مشروع فريد من نوعه، فكرة خارج الصندوق، تعتمد علي استخدام أشياء لا قيمة لها لتوليد الطاقة منها، أول محطة يتم فيها استخدام الحمأة في توليد الكهرباء المستخدمة في تشغيل المحطة محطة الجبل الأصفر التي تستهلك 20 ألف ميجاوات في الساعة شهريا وباستخدام الحمأة تقوم المحطة بتوفير 55% من الكهرباء فيمكن توليد البايوجاز من هذه الحمأة القادر علي انتاج الكهرباء. وفي البداية الحمأة هي المخلفات والمواد شبه الصلبة المتبقية والتي تنتج ثانوياً أثناء معالجة مياه الصرف الصحي وتكون عبارة عن مزيج من المادة الصلبة والمياه الملوثة ويمكن أن تستخدم بدلا من دفنها والتخلص منها في توليد الكهرباء التي يعاد استخدامها في تغذية محطة الصرف الصحي وبالتالي توفر من استهلاك الكهرباء، وتتبني »الأخبار» هذا المشروع القومي الذي إذا تمكنّا من تنفيذه في كل محطات الصرف الصحي في مصر سيتم توفير ملايين الجنيهات تكلفة فواتير الكهرباء اللازمة لتشغيل هذه المحطات. وأوضح د. رفعت عبدالوهاب رئيس إدارة بحوث مياه الشرب والصرف الصحي في الشركة القابضة، أن إنتاج الحمأة يمر بعدة مراحل؛ فعند دخول المادة الخام للصرف الصحي يتم تحليلها فينتج عنها مواد سائلة وأخري صلبة والثانية هي التي تعرف بالحمأة، وبالنسبة للمادة السائلة يتم إجراء معالجة تنفسية لها ثم مرحلة أخري من التحلل والتي ينتج عنها حمأة أخري تضاف للحمأة الأولي ثم يتم معالجة المواد السائلة بالكلور لتكون جاهزة لإعادة صرفها بعد ذلك، أما المواد الصلبة أو الحمأة فحسب نوع محطات المعالجة يتم الاستفادة من هذه الحمأة فإذا كانت المحطات غير مجهزة يتم تجفيف هذه المواد لتستخدم كسماد عضوي أو يتم معالجتها - وهي المشروع القومي الذي نسعي له - من خلال الاستفادة من الغاز الناتج من معالجة الحمأة لتوليد الكهرباء والتي تستخدم في توفير الطاقة الكهربائية لتشغيل المحطة، ويتم التخلص من الحمأة ذات الرطوبة 40% ببيعها لتجار مخصصين ليتم بيعها لعملاء معينين لاستخدامها في تسميد الزراعات. وأشار إلي أنه لابد من تغيير النظرة في كيفية التخلص من الحمأة والاستفادة منها بالشكل الأفضل من خلال التوعيه في البداية بأهمية وقيمة الحمأة مع زيادة الوعي بالمخاطر البيئية والصحية التي تنتج عنها والسعر المرتفع للأسمدة الكيمائية وزيادة الطلب علي مشروعات استصلاح الأراضي الصحراوية. مخصبات زراعية وعن استخدام الحمأة كمخصبات زراعية، أشار مدير إدارة بحوث مياه الشرب والصرف الصحي إلي أنه يمكن دمج الحمأة بنجاح في أنظمة إنتاج المحاصيل في مصر فهي بديل فعال منخفض التكلفة للمادة الكيميائية أو السماد كما توفر عناصر نادرة في التربة مثلFe، Mn، )n و»u خاصة في المناطق المستصلحة الجديدة في الصحراء ولكن أولا يتطلب تطبيق الحمأة إدارة دقيقة لتحقيق أقصي قدر من الفوائد الاقتصادية وتقليل المخاطر المحتملة، فإذا كان طن من