لا يمكن لأي مواطن مصري أن ينكر فضل ثورة 52 يناير التي خلصت شعب مصر من الأسرة الحاكمة التي حولت مصر من جمهورية إلي ملكية يورث فيها الآباء الأبناء منصب الرئيس مع أن الرئيس نفسه وبعضمة لسانه قالها صريحة بأن مصر ليست سوريا ولكن الأيام والأحداث أثبتت أن الرئيس كان راجل كداب قوي الدليل انه فصّل قوانين عند الترزية إياهم وعلي مقاس راجل واحد فقط في بر مصر لا يصلح سواه بين ال08 مليوناً لكي يتولي منصب الرئيس وهذا الشخص هو الوريث الموعود بالجنة اخونا جمال مبارك.. ولكن تقدرون وتضحك المقادير فها هو الوريث في السجن ونعيمه.. وأعود واقول ان خلاص مصر من هذا التشكيل العصابي الرئاسي يرجع الفضل فيه إلي ثوار 52 يناير وحدهم ولا أحد سواهم لذلك فإنني أنحني تقديراً واحتراماً وإجلالاً لشهداء الثورة ولمصابيها ولكل من شارك فيها.. ولكنني عندي سؤال بريء يخص الرجل الفاضل كمال الجنزوري فقد تم ترشيح الرجل ليتولي وزارة إنقاذ وطني ولا يخفي علي أحد أن أفضل من شغل منصب رئيس الوزراء في عهد مبارك منذ عام 18 وحتي تنحيه كانا اثنين فقط هما السيد فؤاد محيي الدين والدكتور كمال الجنزوري ومع شديد الأسف ومنذ الإعلان عن تكليف الرجل انبري البعض للتشكيك في الجنزوري باعتباره من أعوان مبارك وذهب البعض الآخر ليضعه في زمرة الفلول.. وحتي تكون الأمور واضحة فإنني أحب أن أعود بحضراتكم إلي الوراء قليلاً عندما تقلد الدكتور الجنزوري منصب رئيس مجلس الوزراء وفي خلال فترة زمنية قليلة استطاع الرجل أن يحول المنصب من مجرد سكرتير لرئيس الجمهورية لا يتحرك ولا يقرر ولا يتصرف في شأن من شئون منصبه إلا بناء علي توجيهات السيد الرئيس واتباعاً لحكمة السيد الرئيس وسيراً علي خطي السيد الرئيس.. أقول إن الجنزوري تمكن بقدرة قادر من الخلاص من كل مزايا السيد الرئيس وتدخلاته وأصبح هو وحده صاحب القرار حتي عندما تعلق الأمر بتعيين وترشيح واختيار الوزراء كان لكمال الجنزوري رأي في هذا الأمر فلم يكن الأمر يخص السيد الرئيس وحده وهكذا شعر الوزراء في حكومة الجنزوري بأهمية الرجل وسلطته ونفوذه وشعروا أيضاً أنه يملك معلومات في منتهي الدقة بشأن كل وزارة وما تواجهه من مشكلات والأغرب أنه أيضاً كان يملك في نفس الوقت الحلول.. ولذلك شعر المواطن المصري البسيط بثمار حكومة هذا الرجل وارتبطوا به وتعلقوا بشخصه.. فقد كانت له كاريزما من نوع خاص وكان وسط المجموعة الحاكمة كالزهرة اليانعة وسط غيط من البرسيم فقد كانت ولله الحق وجوههم كالحة ومجالهم المغناطيسي منفراً للبشر وطينتهم تقيلة ولم يكن هذا الوضع يكفل للجنزوري شعبية وسط الطغمة الحاكمة فسرعان ما بدأت المكائد والمؤامرات تدبر من خلف الرجل للخلاص منه كان من بين الذين لم يعجبهم سلوك الجنزوري وشعبيته.. سيئة مصر الأولي التي كانت عيونها تراقب وآذانها تستمع وعقلها يدبر لكي تمهد الطريق لصاحب الدلال اخونا جمال للجلوس علي عرش مصر وبالطبع اتفق الجميع علي الخلاص من الرجل الفهمان الذي كان يعمل لمدة 81 ساعة يومياً بلا أدني شعور بالملل أو التعب فقد تفاني في خدمة بلاده.. ومع شديد الأسف انتصرت دائماً القوي الشريرة وتم استبعاد الجنزوري دون إبداء الأسباب ولم يكتف اخواننا المتآمرون بهذا الفعل ولكنهم طاردوه حتي بعد خروجه من الوزارة لدرجة أن وزير الداخلية ورأس الحربة في مسيرة التوريث حبيب العادلي قالها بصراحة للدكتور الجنزوري.. أنت بتحرجنا يا افندم بتحركاتك.. فقد أفادت التقارير أن الجنزوري يلقي كل المودة والاحترام ويستقبله الناس في كل مكان بالمراحب الحارة ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد.. فقد بلغت بجاحة الرجل حبيب العادلي أن قرر منع الدكتور من أداء الصلاة يوم الجمعة في المساجد لأن أحد التقارير أفاد بأنه تم رفع الجنزوري عقب الصلاة وهتف له المصلون.. الجنزوري.. الجنزوري.. وتم سحب الحراسة المعينة له وكان يتبعه في تحركاته من بعيد لبعيد عناصر من أمن الدولة تكتب كل صغيرة وكبيرة وقد تابعت كل هذا عن قرب بفضل صداقة أبويا الجميل السعدني الكبير رحمه الله للدكتور كمال الجنزوري الذي امتلك الشجاعة لكي يوجه نقده إلي أكبر رأس في الدولة وقد دفع الرجل الثمن.. وهو الحق أقول لم يكن يوماً من الفلول ولم يكن زماراً ولا طبالاً ولا غاوي سلطة أو فشخرة كدابة.. وقد أثبت علي الدوام أنه في الأوقات العصيبة من تاريخ هذا البلد لا يخلو من الرجال الأكفاء وهو منهم بالتأكيد لهذا فإنني أتوجه إلي هؤلاء النبلاء في التحرير بأن ينسوا تماماً حكاية استوزار الجنزوري ولكن عليهم أن يعلموا أن الرجل لم يخالف ضميره ولم يخن أهله ولم يتبع الفلول ولا أهواء الفلول.. نسأل الله أن يحشرنا جميعاً بعيداً عن الفلول والذين معهم!!