اعتاد أن يسمع كل صباح أصوات العصافير وهي تغرد عند نوافذ منزله معلنة عن قدوم يوم جديد وميلاد أمل جديد تربي أن يُؤْمِن به ويصدقه كما أخبره جده ووالده في حكاياتهم معه. إنه أمل الحرية وأمل التحرير وزوال الاحتلال عن أرضه ووطنه. كثيرا ما كان يعد نفسه ويستعد لمواجهة الإحتلال، فهم يحيطون بمدينته المقدسة ويدنسون مساجدها كلما سنحت لهم الفرصة. لكنه لم يكن يعرف أن عليه أن يجرب قهر الرجال أولا فيي صباح أسود داهمت منزله في القدس قوة من جنود الاحتلال الإسرائيلي مدججة بكل أنواع الأسلحة كي تخرجه هو وأسرته من منزله الذي يعيش فيه مع أسرته منذ 65 عاما لتعطيه لعائلة من المستوطنين. بهذا الجبروت وبهذه البساطة طرد فلسطيني آخر من منزله في القدس وسبقه الآلاف كي تجد إسرائيل أرضا تؤسس عليها دولتها المحتلة دولة الإجرام والعصابات اليهودية التي قدمت من شتي بقاع الأرض لتسرق أوطاننا وتقيم دولة لقيطة علي أشلاء أهلنا وأخوتنا وأبنائنا. حقا لم يتغير المشهد ولكن تغيرت العقول والضمائر. فذاك خبر مؤلم ننساه بعد 5 ثوانٍ من قراءته ولكن حتي هذا التعاطف اللحظي لم يعد مرغوبا فيه. فقد جلسنا سويا في وارسو وصافحنا المجرم والسفاح وتشاركنا وجهات النظر لنكتشف بعد مرور أكثر من نصف قرن وبعد ارتكاب إسرائيل لكل هذه المجازر أن عدونا المشترك هو إيران. إيران هي من سرقت ثرواتنا وأرضنا وقتلت أهلنا.. إيران هي التي دنست وهدمت مقدساتنا من أجل بناء هيكلها المزعوم وتهويد أرضنا العربية. المنطق الأمريكي الإسرائيلي الجديد من أجل سنوات احتلال جديدة قادمة سننعم فيها بالسلام الدافئ الذي سيسرق ما تبقي لنا من أوطان وثروات وقبل كل ذلك سيسرق ما تبقي لنا من كرامة ووطنية وعروبة ونخوة. فنحن مطالبون بتربية أجيال التطبيع من أجل مستقبل أفضل لإسرائيل.. نحن مطالبون بالحفاظ علي أمن إسرائيل التي لم تتوقف دقيقة واحدة عن القتل والتآمر وتشريد العرب من أجل وطنها القومي العنصري. ولكن لو تناسي كل العالم حقيقة إسرائيل فأحرار العالم لم ولن ينسوا. وإن كان ترامب وكل رؤساء أمريكا لا يتذكرون الأمريكية الشجاعة راشيل كوري التي دهستها جرافة إسرائيلية وهي تقف دفاعا عن أسرة فلسطينية قبل أن يهدم الاحتلال منزلها في الانتفاضة الفلسطينية الثانية فنحن لم ننس. كما أننا لن نسامح في دماء شهدائنا الذين مازالوا يتساقطون يوما بعد يوم بسبب إسرائيل ومؤامرات إسرائيل. وإذا كنا نخشي علي بلادنا من التمدد الشيعي فالأولي أن نحارب التمدد الصهيوني. من ناحية أخري إذا كانت إيران تشكل تهديدا حقيقيا علي إسرائيل وأمريكا وقادرة علي إزالة إسرائيل من الوجود كما تدعي فلماذا لم تفعل منذ سنوات طويلة وهي التي تتاجر بالقضية الفلسطينية والقدس ليل نهار؟ الكل مذنب والكل سيدفع الثمن.