إسكان النواب: الحوار الوطنى خلق حياة سياسية أكثر تنوعًا خلال الفترة الأخيرة    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    «المشاط»: تطوير وكالات التصنيف الائتماني جزءًا رئيسيًا من إصلاح الهيكل المالي العالمي    ب40 جنيها.. برلماني: تصريحات الزراعة عن أسعار الطماطم "شو إعلامي"    حزب الله يشن هجمات صاروخية على عدد من مواقع الجيش الإسرائيلي على الحدود    الشباب والرياضة بالجيزة تطلق مبادرة لتزيين أسوار المراكز    جهود صندوق مكافحة الإدمان في العلاج والتوعية×أسبوع (فيديو)    الفرنسيسكان بالمنصورة تستقبل حملة الكشف المبكر عن حالات التعاطي والإدمان بين السائقين    بعد بيان وزارة الصحة.. "زائر مرعب": تفاصيل عَرَض صحي أصاب مواطنين بمحافظة أسوان    حلة محشي السبب.. خروج مصابي حالة التسمم بعد استقرار حالتهم الصحية بالفيوم    وزير التعليم العالي يشهد حفل ختام المؤتمر الأول للاتحاد الرياضي المصري للجامعات    إغلاق مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية بسريلانكا    الهلال الأحمر العراقي يرسل شحنة من المساعدات الطبية والأدوية إلى لبنان جوًا    رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع شركة "إيفا فارما للصناعات الدوائية"    لتحسين جودة مياه الشرب.. تحديث منظومة الكلور بمحطة أبو الريش في أسوان    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    تعرف على محاور عمل المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"    مع قرب انتهاء فصل الصيف.. فنادق الغردقة ومرسى علم تستقبل آلاف السياح على متن 100 رحلة طيران    بالصور- محافظ المنيا يتفقد المنطقة الصناعية ويؤكد: مكتبي مفتوح لكل مستثمر جاد    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    افتتاح المعرض التشكيلى المصاحب للملتقى الدولى الثامن لفنون ذوى القدرات الخاصة    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    اليوم ...المركز القومي للسينما يقيم نادي سينما مكتبة مصر العامة بالغردقة    هاني فرحات عن أنغام بحفل البحرين: كانت في قمة العطاء الفني    بعد إعلان مشاركته في "الجونة السينمائي".. فيلم "رفعت عيني للسما" ينافس بمهرجان شيكاغو    مكتبة مصر العامة بالدقي تشارك في «بداية جديدة» بفعاليات وأنشطة متنوعة    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    مدبولى: تصدير أدوية بمليار دولار العام الماضي ونتوقع الارتفاع ل1.5 مليار العام الحالي    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    منتدى شباب العالم يشارك في «قمة المستقبل» بنيويورك بعد حصوله على اعتماد خاص لتعزيز دول الشباب في القضايا الدولية    صحة أسوان: الكشف المبدئي للمصابين يظهر أن النزلات المعوية جاءت نتيجة لأمراض موسمية وليس تلوث المياه    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    وزير الصحة يؤكد حرص مصر على التعاون مع الهند في مجال تقنيات إنتاج اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    أم تحضر مع ابنتها بنفس مدرستها بكفر الشيخ بعد تخرجها منها ب21 سنة    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    ميدو يوجه رسالة خاصة لجماهير الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    يوفنتوس يجهز عرضًا لحسم صفقة هجومية قوية في يناير    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    تغييرات بالجملة.. تشكيل الأهلي المتوقع أمام جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طبخة سرية من أجل جائزة نوبل ٫٫٫ هكذا أعد كوشنر صفقة القرن لترامب
نشر في الأخبار يوم 25 - 05 - 2019

قريبًا، وحينما تُعرض »صفقة قرن« دونالد ترامپ علي العالم لإنهاء النزاع في الشرق الأوسط، يقف چيرهارد كوشنر، الصهر اليهودي للرئيس الأمريكي أمام اختبار حياته: إذا لاقت قبولًا، فسيمهد كوشنر لصهره طريق الحصول علي جائزة نوبل للسلام، فضلًا عن مكانة تاريخية مرموقة. وإذا فشلت، كما تتوقع الأكثرية، فمن غير المستبعد إشهار السكاكين في البيت الأبيض. أورلي أزولاي (الصحفية الإسرائيلية مراسلة يديعوت احرونوت من واشنطن ترسم ملامح شخصية «فتي القدس الطيب»، الذي استحال إلي إحدي أقوي الشخصيات في واشنطن، والذي يمكن أن يقود الخطة التي بادر إليهالأحد مكانين: إما السلام، أو باي باي.
