أعتبر استهلال الرئيس عبد الفتاح السيسي للعام الجديد بإطلاقه مبادرة حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع بمثابة ضربة معلم أو أجمل هدية للمصريين جميعًا وهي مبادرة شاملة جامعة لمفهوم التكافل الاجتماعي المعروف في الفقه الإسلامي.. تلك المبادرة الميمونة تعد أصدق تطبيق لمفهوم الحوكمة والذي أطلقته الأممالمتحدة ويتعلق بثلاثة مبادئ أساسية هي الشفافية والإفصاح ومكافحة الفساد والمسئولية الاجتماعية لأطراف المجتمع وكلها تستهدف ضبط أداء المجتمع وتحقيق التوازن بين أطرافه بحيث يعيش الجميع في سلام اجتماعي بعيدا عن النزاعات أو بالأدق الأحقاد الطبقية.. المبادرة الجديدة التي أطلقها الرئيس باسم حياة كريمة تأتي بعد نجاح منقطع النظير لمبادرة »فيروس سي» والتي جاءت بردًا وسلامًا علي المصريين باعتبارها تستهدف صحة الإنسان الذي هو وسيلة وغاية أي تنمية فالتنمية إنما تكون بالإنسان ولصالح الإنسان. ولعل التجاوب الكبير مع المبادرة من كافة مؤسسات الدولة ليس كافيا وليس بحجم مبادرة خلاقة مثل مبادرة الرئيس وعلي الجميع من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وتنظيمات رجال الأعمال والمستثمرين أن تفكر في مشروعات خارج الصندوق ليكون التنفيذ علي نفس مستوي الفكر الخلاق للمبادرة فأي مؤسسة قطاع عام أو خاص لن تنجح فقط بإعمال الإدارة الجيدة وحسن استثمار الموارد بل أيضا بالقبول المجتمعي لها ولنا المثل في أكبر المؤسسات الاقتصادية في العالم والتي تتواجد بفاعلية داخل المجتمعات المحيطة بها وهذا مبدأ أساسي في معايير النجاح والتفوق. المسئولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات تطورت كثيرا عما قبل ولم تعد مجرد نافورة ولافتة تعلق باسم الشركة أو المؤسسة بل أصبحت عملا علميا مدروسا يلبي حاجة المجتمعات المحيطة ولدينا بالفعل نماذج ناجحة لهذا المفهوم في شكل مدارس ومستشفيات أنشأتها المؤسسات لخدمة المجتمع المحيط بها.. علي حكومة د.مصطفي مدبولي أن تستثمر فرصة القبول الشعبي والرسمي غير المسبوق لمبادرة الرئيس بأن تضع علي الفور اليوم وليس غدًا أولويات للمشاركة الاجتماعية المطلوبة في ضوء الحاجة الفعلية وأن تطرح الأولويات لحوار مع مؤسسات المجتمع المدني المستهدفة حتي لا يكون التنفيذ عشوائيًا وأن تتماشي الأولويات مع خطط الدولة لمواجهة مشاكل أساسية تتعلق بالتعليم والصحة ورفع مستويات معيشة المناطق الأكثر احتياجًا. وبحكم التخصص أدعو الوزيرة النشيطة الناجحة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي لسرعة إعداد الأولويات المطلوبة للفئات الأكثر احتياجا في المجتمع ومناقشتها مع مؤسسات المجتمع المدني وتنظيمات رجال الأعمال استثمارا لفرصة تأييدهم الكبير للمبادرة من منطلق »اطرق الحديد وهو ساخن».. وحسنا فعلت وزارة التضامن بإعلانها سريعًا عن أولويات للمبادرة باستهدافها بالمرحلة الأولي تنمية أفقر 100 قرية تتجاوز نسب الفقر فيها أكثر من 70% خلال عام، وأن تلك القري تم اختيارها وفقًا لخرائط الفقر المحدثة ومعظمها في محافظاتالجيزة والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والوادي الجديد والقليوبية والبحيرة ومرسي مطروح وشمال سيناء.. وأيضا حسنت فعلت الحكومة بأن الدولة لن تترك الأمر برمته للجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ورجال الأعمال بإعلانها أن تكلفة المبادرة مليارا جنيه يتم تمويل جزء منها من وزارة المالية. علينا أن نستثمر القبول الشعبي العارم للمبادرة بمشروعات فعلية، أي تلامس الواقع وتحل مشكلات يعانيها جانب مهم من المجتمع يتمثل في الفئات الأكثر احتياجا حتي لا يمر الوقت في إشادات ودعم وتأييد دون مشروعات تخدم المجتمع ولنا القدوة في رأس الدولة الذي ما أعلن عن مشروع إلا ونفذه في التوقيت المحدد دونما تأخير وهو ما حدث فعليا في مشروع قناة السويس الجديدة ومشروع ال 1.5 مليون فدان ومشروع تطوير العشوائيات وغيرها من المشروعات القومية العملاقة. أهمس في أذن الحكومة بأنه لا مانع علي الإطلاق من الاستفادة من التجارب العالمية في العمل الاجتماعي ولن أقول العمل الخيري فالأمر لم يعد تبرعات بل مساهمات في بناء المجتمع ومن أبرز هذه المؤسسات مؤسسة بل جيتس الخيرية ومؤسسة الشيخ محمد بن راشد وغيرها من المؤسسات التي أثبتت نجاحا كبيرا بما يؤكد أن هدف المؤسسات الاقتصادية الكبيرة لا يستهدف فقط الربح بل أيضا تنمية المجتمعات. شكرا للرئيس علي مبادراته الكثيرة لصالح أبناء المجتمع الذين أظهروا صلابة وجسارة في مواجهة تأثيرات برنامج الإصلاح الاقتصادي الحتمي بل والضروري لنهضة الاقتصاد والمجتمع وأتطلع لأن تعمل الحكومة ومؤسساتنا علي إنجاح تلك المبادرة المهمة التي تعبر عن التكافل في أرقي صوره وتعلي من قيمة »بناء الإنسان».