استمر الشأن المصري علي مائدة الصحافة العالمية كطبق رئيسي تقدمه لقرائها حول العالم كل يوم، ولكنها ركزت في طبعاتها الأخيرة علي انعاكاسات صعود الإخوان والسلفيين، كما تشير نتائج الجولة الأولي من الانتخابات، علي وضعية المؤسسة العسكرية كمصدر دائم للرؤساء في مصر منذ يوليو 1952 وكذلك علي ثوار التحرير، الذين حاولت تفسير تراجع مدهم الثوري في صناديق الاقتراع، وعدم نجاح مرشحيهم، وكذلك انعكاسات النتائج علي إسرائيل. في تغطيتها الموسعة عن الشأن المصري، والتي لم تنقطع منذ الثورة الثانية في الثامن عشر من نوفمبر الماضي، واستمرت مع الانتخابات البرلمانية حتي يومنا هذا، تناولت الصحف البريطانية الصادرة أمس من خلال التقارير والتحليلات تفوق الاسلاميين (حزب الحرية والعدالة وحزب النور) في الانتخابات المصرية ومخاوف إسرائيل من تحول دفة الحكم عليهم في مصر وفي المنطقة. لا رئيس عسكري! ونشرت صحيفة " فاينانشيال تايمز " البريطانية تحليلا حول الانتخابات المصرية بعنوان " فوز الإسلاميين في الانتخابات يجبر الجيش علي التراجع"، قالت فيه إن التفوق الساحق الذي حققه الإسلاميون في أول انتخابات ديمقراطية تشهدها مصر منذ عقود يعتبر نقطة تحول في تاريخ البلاد لأنه دلالة علي نهاية حكم العسكريين الذين سيطروا علي الساحة السياسية لسنوات طويلة. وقالت الصحيفة إن التفويض الذي منحه الناخبون للأحزاب الإسلامية التي فازت بأغلبية الأصوات في الجولة الأولي للانتخابات أضعف المجلس العسكري الحاكم، وقلص مساحة المناورة أمامه، في محاولته لفرض نفوذه علي الحياة السياسية في المستقبل". ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله " أعتقد أن المجلس العسكري في مصر يشبه قطعة الصابون بين أيدي أحد الأشخاص والضغط المتزايد عليه سيدفع الجيش إلي العودة مرة أخري إلي ثكناته وترك الحياة السياسية". وأضافت الصحيفة أن الجيش المصري يري نفسه العمود الفقري للبلاد وذلك منذ عام 1952عندما أطاح عدد من ضباطه بالملكية، وأعلنوا إقامة الجمهورية، وتولي الحكم من حينها رؤساء أقوياء ينتمون إلي المؤسسة العسكرية ". وقالت الصحيفة إنه " بعد أن أطاحت الاحتجاجات الشعبية بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير الماضي تولي المجلس العسكري مقاليد الحكم وتعهد بانتقال السلطة إلي حكومة مدنية ديمقراطية، ولكن مع مرور الوقت تعالت أصوات المحتجين مرة أخري ووجهوا الانتقادات للمجلس العسكري بعد أن رأوا أنه يماطل في تسليم السلطة". نقطة تحول تاريخية وقالت " فاينانشيال تايمز " إن الحالة المتردية للبلاد تحت حكم المجلس العسكري، وتدهور الاقتصاد دفعت الناخبين إلي التوجه إلي صناديق الانتخابات، وتحقيق نقطة تحول في تاريخ البلاد، يراها البعض بمثابة بداية الاستقرار". وتري الصحيفة أن الصدام " قادم لا محالة بين قادة المجلس العسكري وبين حزب الحرية والعدالة الذي فضل انتظار الوقت والمكان المناسبين للمواجهة". ورأت الصحيفة أن " الحزب يحتاج إلي مظلة شرعية لمواجهة الجيش فإذا خرج المحتجون إلي ميدان التحرير لاحقا تحت قيادة نواب في البرلمان منتخبين من قبل الشعب سيكون لهذه الاحتجاجات صدي أكبر".
وفي نفس السياق، نشرت صحيفة بريطانية كبري أخري هي " إندبندنت " موضوعا يتعلق بوصول الإسلاميين إلي السلطة في مصر، ولكنه يركز علي مخاوف إسرائيل من تحول توجهات الحكومة الجديدة التي ستتشكل في أعقاب ثورات الربيع العربي. وقالت الصحيفة إن إسرائيل " تراقب جارتها مصر بحالة من القلق مع استعداد الإسلاميين إلي الوثوب علي السلطة، وحدوث تغيير جذري في المشهد السياسي في أكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان ". مرشحو الفيس بوك! وفي تقرير لصحيفة " لوس أنجلوس تايمز " الأمريكية بعنوان: " ثوار الفيس بوك فشلوا في كسب أصوات الناخبين "، قالت الصحيفة إن افتقار شباب التحرير للمال والتنظيم والاخطر عدم قدرتهم علي النجاح في الدعاية لمرشحيهم عبر الفيس بوك كما نجحوا في حشد الملايين للثورة. وقالت الصحيفة إنه من بين أسباب إخفاق مرشحي التحرير في الانتخابات هو أن الميدان ركز جل اهتمامه علي التظاهرات والاحتجاجات، بينما كان تركيزه أقل بكثير علي النزول للناخبين في دوائرهم لدعم مرشحيهم.