كتبت الأسبوع الماضي تحت عنوان: كرامة مصر واستقلالها عن ثلاثة أمور تمس فكرة الاستقلال الوطني. ولم يعجب ما كتبته كثيرون. رأوا فيه كتابة آتية من أيام سحيقة يحاولون نسيانها. رغم أنها جزء من زمن المجد حتي لو كانت وقعت فيه بعض الأخطاء. كنت أريد مغادرة الموضوع إلي غيره. خاصة هول ما جري أمام ماسبيرو مساء الأحد الماضي. لكني صباح أمس وجدتني وجهاً لوجه أمام تصريحات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية عن مصر. وما قاله لها وزير خارجيتنا الهمام محمد كمال عمرو. حمدت الله أننا شعرنا به مؤخراً كوزير لخارجية دولة عريقة وعملاقة. دولة إقليمية كبري مثل مصر. ورغم أن وزير خارجيتنا كان من المفروض أن يحتج علي تدخل هيلاري في شئوننا الداخلية وجرحها لفكرة استقلالنا الوطني. إلا أنه اشتكي لها من الإعلام المصري. ووافقها علي تدخلها في حياتنا وكأن مصر تابعة لأمريكا أو حتي ولاية أمريكية. مع أن هذه العبارة الأخيرة يمكن أن تفتح أبواب الأمل أمام طوابير الهجرة التي لا نهاية لها أمام سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية كل صباح. قالت هيلاري كلينتون - حسب ما نشر في جريدة التحرير - لوكالة رويترز للأنباء: - الأقباط يشكلون أقلية كبيرة جداً ويقدر عددها بنحو 10 ملايين - لست أدري من أين أتت هيلاري بهذا الرقم؟ - أكملت: فإنه يجب أن يكون لديهم الحق في التجمع السلمي ويجب حماية تلك التجمعات وحماية حقهم في العبادة وذلك عبر تفعيل قانون دور العبادات الموحد فيما يتعلق ببناء المساجد والكنائس، ووضع حد للتمييز ضد الأقباط. وإحدي أهم المشكلات الرئيسية التي تواجه مصر هي حل جهاز الشرطة ورفض الجيش أن يحل محلها. لكن ينبغي ضرورة الإسراع في إعادة بناء جهاز الشرطة مرة أخري. لأن ذلك من شأنه استعادة القانون والنظام وحماية حقوق الناس. وهو الدور الذي يسعي الجيش إلي القيام به. لكن ذلك يحتل أرضاً جديدة لم تطأها قدمه من قبل. وعند حديثها عن قانون الطوارئ قالت: - إن الجيش يحاول السيطرة علي حالة الالإنفلات الأمني والمجرمين المنتشرين في الشوارع - هل لاحظت هذا التحريض العلني ضد مصر وتلك الدعوة لغياب السياحة عن مصر علي لسان وزيرة خارجية أكبر دولة في العالم الآن؟ - تكمل: لأن الأمر لا يقتصر علي الأحداث الرهيبة التي رأيناها خلال عطلة نهاية الأسبوع. ولكن هناك غياباً للقانون والنظام كما أنهم لا يسيطرون علي كثير من الأحياء والمدن. إنهم يعانون مشكلة حقيقية. حيث إنهم يحاولون فعل شيء لا يجيدونه - هل يجرؤ أحد منا علي وصف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بهذا الوصف الذي تكرر أكثر من مرة في كلامها؟ - مما اضطرهم إلي التراجع عن إلغاء إنهاء العمل بقانون الطوارئ. لأنهم لا يعرفون الآن كيفية القيام بذلك. وواشنطن في حديثها للقيادة في مصر كانت دائماً تواصل القول: يجب عليكم بأمور عدة في نفس الوقت مثل التحرك لإعادة تشكيل قوات الشرطة التي يجب أن يتم تدريبها علي احترام حقوق الشعب كما يجب إنهاء العمل بقانون الطوارئ مع تمرير قوانين أخري يتم وضعها بطريقة ملائمة. وفي حديث آخر لوكالة الأسيوشيتدبرس. عبرت هيلاري كلينتون عن مخاوفها - وكأنها لم يعد لديها ما تفعله سوي الكلام عن مصر - إزاء تدهور الأوضاع في مصر. خصوصاً أحداث العنف الطائفي الأخيرة. قالت لا فض فوها ومات حاسدوها. نعم أشعر بالقلق إزاء اندلاع العنف في مصر خصوصاً ما يبدو أنه ذو طابع طائفي. واعترفت أنها تكلمت مع وزير خارجية مصر محمد كمال عمرو- والله العظيم قالت إسمه ثلاثياً أكثر من مرة في الحديثين - الذي أكد لها أن التحقيقات مستمرة وأنهم يتفهمون الأمر جيداً في الحكومة المصرية وأنهم عليهم أولاً معرفة ما حدث وثانياً اتخاذ خطوات لمنع تكرار ذلك مرة أخري. وكانت قد كلمته ليلة العدوان علي السفارة الإسرائيلية ووجدته مستجيباً لأقصي حد - لم تقل ما هي الأمور التي استجاب لها؟ والأهم ما هي الطلبات التي رفضها؟ - وصريحاً للغاية لدرجة أنه للمرة الثانية لم يخبرها بما كانت تود سماعه منه. كان مباشراً معي للغاية وشعرت بأنه مجدداً كان يصف ما يمرون به وهم لا يعلمون معلومات عنه. لأن ما يحاولون معرفة كيفية حدوث كل هذه الأمور التي كانت خارج السيطرة. ركز الوزير علي الدور الذي لعبه إعلام الدولة الرسمي الذي كان ينفخ في النيران. وقال وزيرنا لوزيرتهم: لدينا من المعلومات بأن التليفزيون الرسمي كان يبث تصريحات مثل: اخرجوا لحماية الجيش وهذه كلها أشياء غير مفيدة. والوزير قال: لذا فإنهم يقومون أيضاً بمعالجة ذلك - كنت أود سماع تعليق الصديق أسامة هيكل وزير الإعلام علي كلام زميله المصري مع الوزيرة الأمريكية -. وتشعر الوزيرة بالشفقة علي المجلس العسكري والحكومة. وتقول إنه من الإنصاف أن نقول إنهم أحياناً لا تكون لديهم معرفة عما سيحدث بعد ذلك. لأنه شيء لم يعهدوه من قبل. وعلينا لذلك أن نحاول التواصل معهم عندما نتحدث عن الديمقراطية والانتخابات وبناء حكومة ديموقراطية. إلي أن تقول: لذلك أخبرت الوزير بأننا نأمل أن يعودوا لحماية التظاهر السلمي وحرية العبادة والحريات الأساسية التي تخلق مجتمعاً ديمقراطياً.