اختلف علماء الدين بشأن ما قيل إنه حديث شريف : » اطلبوا العلم ولو في الصين ».. قال بعضهم إن الصحيح هو : » طلب العلم فريضة علي كل مسلم » ، وبغض النظر عن هذا الاختلاف ، فما يهمني الآن أن أعود إلي الصين لطلب العلم بعدما حققت في الفترة الزمنية المعاصرة تقدما كبيرا ليس في مجال الاقتصاد وتحسين مستوي المعيشة فحسب ولكن في التقدم العلمي في كل المستويات والمجالات. مؤخرا نشرت الصحف أن متوسط الأعمار في الصين سيصل إلي 79 عاما ، بما يقارب دولا غربية حققت معدلات كبيرة في مستوي المعيشة والرفاهية. زيادة متوسط الأعمار لا يتحقق تلقائيا ، فجسم الإنسان مثل أي آلة يمكن أن يطول عمره بتوافر عوامل معينة ، منها حالة المناخ التي يعيش فيها الإنسان ، فيختلف الأمر بين من يعيش في مناخ ملوث وبيئة سيئة عمن يعيش في مناخ يتوافر فيه الهواء النقي والهدوء والأشجار والنظافة والمياه النقية ويبعد عن الزحام والتوتر الناجم عن سوء حالة المرور. إلخ. وتشير دراسة أمريكية إلي أن الصين انتهت إلي تحديد التأثير الدقيق للهواء الملوث والماء علي الصحة لكي تعمل علي إطالة متوسط أعمار مواطنيها بحلول عام 2020 إلي 79 عاما بدلا من 76.2 عام وهو المتوسط الحالي. وأشارت الدراسة التي نشرتها جريدة » الشروق » عن معهد سياسة الطاقة بجامعة شيكاغو إلي أن ما حققته الصين خلال السنوات الخمس الماضية في هذا المجال ساهم بالفعل في تحقيق الخطوة المنشودة ، وأكد مدير المعهد أن الصين بدأت تحقيق انتصار في حربها ضد التلوث وستؤدي إجراءاتها خلال الفترة القادمة إلي تحسين حالة شعبها. وأذكر هنا أن الزعيم التاريخي للصين ، ماو تسي تونج بدأ مسيرته الطويلة من أجل الثورة يصاحبه مئات الآلاف من الثوار ولكن عند وصوله إلي مقره النهائي علي بعد يزيد علي ألف ميل عبر الصين كان عدد رفاقه لا يزيد علي 10 آلاف من الثوار بعدما افترس المناخ والبعوض بقية الرفاق ، وهو ماو نفسه الذي طلب من شعبه بعد نجاح الثورة وتوليه الحكم أن يقضوا علي الذباب وكل الحشرات التي تضر ولا تنفع في شئ حتي تكون البيئة أكثر نقاء. بالعلم التحقت الصين بالنادي النووي ، أي الدول التي تمتلك قنابل نووية وكان هذا سلاحها في استحقاقها مقعدها في مجلس الأمن الدولي بعدما كانت الدول الغربية تستبعدها وتخصص مقعدها لفرموزا أو تايوان حاليا علي أساس أنها الممثلة الحقيقية للشعب الصيني. وقد نجح علماء صينيون مؤخرا في إيجاد علاج كامل لمرض السرطان ولكن لم يصرح باستخدامه بعد ، رغم نشره في دوريات علمية دولية وهذا العلاج ثورة حقيقية لدحر هذا المرض الذي أذي البشرية علي مدي عقود طويلة ويحتاج علاجه أو التقليل من الآلام التي يسببها إلي أموال طائلة. لكن هل ستسمح له شركات الدواء العالمية التي تعيش علي بيع علاج الأدوية للأمراض الخطيرة بتداول العقار الصيني؟ أشك في هذا لأنه يتردد أن هذه الشركات نفسها التي أوجدت هذا المرض وصورته في صورة تفزع بها الناس حتي تبيع لهم ما يعتقد أنه الدواء بينما لا تبيع لهم علاجا شافيا للمرض. ما يعنيني هنا أن أشير إلي أن الصين تعطي دفعات كبيرة لعلمائها لكي يكون لهم إسهامهم في كل مجالات الحياة علي مستوي العالم وهو أمر يعتبر بمثابة دور ضروري للصين التي تقدم نفسها علي اعتبار أنها يمكن أن تكون دولة عظمي في وقت قريب وبهذا لا تقدم نفسها باعتبارها قوة اقتصادية أو عسكرية كبيرة ، لكن دولة علمية أيضا تسعي لحل مشاكل تعاني منها البشرية في كل مكان. وقد أسفرت مراجعة الدوريات العلمية المعتبرة عالميا عن تخصيص ما يقرب من نصف الأبحاث المنشورة لعلماء صينيين والنشر هنا ليس مجاملة ولكن لاستحقاق هؤلاء العلماء وأبحاثهم للنشر مقدمين علي بقية العلماء من دول العالم المختلفة. لذلك أوجه دعوة إلي بلادي ، اطلبوا العلم من أي مكان.