السماد الكيميائي المطلوب لتوفير هذه العناصر النادرة يتكلف 4 آلاف دولار فإن طن المخصبات الزراعية الناتجة عن الحمأة يتكلف 20 دولارا فقط وفي مصر تكلفته 400 جنيه فقط وبما أن الفدان يحتاج ل 10 أطنان مخصبات فقط لاستصلاحه فبالتالي فإنه ب 4 آلاف جنيه فقط يمكن استصلاح فدان أراضي صحراوية من خلال الحمأة. وضرب د. رفعت عبدالوهاب مثالا لمحطة صرف صحي الجبل الأصفر والتي تعد نموذجا لمعالجة الحمأة المنشطة التقليدية وتخدم 12.5 ملايين نسمة في القاهرة بطاقة 2.5 مليون متر مكعب في اليوم وهي تعد نموذجا أيضا في الحد من التلوث بنسبة 95% وتنتج هذه المحطة صرفا صحيا معالجا يمكن جزئيا استخدامه في الزراعة وتتمكن المحطة من هضم الحمأة الناتجة أساسيا وثانويا من خلال 20 مولدا قدرة 15 مولدا منها 2.3 ميجاوات في الشهر وتعمل بشكل مزدوج الوقود أي بالسولار والغاز أما ال 5 مولدات الأخري فقدرة كل منها 3.2 ميجاوات هذا بجانب 3 مولدات احتياطية، وهذه المولدات قادرة علي توليد 11 ألف ميجا وات كل ساعة في الشهر وذلك من أصل 20 ألف ميجا وات تحتاجها المحطة من الكهرباء لتشغيلها وبالتالي فإنها قادرة علي تغطية 55٪ من احتياجات الطاقة في المحطة لتوفر 15 مليون جنيه شهريا لاسترداد تكاليف التشغيل، كما تخلص البيئة من 400 ألف طن سنويا من ثاني أكسيد الكربون وبالتالي المساهمة في استنفاد الغازات الدفيئة والتخفيف من تغير المناخ. الحمأة وأشار المهندس هشام مصطفي زكي مدير التشغيل بمحطة الجبل الأصفر، إلي أن الحمأة نوعان في الجبل الأصفر؛ الأول منها هو النوع التي يتم فصلها من المياه من مرحلة المعالجة الابتدائية وتذهب بعد فصلها إلي خزانات تغليظ الحمأة لتخرج بنسبة تركيز 1%، ويوجد نوع آخر من الحمأة وهو الحمأة الثانوية وتخرج من خزانات الترويق النهائي وتذهب إلي مرحلة تركيز الحمأة باستخدام نظام التعويم لتطفو علي السطح ويتم جمعها، ثم تذهب إلي خزانات خلط وتخرج بنسبة تركيز 4.5% ثم تنتقل إلي مرحلة الهضم في خزانات التخمير وتظل داخل الخزانات لمدة 20 يوما وهي مغلقة تماما مما يؤدي إلي نمو بكتيريا لاهوائية تقوم بتفتيت المواد العضوية المختلطة مع بعضها وتسبب لها تحللا مائيا فتنتج الأحماض الأمينية التي ينتج عنها غاز الميثان بعد تجميعه في خزانات التخمير ويتم سحبه وتجميعه، وبعد الانتهاء من تلك المرحلة تبدأ أولي مراحل المعالجة من خلال انتقال المياه إلي خزانات التهوية ويتم بها المعالجة البيولوجية من خلال ضخ أكسجين داخل الخزانات لتنمو البكتريا الهوائية التي تقوم بهضم المواد العضوية بإجمالي 8 خزانات تهوية، بعدها تبدأ مرحلة »الترويق النهائي» ثم تخرج الحمأة بتركيز 3.5 % ثم تدخل مبني التحقق الميكانيكي لتجفيفها بنسبة جفاف 21 %. وأشار مدير محطة الجبل الأصفر، إلي أنه بانتهاء هذه المرحلة تنتهي مراحل المعالجة إلا أنه في نفس الوقت تسير