محظوظ الممثل أو الممثلة اللذين تتلقفهما يد مخرج واع متمكن من أدواته التي يفجر بها طاقات كل فريق العمل الذي يتعامل معه لخلق سيمفونية مسرحية منضبطة ومبهرة لتمكنه من صناعة الصورة المسرحية التي تأسر المتفرج وتسرق كل حواسه وتجعله في حالة اندماج وتفاعل متواصل مع منصة العرض المسرحي، ومحظوظ أيضا المخرج الذي تتوافق أفكاره مع بطلة العرض التي تشاركه مشروعه الفني بإيمان يخلق حالة من التكامل في الهدف والرؤية. أتحدث هنا عن النجمة مروة عبد المنعم والمخرج المتفرد المتميز محسن رزق الذي التقت أفكاره المؤمنة بمسرح » الأسرة » بنفس الإيمان الموجود لدي مروة عبد المنعم بضرورة أن تقدم للطفل والأسرة مسرحا مغايرا ومختلفا عما يقدمه الآخرون، ومحسن ومروة يلتقيان حول القيمة العليا النبيلة التي يلعبها المسرح في وجدان الطفل وكل أفراد الأسرة، في الوقت الذي ينظر فيه البعض-للأسف الشديد-تجاه عروض الأسرة والطفل علي أنها عروض دونية صغيرة لا ترقي بإبداعات مسرح الكبار، افكار تنم عن جهل وعدم وعي يجعل المؤسسة المسرحية الرسمية في الدولة فقيرة في دعمها لمسرح الأسرة ومسرح الطفل الذي هو أسمي وأنبل وأهم من عروض الكبار إذا ما أردنا البناء الصحيح لوجدان اجيال لوثتها » السوشيال ميديا » بالعنف والتطرف الفكري والجسدي ! لهذا اصبح لدي الثنائي مروة عبد المنعم والمخرج محسن رزق مشروع خاص بهما تبلور في تقديمهما لعرض »سنوايت»، ومن بعده »أليس في بلاد العجائب» ومنه إلي عرض »رابونزل بالعربي»، العرض الأول والثاني كانا من إنتاج الدولة أما العرض الأخير فهو إنتاج خاص بهما، والعروض الثلاثة مأخوذة عن أعمال كارتونية شهيرة جدا قدمتها شركة والت ديزني في افلام ضخمة من حيث التكاليف الإنتاجية، ولا يوجد طفل أو أسرة في مصر لم تشاهد هذه الأعمال عبر شاشة السينما أو التلفاز، ما يعني أن ما يقوم به محسن رزق مغامرة قد تخيف البعض من المقارنة، وقد لا يكون عليها إقبال علي اعتبار أنه موجودة علي » اليوتويوب » ولكن هذه البعض يغيب عنه سحر المسرح الذي يخلق التفاعل والاندماج المباشر عندما يكون هناك مبدع محترف متمكن من أدواته المبهرة التي تسرق الحواس بالأزياء والديكورات والإضاءة والاستعراضات والأغاني وتكوينات الحركة علي خشبة المسرح، ورشاقة الممثلين والممثلات في الحركة والكلمة والتعبير الجسدي وخفة الظل التي تشيع البهجة في الجمهور وتبهرهم بتقنية الصورة السينمائية في الخلفية، حالة من السحر الخلّاب التي تجعلني اجزم أن عرض »رابونزل بالعربي» لا يقل عن أي عرض مبهر سبق لي مشاهدته في » برودواي»، أو يقل في إبهاره وجمالياته عن عروض ديزني لاند-رغم فارق الإمكانيات هنا وهناك-ولو كان محسن رزق وفريق العمل تحت يدهم خشبة مسرح من مسارح » ديزني لاند» التي يتحرك فيها كل شيئ بتقنيات مذهلة لتم تصنيف ابن مصر » محسن رزق » ضمن نجوم الإخراج الكبار في العالم، وتم تقديره بالشكل الذي لم يلقه في بلده حتي الآن. شاهدوا الفيلم الذي صنعته » والت ديزني » عن » رابونزل » الذي كتبه دان فوجلمان عن الحكايّة الخرافيّة التي كتبها الأخوان » جريم »، وشارك في بطولته : وماندي مور، وزاكاري ليفاي، ودونا مرفي، وإخراجه » نايثن جرينو » بميزانية 260 مليون دولار، وشاهدوا عرض » رابونزل بالعربي » لمحسن رزق علي المسرح وسوف يتبين لكم حجم الإبداع والإبهار والتمكن الذي يقدم به العرض رغم إمكانيات السينما اللامحدودة وإمكانيات مسارحنا الفقيرة في تقنيات كثيرة، ولكي لا أطيل والمساحة لا تسمح بالإطالة عن الطرح البسيط الذي قدمه المخرج كمعد للعرض حول مفهوم القوة الكامنة في داخل كل منا والتي نستطيع أن نفعل بها المعجزات عندما نريد، تحية لمروة عبد المنعم،وعايدة فهمي، مصطفي حجاج، ومجموعة من المواهب اللامعة التي قدمها وأبرزها محسن رزق في العرض، الديكورات والماسكات التي أبدعها د. محمد سعد شكلت هرموني بصريا ساحرا مع الملابس التي صمتها نعيمة عجمي وظهر رونقها ودلالاتها في الاستعراضات التي كتب أشعارها عادل سلامة، ووضع لها الموسيقي والألحان هيثم الخميسي، وأبرزت جمالها مصممة الاستعراضات رضوي صبري التي جاءت منضبطة ومبهرة،وزاد العرض إبهارا بالجرافيك الرائع لأيمن محمد، والإضاءة التي صممها بوعي مبهر أبو بكر الشريف، والماكياج لإسلام عباس ورحاب طايع، ومهما كتبت فلن أفي المخرج محسن رزق حقه النقدي في هذه التجربة التي شكلت بالنسبة له ثلاثية من اعمال والت ديزني التي سوف يستكملها بأعمال اخري علي نفس المستوي.