يبدو أن شعوب العالم بدأت تدرك مدي قوتها بعد ثورتي تونس و مصر واصبحت تلجأ إلي إظهار هذه القوة من أجل ردع حكوماتها التي لا ينبض قلوبها بنبض شعوبها. عجوز ضئيل الجسم، مسالم الوجه، في الرابعة والسبعين من عمره,اشعل ثورة ضد الفساد في الهند هزت هيبة الحكومة.. حتي انه رفض الخروج من السجن إلا بشروطه. انا هازاري، الذي سبق واشرت اليه في مقال بعنوان تجريس الفاسدين حشد الملايين وراءه للمطالبة بقانون فعال ضد فساد رجال الحكومة والسياسيين بعد تفجر عشرات فضائح فساد مست عدداً من الوزراء والمسئولين.. فساد جهنمي لا يقل عن فساد نظام مصر السابق. تحول انا هازاري لقدوة ونموذج للشباب بطيبته وقيمه. وأعلن بدء النضال الثاني من أجل الحرية والتغيير.كان النضال الأول قد قاده الزعيم غاندي من أجل تحرير البلاد من الاستعمار أما النضال الثاني فمن اجل تحريرها من الفساد. يستخدم تلميذ غاندي نفس اسلوبه في تجنب استخدام العنف . وقد لعب دورا حيويا في إيقاظ ضمير الأمة واصبح مصدر ازعاج للسلطات التي اعتقلته بعد اعلانه الإضراب عن الطعام حتي الموت إذا لم تستجب الحكومة لطلبه بتعديل قانون مكافحة الفساد المعروض الآن علي البرلمان والذي يستثني رئيس الوزراء والمسئولين الحكوميين ورجال القضاء من الملاحقة بتهم الفساد. بعد اشتعال المظاهرات أطلقت الحكومة سراحه إلا أنه رفض الخروج من السجن الا بعد السماح له بالاضراب عن الطعام 15يوما وليس ثلاثة أيام كما تنص قراراتها، والسماح له بالتواجد في حديقة عامة مع اتباعه اثناء اضرابه وخرج بالفعل ليستكمل صيامه الذي بدأه يوم الثلاثاء قبل الماضي حتي يلبي طلبه. كان انا هازاري قد اضرب عن الطعام من قبل في ابريل الماضي من اجل انشاء جهاز مستقل لمحاكمة الفاسدين وتم الاستجابة لمطلبه إلا ان مشروع قانون مكافحة الفساد الذي قدمته الحكومة للبرلمان اعتبره هازاري مهلهلا وغير فعال ومرفوض. قدم هازاري واتباعه مشروعا آخر رفضته الحكومة لانها اذا اقرته كثير من مسئوليها سينتهي بهم الأمر في السجون. يساند مطالب هازاري الطبقة الوسطي الجديدة التي سئمت تغلغل الفساد في كل مناحي الحياة.. فلا مصلحة تقضي إلا بدفع» المعلوم« الطبقة الوسطي الجديدة اصبح لديها وعي سياسي وامنت بوجوب تحويل الوطن لمكان افضل في هند نظيفة غير ملوثة بالفساد. كانت الحركة ضد الفساد قد ظهرت في العام الماضي بعد سلسلة فضائح مست عدداً من الوزراء وحتي رئيس الوزراء نفسه. ولجأت الحكومة الهندية لتشويه سمعة هازاري واتهمته بالفساد المالي وباءت محاولتها بالفشل.. فلجأت لاسلوب التخوين عندما أعلن مسئول حكومي بوجود دور محتمل للولايات المتحدة في موجة الاحتجاجات ضد الفساد في الهند إلا ان هازاري أعلن انه مصمم علي المضي في نضاله.