ذات صباح حملت خديجة بنت خويلد الطعام وذهبت به الي الغار بنفسها لزوجها رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقابلها رجل في شعاب الجبل وسألها عن محمد فلم تجبه خشية أن يكون واحداً من أعدائه يريد به سوءاً.. كان هذا الرجل هو جبريل عليه السلام متمثلاً في صورة رجل سبقها إلي محمد في الغار وحدثه أن خديجة في الطريق إليه فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها وبشرها ببيت في الجنة.. واقبلت خديجة علي محمد بعدما قاست من عذاب الطريق فاستقبلها بترحاب وقال لها أبشري يا خديجة جاءني جبريل الآن وهو يقرئك السلام من ربه ويبشرك ببيت في الجنة.. إنها جديرة بهذه البشري.. فهي بنت الحسب والنسب وأحد أشراف مكة وتمتلك مالاً كثيراً وتجارة رابحة وذات جمال رائع وفتنة جذابة وشخصية قوية كانت تخرج من دارها لتزيل من طريق رسول الله صلي الله عليه وسلم القاذورات التي كانت تلقيها أمامه أم جميل زوجة أبي لهب عم الرسول.. كانت سند المجاهدين في تثبيت دعوة الاسلام ونصرة النبي والوقوف بجانبه في نضاله ضد المشركين في حرب شرسة شنوها عليه حين علموا بدعوته.. حاصروا المسلمين ومنعوا عنهم الطعام والشراب وحرموا التعامل معهم حتي أشرفوا علي الهلاك هنا كانت خديجة تشتري الطعام من مالها وترسله سراً إلي المحاصرين.. كانت تشتري العبيد الذين اسلموا وعذبوا بسبب اسلامهم وتعتقهم لوجه الله والاسلام، أنفقت أموالها في سبيل الدعوة حتي نفدت جميعها.. عاشت لزوجها رسول الله صلي الله عليه وسلم بكل مشاعرها وعواطفها وحبها وفرت له الأمن والهدوء في عبادته وتأملاته آثرته علي كل الحياة بمن وما فيها لأنه انفرد عن كل الرجال بمواهب نفسية وخلقية لا يتحلي بها إلا الأصفياء لذلك كانت جديرة ببيت في الجنة وبأن يلازمها الرسول صلي الله عليه وسلم في مرضها ويمنحها العطف والرعاية اعترافاً بالجميل وتكريماً لمكانتها في الاسلام وحين لبت نداء ربها دفنها الرسول وسوي التراب علي قبرها وغادر تفيض نفسه لوعة وحزناً علي فراقها الأليم.. حزن عليها حزناً مريراً وقاسي مقاساة هددت صحته لقد حظيت بما لم تحظ به واحدة من زوجاته بالحب والتقدير والتكريم.. وكانت أشرف زوجة وأعظم امرأة في الإسلام. محمود غنيم