علي أضواء خافتة في قاعة رقص بأحد فنادق واشنطن الفارهة، سُكبت الشامبانيا في كؤوس كريستال متلألئة. الضيوف وأنا أحدهم، تلقوا دعوة لتبادل الآراء حول الشرق الأوسط، والاستماع إلي نجم الحدث، چيرهارد كوشنر، عشية عرض خطة السلام، التي عكف علي إعدادها خلال الأشهر الأخيرة. خطت أقدام جميعنا علي بساط وثير، وأكرمونا بقطع بتيفور مزركشة، قدمها لنا نوادل وجهاء ومهندمين. جري ذلك قبل عدة أيام علي مأدبة عشاء معهد واشنطن السنوية. كوشنر بدا كأنه من عجينة تغاير هذا الجمع، ورافقه عدد كبير من أفضل الشخصيات، التي كرَّست حياتها لبحث النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، فضلًا عن جانب آخر لا يقل عددًا، اعتمد علي كوشنر في تحصيل قوت يومه طيلة عقود هانئة. وعلي سبيل المثال، كان هناك دنيس روس، الذي شهد علي نفسه بالعمل علي القضية زهاء 30 عامًا. وديفيد مكوبسكي، الذي قلب كل حجر في الشرق الأوسط، وقدم العشرات من الأفكار والخطط، وأدار ندوات للحكماء حول الموضوع ذاته، وبالطبع، حضر روبرت ساتلوف، رئيس المعهد، الذي يعد هو الآخر ضليعًا ومخضرمًا في القضية، فضلًا عن كونه محاورًا موهوبًا.
الطاولات المستديرة
حينما دعا ساتلوف كوشنر إلي المنصة، للجلوس إلي جواره علي المقعد، والرد علي الأسئلة الموجهة، احتل الحضور أماكنهم حول الطاولات المستديرة، المزينة بأسلوب أنيق. تألَّف الحضور علي وجه الخصوص من مستخدمين في الكونجرس، وقيادات في الخارجية الأمريكية، وأعضاء في معاهد أبحاث المدينة. الجميع كان في انتظار كل لفظة يتفوَّه بها صهر الرئيس، لكن نظراتهم امتلأت بمزيج من المشاعر الغريبة، التي وشي بعضها بفقدان الثقة في فهم وقدرة الشاب الصغير، لكنها لم تخل من ترقُّب مشوب بالتوتر للاستماع: هل سيقدم أي بشري؟ جانب من الأخبار؟ ربما وميضًا؟ لأن ما يمكن قوله عن النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني قد قيل علي الأقل ألف مرة. لم يخيب كوشنر الظنون، لقد كان واضحًا وفي أحيان أخري داعب الحضور. تحدث كثيرًا، لكنه لم يقل الكثير. لم يتنازل ساتلوف: حاول طرح الأسئلة باستمرار، لكنه لم ينجح في انتزاع عبارة قاطعة أو حاسمة من كوشنر لإيضاح الاتجاه الذي يسير فيه، حتي عندما وجه له سؤالًا مباشرًا حول ما إذا كانت خطته تتضمن حل الدولتين، فكان رد كوشنر مفاجئًا: «ربما من الأفضل العزوف عن تعبير دولتين، إذ يفسر كلا الطرفين المصطلح بطريقة مختلفة، لذا فإنه من الأفضل ببساطة عدم الحديث عن ذلك».
من خلال التصريحات التي أدلي بها كوشنر يمكن فهم العمود الفقري للخطة، التي من المقرر عرضها فيما يبدو بعد شهر رمضان، وبعد تشكيل الحكومة في إسرائيل، وهو المال؛ الكثير من المال. المال الكثير يمكنه إغراء الفلسطينيين لنسيان تطلعاتهم السياسية، واشتياقهم إلي دولة، ونضالهم من أجل تحقيق هذا الهدف. ومن تصريحات كوشنر أيضًا يمكن الوقوف علي أنه مهما حدث، يصر ترامب علي عرض الخطة، وطرحها علي الطاولة.
داعب كوشنر الحضور في لحظة خاصة، عندما طُرح عليه سؤال حول ما إذا كان ترامب قد قرأ الخطة، فأثارت إجابته موجة من الضحك. ما يعرفه الجميع جيدًا أن الرئيس ليس الشخص المتعمق؛ ورد كوشنر، الذي يُعرف بكبير مستشاري الرئيس والمسؤول عن إعداد خطة السلام: «كان يتدخل، كما أنه ضالع في التفاصيل»، وأسهب قليلًا، وأضاف: «لقد قرأ ترامب أجزاء من الخطة، لذا كان العمل معه ممتعًا».
أعلن كوشنر أنه من المتوقع أن يضطر الجانبان إلي تقديم تنازلات، وقال أقل من ذلك أو أكثر، يجب علي الدول العربية، خاصة المملكة العربية السعودية، تخصيص حافظة كبيرة للاستثمار في مشروعات من أجل تحسين حياة الفلسطينيين.
