دخل ملف التدخلات الروسية في الانتخابات الأمريكية 2016 عامه الثالث دون توجيه الاتهام إلي أحد، مما يوحي بأن الستار لن يسدل بعد عن هذه القضية التي طال أمدها. ووصل الأمر إلي أن الرئيس الأمريكي طالب وزير العدل "جيف سيشنز" بوقف التحقيقات التي يقودها المحقق الخاص "روبرت مولر" في عملية التدخل الروسي. علما بأن هذا ليس من سلطات سيشنز بعد أن حيّد نفسه عن هذا الملف منذ مارس 2017 أي قبل تعيين مولر، وترك لنائبه "رود روزنستاين" مهمة الاشراف علي التحقيقات، لأنه كان في حملة ترامب الانتخابية. وحاول البيت الأبيض ومقربون من الرئيس تبرير تصريحات ترامب بأنها مجرد رأي شخصي وليس أمرا لوزير العدل. ورأي الديموقراطيون في دعوة ترامب بوقف التحقيقات "ذعرا" من الإدانة التي تقترب منه أكثر فأكثر. وخاصة بعد أن كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي عن وثائق سرية تظهر تآمر مستشار ترامب للسياسة الخارجية خلال الحملة الانتخابية "كارتر بيج" مع الحكومة الروسية إبان الماراثون الانتخابي، استنادا إلي "الملف الروسي" الذي أعده عميل الاستخبارات البريطانية السابق "كريستوفر ستيل" الذي قدم لمكتب التحقيقات الفيدرالي ملفا عن علاقة شخصيات في حملة ترامب الانتخابية مع روسيا. وذلك بالإضافة إلي أن مولر لديه "أدلة قوية" استقاها من شهادات سرية وغير معلنة لبعض كبار مساعدي ترامب في البيت الأبيض تثبت مدي تورط الرئيس الأمريكي في عرقلة العدالة، وفقا لمصادر مقربة من دائرة التحقيق. وتفيد تلك الأدلة بأن ترامب كان يعلم بخضوع مستشار الأمن القومي السابق "مايكل فلين" للتحقيق، وحينها طلب من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية السابق "جيمس كومي" أن يقوم بوقف التحقيق، وعندما رفض الأخير طرده ترامب من منصبه. وأضافت المصادر أن "روزنشتاين" بصدد أن يقدم تقريرا سريا للكونجرس بمثابة دليل علي أن الرئيس ترامب انتهك القانون، وللنظر في إمكانية اللجوء لإجراءات عزله من منصبه. ويبدو أن هذا ما جعل الرئيس الأمريكي يخرج بتغريدة متهورة لوقف التحقيق، بعدما علم أن المحقق الخاص يريد توجيه أسئلة إليه تتعلق بعرقلة العدالة، حيث سيكون من اليسير علي مولر توريط الرئيس والإيقاع به بسبب تضارب تصريحاته. وفي محاولة بائسة لترامب أطلق سلسلة تغريدات استهدفت مصداقية »مولر»، مدعيا أنه كان بينه وبين المحقق الخاص علاقة عمل سيئة جدا ومحل نزاع. وعندما يأتي الطوفان يبحث كل إنسان عن طوق النجاة، وذلك ما فعله "مايكل كوهين" محامي ترامب السابق عندما قال إنه علي استعداد للإدلاء بشهادته للمدعي الخاص روبرت مولر، بأن الرئيس كان علي علم بنوايا ابنه بلقاء المحامية الروسية "ناتاليا فيسيلنيتسكايا" ومواطنين روس آخرين. وقال "رودولف دبليو جيولياني" محامي ترامب الحالي إن السيد كوهين يحاول "البقاء خارج السجن" من خلال تقديم أدلة ضد موكله السابق. وبدا ترامب وكأنه يجلس علي جمر مع بداية محاكمة "بول مانافورت" المدير السابق لحملته الرئاسية، في قضايا تهرب ضريبي لا ترتبط بشكل مباشر في ملف التدخل الروسي. وتباين رد فعل ترامب بين إبداء التعاطف مع مانافورت ومحاولة النأي بنفسه عنه. ولكن يتعامل مولر مع مانافورت باعتباره نقطة محورية في تحقيقه بشأن احتمال التواطؤ بين الحملة والكرملين. حيث أدار مانافورت حملة ترامب الرئاسية لثلاثة شهور وحضر اجتماعا في يونيو 2016 في برج ترامب مع الروس. ورغم أن المحققين لم يقدموا أدلة علي التواطؤ في تلك المحاكمة، فإنهم يسعون لتقديم تفاصيل عن عمل مانافورت في أوكرانيا الأمر الذي أثار احتمال ظهور معلومات جديدة عن صلاته بروسيا. وأثار ترامب غضبا واسعا بين صفوف الديموقراطين والجمهوريين علي حد سواء، بعد أن تجاهل تقارير تدخل روسيا في الانتخابات خلال قمة هلنسكي في فنلندا التي جمعته مع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين، قائلا "لا أري سببا يجعل روسيا تفعل ذلك"، مما يوضح انفصاله عن إدارته التي وجهت الاتهام ل12 من ضباط المخابرات الروسية بشن هجمات الكترونية بهدف التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.