يعيش مسيحيو مصر في هذه الأيام حدثا دينيا يعرف بصيام "يونان" وهو صيام تبلغ مدته ثلاثة أيام تقرع فيها أجراس الكنائس وتصلي القداسات وتعج الكنائس بالمصلين المتضرعين إلي الله متمنين أن يعم الله بالخير عليهم وعلي الزرع والحصاد، النبي يونان هو المعروف في الإسلام بالنبي "يونس" وهو شخصية دينية تحترمها كل الشرائع، يهودية كانت أو مسيحية أو إسلاما، ولا يعنيني هنا الجانب الديني للقصة، لكن يعنيني فلسفتها المشتركة لدي جموع المؤمنين بالديانات الثلاث، حيث ابتلع حوت كبير النبي يونان/يونس ولفظه بعد ثلاثة أيام ومن هنا تأتي فلسفة الكنيسة في صوم الثلاثة أيام فيصبح هذا الابتلاع كأي ضيقة يتعرض لها أي شخص فيبتهل إلي الله أن ينقذه ويلقي به إلي بر الأمان.. من منطلق هذا المنطق رأيت مصر الحبيبة في تلك الأيام، رأيتها في بطن الحوت، حوت "الإرهاب" وحوت "العوز" وحوت "الاستقطاب"، حيث يتزامن هذا الصوم مع حدث إرهابي مأساوي أليم استشهد علي أثره 15 شابا من خيرة جنود قواتنا المسلحة تاج رؤوسنا لتشرب رمال سيناء المزيد من دماء شبابنا الأبرار الأطهار إلي أن تتطهر وتعود كالفيروز بوابة شرقية آمنة لبلاد عمرها أكبر من عمر التاريخ نفسه، وتظل معضلة المعضلات كامنة في كيفية مواجهة هذا الفكر المتوحش والذي نسأل الله الصمود لأبطالنا البواسل وحسن اختيار آليات المواجهة فكرياً بالداخل.. أيضاً يعيش المصريون ظروفا اقتصادية صعبة جداً جداً بقوة تحمل هائلة متأملين أن يأتي برنامج الإصلاح الاقتصادي بانفراجة تساعدهم علي شحن بطارياتهم وهنا لا أستطيع أن أتحدث إلا وأربت علي كتف كل رب أسرة مصري وأهمس في أذنه وأقول يا بطل، بالقطع دور كل رب أسرة في إخراج أبناء صالحين لهذا المجتمع في تلك الأيام الصعبة هو دور لا يقل أبداً عن دور جنودنا الأبطال حامين الحدود كما الأسود. أيضاً وكأننا لا نتعلم وكأن مشاكلنا الحقيقية لا تكفينا فنجد أيضاً حالة رهيبة من الاستقطاب في الأوساط الرياضية بفعل تصريحات وأفعال غير منضبطة وتحتاج إلي وقفة جادة وعاجلة، ولا أود أن أخوض في إلقاء اللوم علي طرف ضد طرف لأن هذا الأسلوب أثبت أنه لا يفيد حتي وإن حمل التشخيص الصحيح لكن أناشد من كل قلبي الجهات المعنية أن تعي خطر ما يحدث لأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تحمل حمما بركانية اتمني ان نسرع ونبطل مفعولها قبل أن تنفجر وهي ليست دائماً المذنب الأول، ففي كثير من الأحيان يكون المسئول عن الحمم مسئولا غير مسئول!!، والحلول معروفة وواضحة للجميع إن توفرت الإرادة الحقيقية لمجابهة هذا الاستقطاب الحاد الذي يطول الرياضة وغيرها فنحن بالأساس مجتمع يعاني غياب ثقافة الاختلاف. أعزائي في كل ما سبق علي كل منا أن يضطلع بمسئولياته "دولة وأفرادا" لنواجه أزمات حقيقية بعضها لم يكن لنا يد به لأنه ميراث طويل وبعضها اخترناه بأيدينا لكن كلي يقين بأن مصر دائماً تنتصر فالنهاية، نعم قد تكون كلمات براقة تحمل شكل الطنين الفارغ لكن قناعاتي الشخصية بأن هذه البلاد بشعبها العجوز فات عليها ليل ومية لكن بتطلع الشمس تلاقيها معجبانية وصبية. وفالنهاية نهنئ مسيحيي مصر بصومهم ونطلب منهم المزيد من الصلوات من أجل البلاد ومياه النيل والزرع والحصاد ونفوس العباد، والله يحفظ مصرنا الحبيبة إلي أن يلفظها الحوت إلي أيام مليئة بالخير والنماء والبركات، وكل ثانية ومصرنا الحبيبة منتصرة ومعجبانية وبهية. ونقول يا رب..! • مهاجر مصري - ولاية نيوجيرسي الأمريكية