«إذا وافق الفلسطينيون علي الخطة، فسوف تتغير حياتهم بشكل واضح»، بحسب كوشنر، المعروف بعلاقاته مع البيت الملكي السعودي، وكانت هذه العلاقات سببًا في إعلان الرئيس ترامب قبل وقت وجيز أن «الدول العربية بالكامل تقف إلي جانبنا» في كل ما يتعلق بخطة السلام، التي وصفها ب»اتفاق القرن».
وبإصرار قال كوشنر، إن الخطة تطرح حلولًا للقضايا الجوهرية، خاصة إشكالية الحدود، ووضع القدس، وحق العودة. وحينما أنهي حديثه، لخَّص المحيطون بي عرضه بأنه كان أقل كثيرًا من المأمول: إنه ساذج، ولا يعي التاريخ، ولا طبيعة المشاعر في الشرق الأوسط؛ إنه يعتقد أن المال هو كل شيء، لأنه نشأ علي ذلك، ويعيش في الخيال، فالخطة التي يعكف عليها هي مجموعة من الأوهام؛ فحتي الآن لم تبد تفاصيلها، لكن الموسيقي التي يرددها غريبة، ما يمكن تصوره فقط، أن ما يردده علي الآذان هو مجرد خداع.
وفي نهاية الأمسية، جري التباحث بين الخبراء حول الإشكالية ذاتها، وما إذا كانت هناك فرصة بعد كل ذلك لتطبيق بنود الخطة، ففي ظل الوضع الراهن، الذي ينعدم فيه الحوار بشكل عام بين الولايات المتحدة والفلسطينيين، يمكن أن تطرح خطة السلام حلولًا للمشاكل الجوهرية. من جانبه قال دينيس روس المخضرم: «الفرصة صفرية». أما مايك هيرتسوج، وهو باحث في قضايا الشرق الأوسط، فاتفقت رؤيته تمامًا مع روس، حتي أنه صنع بأصابعة دائرة، أشار بها إلي علامة صفر كبير.
وماذا عن كوشنر؟ إنه يحتفظ بكافة الأوراق قرب صدره: حتي أنه كان من المستحيل عن طريق التلميح فهم ما تحويه الخطة، المقرر عرضها بداية الشهر المقبل، إلا أنه قبل وقت وجيز من لقاء الأمسية التي يدور الحديث عنها، وبعد اللقاء أيضًا، طافت مسودَّة علي شبكات التواصل الاجتماعي، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت حقًا مسودة الخطة، أم أنها بالون اختبار، أو نوع من السفسطة. لكنها نجحت في إثارة غليان المجتمع الفلسطيني - العربي، وكذلك اليمين الإسرائيلي، إذ جري الحديث هناك حول «فلسطين الجديدة». إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كانت دولة أو كيان أو خيال، مع جسر مرتفع يربط بين غزة والضفة.
جاء من عالم العقارات
في الكتاب الذي رأي النور في الولايات المتحدة قبل أقل من شهر، والصادر تحت عنوان «مؤسسة كوشنر، الجشع والطموح، والفساد»، كتبت المؤلفة فيكي وورد، وهي صحفية وباحثة، عكفت في السابق علي تأليف كتب، اعتبرتها قائمة «نيويورك تايمز»الأكثر مبيعًا، أن الشخص الذي رأي مسودة العرض الأمريكي يدعي احتواءها علي تبادل أراضٍ، وأن هذا التبادل ليس فقط بين إسرائيل والفلسطينيين، وإنما من نوع صفقة التناوب؛ إذ تضم إسرائيل المستوطنات، بينما تنقل الأردن أراضٍ للفلسطينيين في الضفة، وفي المقابل تنقل المملكة العربية السعودية جزءًا من أراضيها إلي الأردن. بعد نشر كتاب وورد، تلقت صحيفة «نيويورك تايمز» رسالة من آفي ليفال، وهو محامي كوشنر، جاء فيها أن «التصور الوارد في الكتاب بعيد جدًا عن الواقع، فكل نقطة تطرحها السيدة وورد عارية تمامًا عن الصحة، ويبدو أنها ألفت كتابًا خياليًا، ودون تقصٍ للحقائق. إن تصحيح كل شيئ مكتوب في المؤلف، يلزمه وقت طويل، ولن ينطوي علي فائدة».
وجهة نظر أخري سرية، تسري بسرعة بين مراكز القوة في العاصمة الأمريكية، وتشي تلك النظرية بعملية تخدير، يعرض بموجبها ترامب الخطة، وهو يعلم أن الفلسطينيين لن يقبلوا بها، لأنهم لن يتنازلوا عن دولة خاصة بهم، وعن القدس الشرقية عاصمة لها. من ثم، ووفقًا للمؤامرة التي يدور الحديث عنها، يعلن نتنياهو أنه لا يوجد شريك يمكن الحديث معه، ونتيجة لذلك يقوم بضم المستوطنات في الضفة الغربية، ليعلن ترامب هو الآخر اعترافه بالضم، وتواصل الخطة حينئذ إثارة الغبار إلي جانب خطط أمريكية سابقة، جري طرحها خلال السنوات الماضية.