عملية توليد الكهرباء من الحمأة الناتجة من المعالجة حيث يتم تجميعها بخزانات التغليط لرفع نسبة الاستفادة ثم يتم تحويلها لخزانات للتخمير ليتم استخراج غاز الميثان للاستفادة منه في توليد الكهرباء، وأوضح أن مدة تحويل الحمأة إلي غاز لتوليد الكهرباء تصل إلي 20 يوما داخل كل خزان حيث تنتج تلك المولدات 55% من الكهرباء التي تحتاجها المحطة. وأضاف مدير المحطة، أنه علي الرغم من كل المحاولات الكبيرة لإنتاج الكهرباء والتي تصل إلي 55% من الاستهلاك والذي يبلغ 20 ألف ميجاوات شهريا تصل فاتورة استهلاك الكهرباء الشهرية إلي 13 مليون جنيه، مشيرا إلي أنه بالدارسة سيتم توفير كل تلك المبالغ لخزينة الدولة وهناك دراسة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء للمحطة إلي جانب خطة اخري لاستخدام الخلايا الشمسية داخل المحطة. الحمل العضوي وكشف م. هشام مصطفي، أن هناك ثقافة خاطئة عند المصريين وهي أن الحمل العضوي في مخلفاتنا وفضلاتنا قليل عالميا بسبب الإسراف في استخدام المياه والمقصود بالحمل العضوي هي المواد العالقة والشوائب والفضلات الموجودة في الصرف الصحي والتي تصبح الحمأة فيما بعد، وبسبب كثرة استخدام المياه في حياتنا سواء في الاستحمام أو التنظيف والاستخدامات الأخري بسبب قلة المواد العضوية في الصرف وبالتالي تكون الطاقة الناتجة قليلة مقارنة بكميات الصرف التي تستوعبها المحطات، وأشار إلي أنه معروف في مصر أن الحمل العضوي في الريف أكثر منه في المدينة فإذا كان في المناطق الريفية 450 - 500 وحدة ففي القاهرة والمدن يصل ل 180 وحدة فقط في حين أن الطبيعي والمتعارف عليه هو 300 وحدة وبالتالي تكون الطاقة المنتجة من غاز وكهرباء ضعيفة وإذا تمكنّا من توعية المواطنين بثقافة ترشيد المياه سيتم بذلك ضرب عصفورين بحجر بحيث نكون قد رشدنا المياه وأنتجنا طاقة أكبر. وأوضح أن محطة الجبل الأصفر تضم تنكات قادرة علي استيعاب حمل عضوي أكبر وكذلك مولدات تنتج طاقة أكبر في حالة توافر الحمل العضوي المطلوب فالمرحلة الأخيرة من المحطة بها 5 مولدات قدرة كل منها 3.2 ميجا في حين ما احتاجه شهريا 3 جيجا بينما المحطات قادرة علي إنتاج 15 جيجا شهريا وفي حالة توافر الحمل العضوي ننتج كهرباء أكبر. وأكد أن هناك فكرا حاليا لتعميم مشروع الحمأة وآخرها محطة معالجة التنقية الشرقية بالإسكندرية وهي محطة قائمة بالفعل ولكن سيتم إلحاق مشروع الحمأة بها أي تحويل المخلفات لطاقة من خلال إضافة 8 تنكات هاضمة لاستخلاص الغاز من الحمأة وتركيب مولدات لتوليد الكهرباء من الغاز الناتج وكذلك أيضا محطة أبو رواش سيتم تحويها لذلك، وأشار إلي أن تكلفة مشروع معالجة الحمأة واستخلاص الغاز كبيرة فمثلا المحطة من مولدات وأحواض تهوية وتنكات هاضمة تتكلف 50 مليون يورو بالاضافة إلي 50 مليون جنيه والمهم طبعا توافر الحمل العضوي وكمية الصرف المستوعبة.