تناولنا في المقال السابق موضوع »الاستخبارات الاقتصادية« و»حرب الدخان« واوضحنا جانبا من جوانب هذا الموضوع المتعدد الزوايا و اشرنا علي عجالة كيف مارس ويمارس المحامي الماهر نشاط »الاستخبارات الاقتصادية« المشروع لإظهار الحقيقة. وفي هذا المقال سنتعرض لجوانب اخري ومن اهمها ما جاء في وثائق منشورة عن اهتمام شركات تصنيع السجائر الكبري بموضوع »الاسلام والتدخين« وربما هذا الاهتمام جعلني افكر في ان يكون عنوان هذا المقال هو »الاسلام والغرب والتدخين« لكي نطرح منظورا اضافيا لمصطلح »الاسلام والغرب« الذي اصبح شائعا للغاية في مؤتمراتنا ومؤتمرات الغرب كذلك. تقول احدي الوثائق المنشورة ان شركات التبغ العالمية كانت مهتمة بصفة خاصة بتأثير منظمة الصحة العالمية علي حكومات الاقليم ففي عام 7891 دعت احدي الشركات العالمية الكبري للتبغ للحاجة إلي تعيين مشاور أو مستشار يمكنه مساعدة هذه الشركة الكبري لرصد نشاط مكتب منظمة الصحة العالمية بالاسكندرية »بمصر« للتأثير عليه، حيث ان هذا المكتب هو الذي يقوم بإعداد الخطط الصحية بالتنسيق مع المكتب الاقليمي لشرق التوسط في مجال »قضية التدخين والاسلام« والذي كان يتضمن جمع الاحكام الاسلامية فيما يتعلق بالتدخين. وهدف الشركات هو محاصرة الاراء الفقهية التي تحرم التدخين وتشجيع اصحاب الاراء الفقهية التي تذهب إلي عدم تحريم الدخان أو اعتباره امرا مكروها، وياحبذا لو أفتي احد رجال الدين »باهمية الترويح عن النفس من خلال التدخين!!« تقول احدي وثائق احدي الشركات العالمية الكبري »اننا نبحث عن كل رجال الدين الذين يعارضون تحريم التدخين من خلال التفسيرات القرانية.. وان علينا تشجيع هذه النوعية من رجال الدين«.. ولا يفوتنا إلا ان نذكر هنا ان وسائل الاعلام المصرية والعربية والدولية تناولت بالمناقشة فتوي احد ممن اطلق عليهم »رجال الدين المستنيرين« حيث افتي »هذا المستنير« بانه لا مانع للصائم في شهر رمضان المعظم من ان يدخن سيجارته..« فإن السجائر طبقا لهذا »المستنير« لا تفطر والعياذ بالله.. وحجته الواهية انه لا توجد آية صريحة في القرآن الكريم تحرم التدخين.. اما مجلات شركات انتاج السجائر فهي تعج باخبار فوز فرق العاملين بتلك الشركات بمسابقات في كل انواع الرياضة كما تحفل باخبار رعاية الشركات للبطولات الرياضية وللمستشفيات وكذلك تركز علي اخبار النجوم من ذوي الشعبية ممن يدخنون وكذلك صور قادة سياسيين وهم يدخنون السجائر وافخر انواع السيجار أو »البايب /الغليون«.. ولا مانع من صور رجال الدين المعروفين واخبار عنهم دون اي اشارة لارائهم عن التدخين، والهدف من كل ذلك هو خلق نوع من المصاحبة الايجابية بين الرياضة والنجومية والقيادات الدينية وبين التدخين وبين النشاط الذي يبدو ايجابيا لهذه الشركات والذي يمثل في واقعه أبشع صور الخداع والضلال والكذب الذي يتأثر به مع الاسف قطاع كبير من المدخنين ويشجع النشء الصغير علي التدخين، ان من اخطر ملامح »حرب الدخان« التي تشن علينا هي تلك التي تشن علي شبابنا بوسائل متعددة وباشكال شتي، نجحت مع كل الاسف في ان تجعل نسبة المدخنين من صغار السن وخاصة من الفئة العمرية من 21-22 سنة في بلادنا وفي لابلاد العربية تصل إلي اكبر معدل نمو »سلبي« تصل إي معدل خطير خطير وهو 22٪ سنويا فاذا كنا نستهدف معدل نمو اقتصادي يصل الي 8٪ سنويا بعد تخطي آثار الازمة الاقتصادية العالمية فعلينا لامقارنة بنسبة نحو 22٪ في عدد ضحايا حرب الدخان من شبابنا.. هنا تكون المعركة خاسرة تماما.. سنتناول في المقال القادم باذن الله المزيد من التفاصيل والله ولي التوفيق وهو وحده المستعان.