وليام بيرنز، الذي شغل في الماضي منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، وانشغل أكثر من غيره خلال العقود الثلاثة الماضية بموضوع الشرق الأوسط،والنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، قال خلال الآونة الأخيرة وفي سياق منتدي مغلق، وكتب مقالًا حول ذلك أيضًا: «لم أر أبدًا رئيسًا أمريكيًا يعطي الكثير ولا يأخذ شيئًا في المقابل. لقد أعطي (ترامب) لنتنياهو اعترافًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارته إليها، ومنحه اعترافًا بسيادة إسرائيل علي هضبة الجولان، لكن كل ما يدور حول تلك الخطة التي يصفها ترامب ب»اتفاق القرن»، يبدو في نظري وهمًا كبيرًا».
صائب عريقات هو الآخر وصف الخطة حتي قبل الكشف عن تفاصيلها ب»فن الصفقة السيئة». وقال مؤخرًا إنه أجري حديثًامع مصدر فلسطيني قبل عدة أشهر، أوضح فيه أن الفلسطينيين لم يتحاوروا حتي الآن مع ممثلين عن الإدارة الأمريكية، لكنه التقي كوشنر، وقال عريقات: «قلت له: لماذا تتحدث معي؟ إسرائيل هي المعنية بالحديث معي. لن تستطيع إحراز السلام إذا لم يكن هناك حوار بين الجانبين». ووفقًا لوصف عريقات، رد كوشنر غاضبًا، وقال إنه يعتبر تلك الخطة إبنه الوليد. ويشير عريقات إلي أنه قال لكوشنير: «حينما أتحدث معك، أشعر أنني أحاور سمسار عقارات؟».
وحينئذ جاءت إيڤانكا
استملحت الطائفة اليهودية في واشنطن أن تطلق عليه لقب «فتي القدس الطيب»، أو «الفتي المتدين»، فحديثه رقيق، ولطيف المشية. وخلافًا لصهره، يعلم كيف يستمع إلي محادثيه، إلا أن شخصيته تنطوي علي جانب آخر: من عمل معه يدعي أنه يعرف كيف يرفع صوته، وأن يطرق بيده علي الطاولة، وأن يهين ويقيل أشخاص بدم بارد ودون مشاعر. أما فيما يخص إسرائيل، فمن المستحيل أن تجد صديقًا أفضل منه في البيت الأبيض.
بعد أن أنهي دراسته، تعرف علي إيڤانكا، التي طافت حول تلك الأوساط في نيويورك: كان حبًا من النظرة الأولي، فوالديهما مهيمنان، فضلًا عن أن چيرهارد وإيڤانكا يحظيان بأفضلية لدي والديهما بين أبناء العائلتين. وفي كتابها الذي رأي النور مؤخرًا، كتبت فيكي وورد عن الزوجين كوشنر: «يبدوان كما لو كانا أميرًا وأميرة، إنهما وريثان يعلمان أن كل شيء سيعود إليهما. كلاهما يحتقر القانون والأخلاق، وهما مزيج من الجهل، ويهويان الغطرسة والرغبة المفرطة في القوة والسلطة».
حينما اصطحب چيرهارد إيڤانكا للمرة الأولي إلي منزل والديه، حازت علي إعجابهما، لكنهما اعترضا علي العلاقة نظرًا لأنها غير يهودية، وذات مرة قال والد چيرهارد: «فهمت لماذا أرادت إيڤانكا إلي هذا الحد الانضمام إلي أسرة كوشنر. إنها لم تشعر حولها ذات مرة بأسرة مرتبطة مثل أسرتنا». .
في المقابل، وبعد صداقة استمرت عامًا تقريبًا، انفصلت إيڤانكا عن كوشنر، وقال أصدقاء سابقون لأسرة كوشنر إن الانفصال جاء علي خلفية اختلاف الديانة بين الطرفين. وبشكل أدق: واجهت والدة كوشنر صعوبة في القبول بحقيقة ارتباط مصير ابنها المدلل بفتاة غير يهودية. وبعد مرور ثلاثة أشهر علي الانفصال، التقت إيڤانكا وكوشنر مصادفة علي متن يخت لصديق مشترك، أبلغت إيڤانكا كوشنر في نهاية إبحار اليخت أنها علي استعداد لاعتناق اليهودية، وأخذت الموضوع بجدية أثارت دهشة الجميع.
