استمرارا لما كتبت أمس الأول عن »تكفير الآخرين«.. وصلتني رسالة من السيد/ إقبال عزيز ينبهنا فيها إلي خطورة بعض ما نسمعه في هذه الأيام من المكفّرين والمخونين الذين أصبحوا فجأة ملء السمع والبصر عبر كل وسائل الإعلام! رسالة »إقبال عزيز« لا تدافع عن حقوق المصريين المسيحيين، فحسب .. وإنما تدافع عن قانون المواطنة بكل حذافيره دون انتقاص من حقوق أي فرد يعيش علي أرض هذا الوطن أياً كان جنسه أو دينه. يقول السيد/ إقبال عزيز: أكاد أسمع أنين الكثير من الأسر المصرية المتضررة من الأوضاع الحالية. وعلي جانب آخر أسمع من يلقون التهم علي الجناة الاعتباريين كنوع من تهدئة النفوس: كالفلول والأيدي الخارجية.. والعدو الصهيوني والخطط الأمريكية.. دون دليل واحد علي أن من قام بتلك الجرائم أناس مصريون مشكوك في دوافعهم. هل هم مأجورون؟! أم مغيبون بفعل تعاليم وتصريحات توهمهم بأن البطولة تبدأ بالتدمير ولكل قضية ضحاياها؟! ولكن ما هزني فعلاً وجعلني أحس بالخطر يقترب هو ما يقوم به الإعلام الآن عبر برامج التوك شو من استضافة شخصيات تعمل من خلال تصريحاتها علي تأجيج روح الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وتنذر بحرب أهلية إذا ما بدأت جذوتها في الاشتعال.. فقل علي هذا الوطن السلام. وتضيف الرسالة، بتركيز أكثر: إنها »فوضي« صاخبة، وليست حرية تعبير عن الرأي.. ونتائجها تعد وبالاً علي المستمعين، والمشاهدين خاصة البسطاء الذين يصدقون كل ما يسمعونه لأن ما يقوله نجوم الدعاة فهو مسلم »وأن الأغلبية العظمي منهم متلقون غير دارسين، وما يخرج من فم النجم فهو مسلم به. تلك الفوضي التي استباح فيها كل نجم أن يصف المختلف معه دينيًا بالكافر. وفي يوم واحد خرجت علينا شخصيتان علي قناتين مختلفتين لتدليا بنفس المفهوم، وتكرره بلا تردد: »الأقباط كفار«. ناهيك عمن فسر في بلاغة : كيف أن من مات من المسيحيين إبان أحداث 25 و 28 يناير ليسوا شهداء. ولم يتوقف عند ذلك فقط، بل أوصي بلعنهم (..). إنها ليست حرية تعبير عن الرأي وما أعرفه عن الدين الإسلامي ومن خلال معاشرتي لأصدقائي المسلمين. أعتقد أن ذلك بعيد كل البعد عن السماحة والتسامح. كما أنه بعيد تمامًا عما أقابله من حولي من حسن معاملة جيراني وأصدقائي وزملائي المسلمين.. فلماذا يشوهون تلك الصورة بهذه التصاريح الفجة؟! لماذا يصرون علي حرق الوطن؟! لماذا هم مصممون علي تلويث المفاهيم الراقية والعلاقات القوية التي تربطنا بعضنا البعض؟! تارة بنعتنا بال »كفار«. وتارة أخري بما سنلاقيه من معاملة إذا ما تقلدوا الأمور في البلاد وإجبارنا علي دفع الجزية؟!. ويحذرنا كاتب الرسالة من أن: النفوس محتقنة بما يكفي. وبدلاً من إعمال العقل علي وأد نار الفتنة أجد أن هناك من يريد أن يشعرنا بأننا قيد رحمته وعفوه لمجرد سماحه لنا بالعيش. حتي أنه في بعض الأحيان تتسم بعض التصريحات بالسذاجة البالغة، كمن صرح بأنه في حالة وصول الإسلاميين للحكم سيسمحون للأقباط بشرب الخمور وأكل لحم الخنازير! وكأن الأقباط شغلهم الشاغل هو شرب الخمور وأكل لحم الخنازير! تم اختزال كل مشاكلنا في تلك الجزئية وهو لا يعلم أن الخمر من المحرمات في المسيحية. ولا يعلم أن : »ليس كل ما يدخل الفم ينجسه بل ما يخرج منه. ولا يعلم أيضاً أن المسيحي مواطن مصري يعاني مثله تمامًا من كل المشكلات التي يعاني منها المسلمون أو أي فرد مصري. زد عليها ما يلاقيه من ذلك التمييز والتقييد في أحقيته في بناء كنيسة. أو تعيينه في منصب قيادي. أو اشتراكه في الحياة السياسة دون تهميش. وينهي السيد/ إقبال عزيز رسالته المهمة موجهاً صرخة إلي كل من يحب مصرنا العزيزة تحثهم علي : وقف هذه الفوضي الهدامة. وإطفاء تلك النار التي ستحرق الجميع بدون استثناء. فوطننا في خطر.. ويجب الإسراع باستصدار قانون المواطنة الذي يعاقب من يتكلم بجهالة ويسئ به إلي نفسه، وإلي دينه، قبل الإساءة لشريكه في الوطن. إنهم اليوم يستأسدون علي الأقلية.. وغدًا سيكفرون الجميع بدون استثناء. اللهم إني بلغت.. اللهم فاشهد.