عربة كبيرة تتوقف عند مدخل الورشة، وبدأ العمال في انزال حزم »البامبو» الكبيرة والصغيرة وإدخالها ورصها استعدادا لتقطيعها وبدء العمل عليها، وينهي صاحب الورشة عم مصطفي الحسابات المالية مع التجار قبل أن تغادر العربة ليبدأ مع صبيانه العمل في إنتاج كراسي وترابيزات البامبو بمختلف أشكالها. ورث مصطفي سيد الرجل الخمسيني تلك الصنعة أبا عن جد، حيث بدأ يتردد علي الورش منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره، صبيا صغيرا يقوم بجمع المسامير وإحضار الطعام للصنايعية لكنه كان مراقبا لفنون الصناعة حتي اتقنها، وعرف خباياها، ولم يمنعه ذلك من اكمال دراسته وحصوله علي دبلوم صناعي، فكما ورث الصنعة عن أبيه ورث عنه أيضا أهمية استكمال التعليم الذي يراه شيئا أساسيا، ويقول مصطفي » تعلم الصنعة مهم بس الشهادة كمان مهمة عشان محدش يمضيني علي حاجة وابقي فاهم السوق، أهلنا علمونا كدة» . لا يوجد البامبو في مصر بل يتم استيراده من الصين واندونيسيا، وتزن الحزمة منه 12 كيلو ونصفا تكفي لانتاج طقم كامل من المقاعد والطاولة» ويقتصر التصنيع علي الشغل اليدوي فقط، وهو ما يستغرق وقتا وجهدا وطاقة، ويبدأ سعر الكرسي منفردا من 400جنيه ويختلف باختلاف الأحجام والأشكال والتي من الممكن أن تختار الزبائن تصاميمها، ويقوم مصطفي بتفيذها في ورشته . ويبدأ التصنيع برص القوائم السميكة »الأرجل» بمسافات معينة ويتم كساؤها بالبامبو الأقل سماكة وتضفيرها بطريقة متداخلة ثم تثبيت المقعد بمسامير ودبابيس يتم كساؤها بالقش والعُقد المتداخلة حتي تغطيتها بالكامل، وتتم تلك المراحل يدويا دون تدخل مكن أو آلات وهو ما يعطي المنتجات قيمة، ويقوم بذلك ما بين 4 أو 5 صنايعية يتم تقسيم المراحل عليهم ما بين التقطيع، تثبيت المسامير، الثني علي النار، رسم التصميم والتشكيل والتنظيف والتشطيب، ويستغرق الطقم بالكامل أسبوعا أو أقل حسب قدرة وخبرة الصنايعية،ويري مصطفي أن ارتفاع أسعار منتجات البامبو نتيجة الاستيراد من الخارج، لكنها مازالت محتفظة بزبائنها، حيث أن كرسي البامبو أفضل من الخشب كونه لا يتأثر بالماء بل يمتصه وهو ما يطيل عمره . ويحرص مصطفي علي احضار ابنه الذي يدرس في مرحلة الإعدادية معه إلي الورشة لتعليمه الصنعة، معلقا » ابن الوز عوام، ابن الدكتور دكتور وابن المهندس مهندس وابن الصنايعي صنايعي»، ويشعر الآن بالفخر، ويقول :»زمان وأنا صغير كنت بقعد عالأرض دلوقتي بقعد علي كرسي والصنايعيةً هي اللي تشتغل» .