وأشار والد كوشنر في حينه إلي أن إيڤانكا لم تدرس فقط بعض الفقرات التوراتية، وإنما تعمقت في الدراسة تمامًا، بينما قال الأب ترامب: «لا أتفهم ضرورة رغبتها في اعتناق اليهودية حتي تتزوج من شخص ما». كما أنه لم يكن محبًا لوالد چيرهارد. ووفقًا لكتاب وورد، قال ترامب عن والد چيرهارد: «إنه يبدو مثل أحمق سقط في قبضة الشرطة». لكن شهادة الأكثرية أكدت أن ترامب تعامل مع چيرهارد كما لو كان أحد أبنائه.
بعد الزواج، أقامت إيڤانكا وكوشنر في شقة فارهة بمنهاتن. وفي كتابها «مؤسسة كوشنر»، تصف فيكي وورد مشهدًا من منزل چيرهارد وإيڤانكا: «إليزابيث سبيرز، التي عملت محررة سابقة في صحيفة «أوبزيرفر»، زارت منزلهما، وأصيبت بالدهشة حينما لم تجد فيه كتابًا واحدًا، وحصلت علي انطباع بأن فضولهما الفكري لا يتجاوز الصفر». بعد ذلك قالت سبيرز إن كوشنر وبخها ذات مرة حينما نشرت تقريرًا عن الأديب مارتن أميس، الذي انتقل من لندن إلي بروكلين. وصرخ في وجهها قائلًا: «لا يعلم أحد عن أميس شيئًا، فلا يوجد من يقرأ في الأدب». فردت سبيرز علي ذلك قائلة: «لا. أنت الوحيد الذي لا يقرأ في الأدب». أخذت سبيرز انطباعًا بأنه لا يفهم في الإعلام ولا في الصحافة، فلا يحترم الصحفيين باستثناء كل من هو إسرائيلي فقط، كما أنه لايمتلك فكر أو رؤية المحرر.. أنجب الزوجان كوشنر ثلاثة أبناء، يعكفان علي تربيتهم وتعليمهم وفقًا للروح اليهودية،وفي منزل يحافظ علي قدسية يوم السبت، ويأكل الطعام وفقًا للتعاليم اليهودية (كاشير)، ويحتفل بجميع الأعياد اليهودية. وتواصل إيڤانكا إدارة مشروعاتها في شركة ترامب، بالإضافة إلي خط الموضة الذي يحمل اسمها: ملابس وأحذية للمرأة العاملة وربة المنزل والأطفال.
في يونيو العام 2015، أعلن ترامب اعتزامه خوض المنافسة علي الرئاسة، وفي البداية لم يكن كوشنر ضالعًا كثيرًا في المسألة، حتي جاء اليوم الذي انضم فيه إلي حملة انتخابات ترامب، فرأي بأم عينيه أن هناك أغلبية تتحدث بشكل مختلف، وتتصرف بشكل مغاير في نيويورك، واستشعر في ذلك رغبة في التغيير. بعد ذلك بفترة وجيزة، تلقي ترامب دعوة لإلقاء كلمة في مؤتمر اللوبي اليهودي «إيباك».
كان كوشنر من بين المستشارين لكتابة وصياغة الكلمة، فرأي فيه ترامب شخصًا يحيط علمًا باليهود، ويعلم آليات التحاور معهم. ليس ذلك فحسب: يعتبر كوشنر أحد أهم الشخصيات المقربة من نتانياهو، ووفقًا للقصة التي حكاها نتانياهو نفسه لمراسلين في واشنطن، تولدت العلاقة فيما بينهما منذ عدة سنوات، حتي أنها كانت قبل وصول نتانياهو إلي مقعد رئاسة الوزراء. حدث ذلك حينما كان نتانياهو في زيارة للولايات المتحدة، وفي حدث إعلامي، تلقي دعوة من عائلة كوشنر للإقامة في منزلها، وحتي يحصل الضيف علي الغرفة الأفضل والأكثر راحة، أقام كوشنر في الطابق الأرضي، ونام نتانياهو في فراشه.
في اللحظة التي قرر فيها كوشنر الضلوع في المسائل السياسية، أصبح من بين دعامات حملة ترامب والمسؤول عن ميزانيتها، هو وإيڤانكا التي كانت تزور مكاتب الحملة، لم يحبا كوري ليفندوفسكي، الذي كان يعد من أقرب الشخصيات لترامب وكاتم أسراره. ووفقًا للعديد من التقارير، انفجرت فيه إيڤانكا ذات يوم، وادعت أنه يعكف علي تسريب افتراءات لوسائل الإعلام ضد كوشنر. استغرق الأمر وقتًا، إلا أنه في نهاية المطاف، رتبت إيڤانكا مع شقيقيها، وأدخلتهما مكتب والدها، وقالت له: «إما هو أو نحن»، فجري طرد ليفندوفسكي هو الآخر. ومع ستيف بانون أيضًا، واضع استراتيجيات الحملة، لم يتفق الكوشنران. بدأت العلاقة معه بشكل جيد، وأخذ بانون انطباعًا جيدًا حول قوة وقدرات إيڤانكا القيادية، إلا أنه لم يمر وقت طويل، وأصبح يشعر بالقلق، وقال: «كلاهما جاهل وغير منظم»، وفقًا لما نشرته وسائل إعلام حول ابنة ترامب وزوجها خلال الحملة الانتخابية.
