خفة الدم للمواطن المصري كتبت بطولتها في أهم مراحل التحول الاجتماعي الذي نعاصره، وكانت تعليقات رواد ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي علي »كل شيء».. إهتمام جميع المتابعين ووسائل الإعلام، ولاقت اهتماماً خاصاً من أصدقاء السوشيال ميديا وتألق الشباب بتعليقاتهم التي غيرت بعض المفاهيم وحفرت بقوة ملامح هذا الجيل الذي وجد الملاذ للتحدث بحرية وبدون عقاب، فمنهم له تعليقه المميز الذي يحمل طيه حلولاً ووجهات نظر هامة، وتعليقات أخري جريئة لمواقف شخصية قد يخجل البعض من الإشارة إليها بطريقة غير مباشرة، ولتوثيق إفيهات المصريين ظهرت صفحات علي الفيسبوك وحسابات علي تويتر كل محتواها وما تقدمه وتنشره عبارة عن »سكرينة» أي صورة الكومنت من علي الهاتف المحمول، وبسبب خفة الدم المصرية فإن صفحات مثل »الكومنت الفصيل» والكومنت الجامد» »وبوستات جامدة» وغيرها تحظي بمتابعة الملايين، وربنا يرزق الجميع.. ولكن انتشرت أيضاً مع »كومنتات» الافيهات المضحكة التعليقات البذيئة، وهي بعيدة كل البعد عن وجهة النظر السلبية أو الانتقاد بمراحل لتصل إلي حد الإهانة والشتائم. لم تسلم منشورات مرض النجوم أو وفاتهم وصورهم بالساحل أو غيره.. حتي احتفالاتهم الشخصية من التعليقات البذيئة، ومنهم من نشر مقاطع فيديو أو كتب منشورات يوضح للمتابعين وبالأخص المتابعين »المعلّقين» بالتوقف عن استخدام تلك اللغة الجديدة المهينة في تعليقاتهم، مشيرين إلي أن تلك الحسابات يتابعها أصدقاؤهم وعائلاتهم، ولا يجدون غير ال »البلوك» كأحد أهم الاجراءات لأن تتوقف تلك الشخصيات عن عملها الدنيء، والتي في بعض المنشورات تتحول لحرب بين صاحب البوست ومؤيديه ضد صاحب الكومنت البذيء. بطبيعة الحال فإن المشاهير ونجوم الفن والغناء أول من يعانون من التعليقات السلبية والانتقادات.. يتابع حساباتهم الملايين ولكل منهم رأيه وقد يتفق في وقت ويعترض علي تغريدة أو بوست في وقت لاحق، قد يتعرضون لبعض النقد اللاذع نوعاً ما، مثلاً دورك في الفيلم الأخير غير جيد، صوتك وحش متغنيش، ومثل تلك التعليقات التي يراها البعض منهم مهمة للغاية ويحرص علي الرد، وفي بعض الأحيان ينشر بوست كاستطلاع للرأي، ولكن ما أود التركيز عليه هو التعليق بألفاظ خادشة للحياء، والتي زادت بشكل ملحوظ ويعاني منها الآن أغلب نشطاء مواقع التواصل وليس المشاهير والنجوم فقط، فمع انتشار برامج تسجيل مقاطع الفيديو وتعديل صوت المقطع، بصوت الشخص نفسه ووضع صوت ممثل أو مقطع من أغنية.. انتشرت فيديوهات لأشخاص عادية تقلد أشهر نجوم الغناء والتمثيل العالميين والمصريين، ويا ويلاه من التعليقات وكم الألفاظ التي بها، وكتب أحد الحسابات معبراً عن حالته من تلك التعليقات وأصحابها: هو انا ايه اللي يخليني أقدر الناس في التعليقات وارد عشان يدخل بني آدم يحرق دمنا بسخافته زي ما يكون في ناس بتلاقي متعة انها تحرق دم الناس، وغيره من التعليقات التي لا ترحم حالة أحد مثل التعليقات علي حالة المرض والعلاج التي عانت منها النجمة »إليسا»، أو التعليقات علي خبر وفاة الفنانة »هياتم» وغيرها. حلول غير كافية بدأ موقع الفيسبوك بتطبيق بعض الحلول »غير البلوك» حتي لا يقل عدد الحسابات الموجودة عليه، أو علي الأقل حتي لا يقال علي الموقع إنه أصبح ساحة لتبادل الشتائم والخناقات.. أضاف »مارك» خاصية جديدة عبارة عن سهمين فوق بعضهما تظهر بجانب التعليق تستطيع من خلالها التصويت علي جودة التعليق، فإذا اعجبك تعليق ما فإنك تضغط للأعلي ويحصل هذا التعليق علي نقطة، والعكس بالنسبة للتعليق الذي تراه غير مناسب أو غير لائقاً وسيؤدي في النهاية إلي اختفاء التعليق صاحب النقاط الأقل، أما تويتر فإنه اكتفي بالتعامل الشخصي للحسابات مع بعضهم البعض، وإذا لا ترغب في الكومنت.. بلوك لصاحبه. محاولات جيدة ولكن أعتقد أننا بحاجة إلي المزيد من الاختيارات لحجب تلك الكلمات من البداية، فنحن لا نريد أن نقرأها أولاً و»يتحرق دمنا» ثم نمنعها.. وتقول د. نادية رجب استاذ علم الاجتماع والعلاقات الأسرية بجامعة الأزهر إن » كل شخص يحب الهجوم علي الآخرين وتوجيه الشتائم علي السوشيال ميديا لهم لأنهم فقط يختلفون معه في الرأي مرضي نفسيون، واضافت بأن من يكتب الكلمات التي تختلف معها هو إنسان مثلك من لحم ودم لديه مشاعر وأحاسيس، وان ما تفعله لايستحق ولا تقذف به في وجه كل شخص ينظر للأمور بشكل مختلف عنك، أما نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي المسالمون فأنصحهم بالابتعاد عن قراءة التعليقات توفيرا لوقتهم وحفاظا علي مشاعرهم من قراءة البذاءات.