في أول اكتوبر بعد الثورة يحلو الخفاء للوطن.. ولعلنا نلتقي بأول ثمار عودة الاهتمام الحقيقي بالغناء الوطني من جانب وزير الاعلام الصديق أسامة هيكل، بعد سنوات عافي فيها الغناء كما كل شيء في مصر من التراجع وانحدار المستوي وتصلب الشرايين. في انتظار الجديد.. ارجو أن نلتفت جيدا الي الثروة الغنائية المحجور عليها في مخازن الاذاعة، أتمني مثلا أن أسمع في اكتوبر هذه التحفة الرائعة التي أبدعها أعظم شعراء العامية فؤاد حداد في ديوانه الجميل »من نور الخيال وصنع الاجيال« الذي تحول الي برنامج غنائي علي حلقات »ألحان سيد مكاوي، والذي لم نعد نسمع منه الا اغنيته الرائعة »الارض بتتكلم عربي« التي كانت أول ماكتبه فؤاد حداد العظيم ردا علي هزيمة 76، ثم كان هذا العمل الفني الرائع الذي أعاد فيه قراءة تاريخ القاهرة مستنهضا الهمم ومبشرا بالنصر الذي لن يتأخر باذن الله. جانب آخر اظن أننا نحتاجه بشدة هذه الايام بعد ان افتقدناه طويلا. أغنيات العمل والاحتفاء بالحياة والاعتزاز بكل ماهو مصري. في زمن آخر كان عبدالحليم حافظ يغني للبدلة الزرقاء وللتصنيع الثقيل. وكنا نغني من القلب لعمال السد العالي ولمرشدي قناة السويس.. وكنا قد هجرنا »يامين يجيب لي حبيبي« وعدنا لسيد الموسيقي العربية حتي الآن »سيد درويش« والدرس العظيم الذي كتبه في تاريخ الموسيقي حين ترك الغناء للباشوات الاتراك ليغني للشعب ويحتفي بالاسطوات والصنايعية. وكانت عبقرية صلاح جاهين تعطينا برنامجا غنائيا بديعا مثل »المكن« يحول فيه حديد اسوان وكهرباء السد الي حلم يتغني به الملايين، قبل أن يغتاله السماسرة واللصوص بعد ذلك. لانريد بالطبع غناء مفتعلا سوف ان الاجيال الجديدة هي التي ستبدع الفن الجديد الذي يعكس روح الثورة. فقط نريد أن نقول للناس ان هناك غناء آخر غير »اخترناه« وغير »بحبك ياحمار«.. غناء عشاق الحياة وعشاق الوطن.