يسيطرون علي البيت الأبيض
لقد أعلن ترامب صراحة، أنه لا يعلم لماذا عشق كوشنر السياسة بشكل مفاجئ، لاسيما أنه رجل موفق في سوق العقارات، لكن كوشنر أوضح له أنه مهتم بالعمل إلي جانبه في البيت الأبيض، كمستشار كبير، والعمل علي ملف السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. انضم كوشنر إلي ستيف بانون، الذي كان نقيضًا له علي طول الخط، فهو رجل قاسٍ وصلب، ويؤمن بالإدارة وسط الفوضي. في المقابل أبلغت إيڤانكا والدها أنها هي الأخري ترغب في العمل إلي جانبه، والتزمت علانية بالعمل علي دفع قضايا رفاه الطفل إلي الأمام، وتعهدت بإقناع والدها بالتراجع عن الانسحاب من اتفاق المناخ، وعدم إلغاء خطة التأمين الصحي التي كان قد عمل عليها أوباما، إلا أنها فشلت في المهمتين.
اقتحمت إيڤانكا البيت الأبيض مثل ريح عاصفة خلال التحضير لمرحلة انتقالية، وأبلغت الطاقم الإداري برغبتها في الحصول علي الجناح الشرقي للبيت الأبيض، وتحويله إلي «مكتب أسرة ترامب»، وبالطبع كانت تقصد بذلك تبعيته لها. وفقًا للبروتوكولات، يتبع الجناح الشرقي السيدة الأولي وطاقمها، وعندما علمت مالينا بخطة إيڤانكا، فرضت عليها حق النقض الكامل (فيتو)، بحسب ما ذكرته وورد في كتابها. وخلال مواصلة الاستعداد لمراسم يمين الولاء، استأجر الزوجان كوشنر منزلًا واسعًا في حي كالورما الراقي بواشنطن، وهو المنزل الذي يقيمان فيه حتي الآن، ويقع المنزل بجوار أسرتي أوباما وجيف بزوس مالكة شركة «أمازون»، وصحيفة «واشنطن بوست»، وتقاسم كوشنر وبانون المكاتب المتجاورة بالقرب من الغرفة البيضاوية في البيت الأبيض، وقررا أن يظل الباب الفاصل بين مكتبيهما مفتوحًا.
علي إحدي حوائط مكتب بانون، استقرت لوحة ضخمة تحمل تعهدات ترامب الانتخابية. كان ذلك للذكري، وقرر أن يتبع الوفاء بكل تعهد احتفالًا، وإضافة حرف «»‬» علي فقرة التعهد. وعلي رأس قائمة التعهدات كان موضوع نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس. چيرهارد الداعم بقوة لعملية نقل السفارة، طلب من بانون عرقلة تمرير الموضوع بعض الوقت، حتي يتسني له الحصول علي متسع من الوقت لإعداد خطة السلام، إذ كان چيرهارد يتخوف من أن يدمر ذلك فرصة الخطة قبل أن يبدأ في العمل عليها. وحول هذا الموضوع بدأت التوترات بين الاثنين بعد وقت قصير من عملهما في البيت الأبيض.
التعهدات الانتخابية
تزامنت تلك التوترات مع المراسيم التي حظرت دخول مسلمين الولايات المتحدة، وهي الخطوة التي عارضها چيرهارد وإيڤانكا، بينما أيدها بانون بصوت عالٍ. وقال مصدر في البيت الأبيض إنه منذ اليوم بدأ بانون في العمل علي الحملة الانتخابية للعام 2020، وقال بانون لكوشنر: «إن ترامب فاز في الانتخابات بسبب أجندته»، وبرر بذلك سبب عمله المبكر علي الوفاء بالتعهدات الانتخابية، إلا أن كوشنر رد علي ذلك بقوله: «فاز ترامب لأنه ترامب». أصبح الصدع بين الزوجين وبانون معلنًا، وجري إغلاق الباب الفاصل بين المكتبين، وتبادل الطرفان الكلمة الواحدة فيما بينهما بصعوبة.
