، علي مدي الايام الاخيرة، لانتخاب ممثليهم في المجلس، والذين سيكون دورهم الاساسي والرئيسي هو تعيين مجموعة مهمتها صياغة أول دستور لمصر في فترة ما بعد مبارك. ولكن بعدما أشارت النتائج الأولية لمراحل العملية الانتخابية إلي أن الاحزاب السياسية الإسلامية ستشكل الاغلبية في البرلمان الجديد، تحركت المؤسسة العسكرية بسرعة وتشددت في ممارسة سلطاتها، لضمان احتفاظها بمزاياها التفضيلية السياسية والاقتصادية، في وجود أي حكومة مدنية مستقبلية. وفي مقابلة نادرة مع وسائل الاعلام الاجنبية، قال اللواء مختار الملا العضو القيادي بالمجلس العسكري الاعلي إن البرلمان المقبل لن يمثل كل قطاعات الشعب المصري، وان من سيتم تعيينهم لصياغة الدستور الجدد لابد ايضا من حصولهم علي موافقة الحكومة الانتقالية، والمجلس الاستشاري الذي تم تشكيله من المثقفين والساسة المدنيين وشخصيات إعلامية وكل من الحكومة الانتقالية والمجلس الاستشاري تحت سيطرة المجلس العسكري الأعلي. وقال الملا: »هذه هي المرحلة الأولي من ديمقراطيتنا« مصرا علي أن ميزانية الجيش يجب ان تظل محمية بعيدا عن اعين الانفتاح الديمقراطي، حتي بعد عودة الجنرالات لثكناتهم. وقال الملا: يمكن للبرلمان في المستقبل أن يفعل ما يريد، ولكن في هذه اللحظة، وفي ضوء الموقف غير المستقر، فإن البرلمان لا يمثل كل قطاعات الشعب المصري«. وأضاف الملا: »هذا لا يعني عدم الثقة في البرلمان، فما نراه الآن انتخابات حرة ونزيهة، ولكنها بنتائجها لا تمثل كل قطاعات المجتمع« وقال الملا إن عملية صياغة الدستور الجديد سوف تبدأ في شهر أبريل القادم، ثم يتم طرح مسودة الدستور لاستفتاء الشعب عليه في شهر يونيو قبيل انتخاب رئيس الجمهورية في وقت لاحق من نفس الشهر. وقال الملا: »بحلول الثلاثين من يونيو، سيكون لدينا رئيس منتخب وجيش لن يكون له سوي دور واحد ليقوم به، وهو حماية البلاد«. وأكد »أن المجلس العسكري الأعلي لا يسعي للاستمرار في السلطة، لن نتدخل في الحياة السياسية«. وأبلغ الملا وسائل الإعلام الأجنبية أيضا أنه قد تم وضع جدول زمني يعمل علي منع أي »جماعات معينة« من أن تملي علي البلاد مستقبلها السياسي خلال العقود القادمة. ولكن الملا رفض ما يتردد حول أن موقف الجيش من عملية صياغة الدستور الجديد يمكن أن يستفز غضب الإخوان المسلمين او الجماعات السياسية المدنية الأخري المنتخبة ديمقراطيا والذين لطالما كانوا يتوقعون قيامهم أنفسهم بصياغة الدستور الجديد. وقال الملا: إذا عدتم إلي التاريخ المصري، فسيكون بمقدوركم أن تروا كيف تعرضت مصر لاحتلال بريطاني وفرنسي وعثماني، ولكن لم يتمكن أي منهم من تغيير السمات الأساسية للشعب المصري، وأيا كان من سيشكل الاغلبية في البرلمان، فإنه أيضا لن يكون بمقدوره السماح بأن يحدث هذا وعلي الرغم من وعوده بأن يكون حواره مع الصحفيين منفتحا وصريحا، والذين نادرا ما يسمح لهم بدخول مقر المجلس العسكري الأعلي، المؤسسة التي تضرب حول نفسها ستارا من السرية، فقد تنازع الملا مع الصحفيين عدة مرات، بسبب اسئلتهم حول دور الجيش في الهجمات الأخيرة علي المتظاهرين، والتي اسفرت عن مقتل أكثر من 04 متظاهرا واصابة آلاف آخرين. وقال الملا إن المؤسسة العسكرية المصرية هي الوحيدة التي تمتلك السيطرة المطلقة علي الشئون الأمنية بمصر الان، ولكنه قال إن القوات المسلحة لم ولن ترتكب أبداً أية أعمال عنف ضد الشعب المصري، ودحض الادلة التي قدمها الاطباء وجماعات حقوق الإنسان، التي تحدثت عن استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين. وقال الملا: ما ذُكر وقيل في وسائل الإعلام فيما يتعلق بالاحداث الاخيرة في ميدان التحرير لا صحة له علي الاطلاق، وما الذي كان يمكن ان تفعله وزارة الداخلية وهي تتعرض لهجوم بالمولوتوف والحجارة؟ وأضاف الملا:»بالطبع تبقي مسئولية الوزارة الدفاع عن نفسها حسبما يخولها القانون من سلطات في هذا الصدد«. وأوضح :» ومن ثم فمن حق قوات الوزارة استخدام ذخيرة حية، ولكن للأمانة هم عادة لا يلجأون لذلك إلا للضرورة القصوي«. ورفض الملا الحديث عن المدون المسجون مايكل نبيل، الذي أدانته محاكمة عسكرية بتهمة إهانة الجيش في وقت مبكر من هذا العام، وظل منذ ذلك الوقت خلف القضبان، مضربا عن الطعام. ولكن الملا الذي تجاهل الحديث عن مايكل نبيل قال: » لم يتم استدعاء احد او تقديمه لمحاكمته عسكرية بناء علي رأي أو نشاط قام به علي ال(فيس بوك أو تويتر) أو أي وسيلة إعلامية«.