حين تنشر الصحف صور المسئولين والمتنفذين وهم يؤدون مهام أعمالهم المكلفين بها والتي هي من صميم مسئولياتهم فإن الصورة تعزز مصداقية الخبر المنشور. لكنها لو جاءت بشكل يحمل الافتعال والتصنع فإنها تندرج تحت بند الدعاية المنحازة. في الأسبوع الماضي لفتت نظري صورتان صحفيتان إحداهما لوزيرة الصحة وهي تقوم بتطعيم أحد الأطفال بيدها في فمه أثناء تفقدها سير حملة الوزارة لتطعيم طلاب المدارس ضد النزلات المعوية، والأخري لرئيس مرفق السكة الحديد وهو يتفقد سير أعمال الصيانة والفحص لمحطات السكة الحديد بعد كارثة حريق محطة مصر. الصورتان من الناحية الصحفية تعكسان حالة من النشاط الرسمي للمسئولين وتقدمان الدليل علي قيامهم بالمهام المكلفين بها علي أكمل وجه. لكنهما من الناحية النفسية لم تثيرا في وجداني القدر الكافي من الارتياح كما كان بنبغي لهما. فقد نضح منهما تكلف غير محمود وكأن أصحابها يرسلون رسالة معينة للكوادر الأعلي تحوي دليل الكفاءة وأنهم ناس شايفة شغلها كويس.. نوع من الدعاية لا يليق بكبار المسئولين. لاسيما بعد الضجة التي أثارها تصرف الوزيرة في معهد القلب القومي وموجة الانتقادات التي واجهتها. المهم أن الصورة تطلع حلوة. من المؤكد أن تقييم نشاط المتنفذين يتم لدي رؤسائهم علي أساس النتائج التي يحققونها والنجاحات التي ينجزونها وليس عبر صورة صحفية فيها من التصنع ما يثير الضجر أكثر مما يثير الاطمئنان. وها هي الوزيرة نفسها أقالت رئيس معهد القلب لأن مستويات الأداء الواردة إليها لم ترضها ولو كانت اعتمدت في تقييمها للرجل علي صور صحفية له وهو يجري عمليات القلب أو وهو يتفقد جوانب المعهد وغرف عملياته لرفعته إلي عنان السماء. الأمر نفسه ينطبق علي رئيس هيئة السكة الحديد فالصورة حين تأتي بعد كارثة تؤدي معني فورة النشاط المؤقت ولا تدل علي الاستدامة. فحص المخدرات للجميع لماذا تقتصر حملات فحص المخدرات علي موظفي الدولة فقط؟ ولماذا سارعت الحكومة بنفي وتكذيب شائعة شمول حملات الفحص لكل المواطنين وكأنها تهمة تنكرها؟ ألا تستحق بعض الفئات مثل هذا الفحص المهم؟ فإذا اعتبرنا أن سائقي النقل العام ممن يشملهم القرار باعتبارهم موظفين بالدولة فماذا عن عفاريت الأسفلت سائقي الميكروباص وبراغيث الأسفلت سائقي التوكتوك؟ وقائدي الدراجات البخارية ممن يطلق عليهم »الطيارون» الذين يقومون بتوصيل الطلبات، ومثلهم بعض سائقي التاكسي والنقل. ألا ينشر هؤلاء الفزع بين المواطنين بتهورهم ويعرضون حياة الناس للخطر ويتسببون في كوارث لا قدر الله لو كانوا من المتعاطين وغابت عقولهم ؟ من الممكن حصر سائقي المركبات المتنوعة عند الحصول علي رخص القيادة لأول مرة أوعند تجديد الرخصة، لكن التجديد للأسف يتم كل 10 سنوات ولهذا من المطلوب إيجاد آلية للفحص الدوري لكل هؤلاء لاسيما مع التسهيلات التي تقدمها وزارة الداخلية بإتاحة الحصول علي الرخص الكترونياً. قد تعظم المشكلة مع سائقي التوكتوك لأن غالبيتهم يجرون في الشوارع بلا ترخيص ولهذا سيكون حصرهم وفحصهم أصعب لكنه ضروري بكل المقاييس. وماذا عن شبابنا من طلاب المراحل الإعدادية والثانوية والجامعية؟ ألا يستحق هذا النشء عناية أكبر وقدراً من الرقابة الحاضنة لإنقاذهم من أصدقاء السوء أو تجار الأرواح. أليسوا هم أمل الوطن وصناع مستقبله البناءون القادمون والجنود حماة الوطن فيما بعد؟ كل الفئات غير المدرجة في وظائف حكومية كالعمالة المنزلية وعمال المعمار والباعة الجائلين أو حتي بائعي المحلات، تحتاج لمثل هذا الفحص لأنهم يتعاملون مع الجمهور بشكل أو بآخر وقد يرتكب أي متعاط منهم جرائم بشعة في لحظة غياب العقل أو من أجل الحصول علي المال اللازم للتعاطي. من الممكن كمرحلة أولي اعتبار الحصول علي شهادة حديثة بالخلو من المخدرات شرطاً لاستخدامهم وأحد مسوغات حصولهم علي عمل مثلها مثل صحيفة الحالة الجنائية وبطاقة الهوية. لم يكن حرياً بالحكومة اعتبار خبر الفحص لجميع المواطنين شائعة توجب التكذيب والإنكار. العكس هو الصحيح وبلا تردد أو مجاملة.