وقال مصدر في البيت الأبيض إن المستخدمين انتبهوا إلي وصول إيڤانكا يوميًا لممارسة عملها في العاشرة صباحًا، وبدت كما لو كانت مكلفة بمهمة احترافية في تصفيف الشعر والماكياج. كانت تدلف إلي الغرفة البيضاوية كلما راق لها ذلك، دون تنسيق أو استئذان من رئيس طاقم البيت الأبيض، ووفقًا لما نشر في السابق عنفها بانون قائلًا: «إذا كان ذلك لأنك تؤيدين والدك فهو أمر جيد، لكن إذا كنت عضوة في طاقم فهناك طاقم آخر يجب مراعاته. لا نتفهم سببًا لما تفعلين». استشاطت إيڤانكا غضبًا، وقالت: «لن أكون أبدًا عضوة في طاقم، إنني الإبنة الأولي».
في ظل هذه الظروف، اتهم بانون إيڤانكا بتسريب معلومات من البيت الأبيض، لكنها قذفته: «أنت كاذب وسخيف. كل كلمة تخرج من فمك هي كذب». في هذه المرحلة علم بانون والمحيطون به أن أيامه في البيت الأبيض باتت معدودة، نظرًا لأن كوشنر وإيڤانكا وضعاه في رأسيهما. ولم تتوقف إيڤانكا عن دخول مكتب والدها الرئيس كلما أرادت، وكان ترامب يستقبلها بترحاب، وعند مغادرتها كان يقول لحضور الغرفة: «انظروا كيف هي متناسقة التقاطيع».
ونشرت وسائل إعلام أن كوشنر كان يُستدعي للبيت الأبيض في كثير من الأحيان، ودائمًا ما كان يطلع دوائر البيت الأبيض علي ما يجري وراء ظهره، فلم يكن أحد يعلم طبيعة عمله. لقد بني لنفسه مملكة صغيرة داخل المملكة الكبيرة، ولأنه صهر الرئيس، لم يجرؤ شخص علي مواجهته أو الشكوي منه. وحتي ركس تيلرسون، وزير الخارجية الذي عينه ترامب، فاحتفظ هو الآخر في جعبته بالعديد من المواقف حول چيرهارد، لكنه آثر كتمانها، ولم يسمع بتلك المواقف سوي مراسلي الخارجية الأمريكية خلال انضمامهم لسفريات تيلرسون. وبعيدًا عن النشر سمعوا عن مواقف أكثر صعوبة عن كوشنر، وكذلك عن الرئيس ذاته، الذي سمح له بالعمل بشكل يمزق أوصال وزارة الخارجية.
ذات مرة قال تيلرسون عن كوشنر، وفق شهادة أحد مستشاريه: «إنه شخص سطحي ولا يهتم بالتفاصيل». الحقيقة هي أن تيلرسون كان علي قناعة بأن چيرهارد سينتحي جانبًا حينما يتولي المنصب، إلا أن چيرهارد واصل إدارة الشؤون الخارجية في ملف المكسيك والشرق الأوسط، كما لو لم يكن هناك وجود لوزارة خارجية فاعلة. وبسرعة بالغة، تفهَّم عدد من زعماء العالم، أنهم إذا كانوا يريدون الاقتراب من أذن ترامب، فعليهم بالتحاور مع چيرهارد وليس مع تيلرسون، فحتي حينما تلقي ولي العهد السعودي دعوة لزيارة البيت الأبيض، كان تيلرسون بعيدًا عن الصورة، وعندما استضافته إيڤانكا وچيرهارد لتناول العشاء في منزلهما، لم يتلق تيلرسون دعوة لحضور المأدبة.
إن السعوديين الذين شعروا بخيبة أمل إزاء حقيقة عزوف أوباما عن اقتحام إيران بقوة، وأبرم معها اتفاقًا، انتظروا بضيق صدر للعمل مع ترامب وكوشنر، واستحال كوشنر إلي صاحب منزل مرحبًا به لدي المملكة، ولم يكن غيره الذي أقنع ترامب بزيارة السعودية في أول زيارة له كرئيس خارج الولايات المتحدة. لم يقتنع ترامب بسهولة، إلا أنه بعد تعهد كوشنر بأن السعودية ستشتري من الولايات المتحدة صفقات أسلحة ضخمة، وأنها ستحارب الإرهاب بكامل إرادتها، استجاب ترامب، وخرجت الزيارة إلي حيز التنفيذ.
وزير الخارجية تيلرسون، الذي كان في عمله السابق مديرًا عامًا لشركة نفط كبيرة، ابتلع لسانه كذلك في أعقاب زيارة چيرهارد للعراق، وقال لحاشيته: «الآن وبعد زيارة واحدة، سيتحول إلي خبير في القضية». لكن ترامب، الذي بات علي علم بأن كوشنر يدير في البيت الأبيض وزارة خارجية مستقلة، كان مفعمًا بالحماس، وخلال لقاء مع وفد من المشرعين الذين التقوا به، وقرر أن يحدثهم عن الجهود التي يبذلها صهره من أجل التوصل إلي اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، قال: «كوشنر جمع كل العرب إلي جانبنا». تفهم تيلرسون أنه أصبح محيدًا، وأن التحييد جاء من قبل كوشنر، وبدأ هو الآخر في تعداد أيامه المتبقية في الخدمة بإدارة ترامب.
أتي ترامب برئيس جديد لطاقم البيت الأبيض، وهو جون كيلي، وذلك من أجل ترتيب الأمور. كيلي جنرال متقاعد، بني خطة لإدارة البيت الأبيض علي الطراز العسكري. حاول الرجل، لكنه فشل في السيطرة علي إيڤانكا وچيرهارد، اللذان فعلا ما يحلو لهما. كان چيرهارد غارقًا حتي رقبته في محاولاته الرامية إلي تأليف خطة السلام، لاسيما أنها أصبحت إبنه الوليد، وقبل أيام قليلة فقط، وخلال أمسية معهد واشنطن، حينما طُرح عليه سؤال حول ما إذا كان من الممكن تحوُّل الخطة إلي فشل، أجاب: «حينما تعمل من أجل الرئيس، ستبذل قصاري جهدك حتي لا تخذله، لكنك تستطيع. وحينما تعمل لدي صهرك، لا يمكنك خذلانه».
كانت إيڤانكا وچيرهارد علي ثقة أن كيلي سيمنحهما غطاءً كاملًا ويقف إلي جوارهما، لكنه رصد المشكلة. ووفقًا لتقارير نشرتها وسائل إعلام في تلك الآونة، ولم ينفها البيت الأبيض، طلب ترامب نفسه في مرحلة معينة من كيلي أن يكون سببًا في مغادرة إيڤانكا وچيرهارد البيت الأبيض. وقال ترامب: «إنهما لا يعلمان كيف تدار المباراة. من الأفضل لهما العودة إلي نيويورك». لكن ذلك لم يحدث، وبعد تيلرسون وبانون، رفع كيلي هو الآخر يده وانسحب.
مشروع حياته
بالعودة إلي البداية، وإلي النقطة الزمنية الحالية، التي تعد لحظة اختبار كوشنر الحرجة؛ في هذه اللحظة، باتت خطة السلام التي أعدها إلي جانب جايسون جرينبليت جاهزة، وبمنظور كوشنر يدور الحديث حول مشروع حياته، فإذا نجح، سيدخل التاريخ ونادي الكبار، أما إذا فشل، فسوف يعتبره منتقدوه عديم الخبرة، ولا يفهم، ويعيش الأوهام.
روبرت ساتلوف الذي حاور كوشنر علي المنصة قبل عدة أيام في واشنصطن أمام جمهور خبراء الشرق الأوسط، الذي اجتمع علي المأدبة السنوية لمعهد واشنطن المرموق بحث خلال عشرات السنين عملية السلام. ورغم أنه لم يتولّ منصبًا رسميًا في إدارة أمريكية، إلا أنه كان يمتلك دائمًا أذن منصتة داخل البيت الأبيض خلال عهود لرؤساء جمهوريين وديمقراطيين، وذلك بسبب معرفته وفهمه.
وبعد أيام معدودة من تحاوره مع كوشنر علي المنصة، والاستماع له حول عدة أمور تتعلق بالخطة، نشر ساتلوف عبر موقع معهده نداء نادرًا في حدته وتوقيته، وجاء فيه: «ستكون خطة كوشنر كارثية. الطريقة الوحيدة لحماية الجوانب الطيبة في الخطة هي تصفيتها الآن». بعبارة أخري: يدعو ساتلوف البيت الأبيض إلي وضع الخطة علي الرف، لأنها لن تخلق أية فرصة.
إلا أنه يبدو أن تلك القاطرة انطلقت بالفعل في طريقها، فكوشنر مارس عملًا شاقًا خلال عامين، ليس من أجل وضع الخطة علي الرف، وإنما لكي يجني تصفيق الجميع لها. إنه في حقيقة الأمر يثق في إمكانية تحقيق انفراجة. بعد وقت وجيز من شهر رمضان، وبعد أن يشكل نتانياهو حكومة، سيلقي الرئيس ترامب خطابًا، بينما يقف كوشنر إلي جواره، كأفضل رجل ومهندس معماري. وحتي يحدث ذلك، يدخل الشرق الأوسط بأسره مرحلة الانتظار العصبي. وبعد أن فشل تمامًا في تحقيق نتائج أمام كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا والصين، يحتاج الرئيس ترامب إلي إنجاز حقيقي، يتردد صداه علي الساحة الدولية، وهذا العبء الكبير مُلقي حاليًا بكامل ثقله علي كاهل كوشنر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.