أخطر ما تواجهه ثورة 25 يناير حاليا هو تآكل دور الشباب الذين فجروا الثورة وكانوا وقودها ودفعوا الثمن الأغلي لنجاحها قبل أن يتفرقوا في الكثير من الإئتلافات العشوائية التي انشغلت عن إستكمال اهداف الثورة بالإنتشار في الفضائيات والبحث عن الشهرة والزعامة.. ولم يتوقف بعض الشباب عند ذلك بل وقعوا في الكثير من الاخطاء التي تنم عن عدم خبرة ومراهقة سياسية فراحوا يتجاوزون في الخطاب ويتطرفون في التصريحات التي استفزت قطاعا عريضا من الشعب وخلقت مسافة كبيرة بينه وبين الثورة ..وقد حذرتُ من قبل من خطر الفضائيات علي الحركات السياسية والثورات وقلتُ إن الفضائيات "قاتلة الثورات" وضربتُ المثل بحركة كفاية التي إنشغل بعض زعمائها فور إنطلاقها بأضواء وسائل الإعلام عن الحراك في الشارع وبين الناس حتي كادت الحركة تلفظ انفاسها .. والغريب أن هذا التآكل الذي أصاب دور الشباب صبَ ولا يزال يصبُ في حجر قوي وجماعات كانت ضد الثورة حتي آخر لحظة ولم تنضم اليها إلا بعد ضمان نجاحها ولم تقدم لها نقطة دم واحدة ..بل إنها لا تتورع عن إتهام مفجري الثورة الآن بالسعي لسرقتها!!.. وساعد في قفز الانتهازيين علي قطار الثورة عدم وجود قيادة موحدة لها ..فقد فرحنا جميعا في بداية الامر بأن هذه الثورة بلا قائد وقلنا إن ذلك هو سر تفردها وعظمتها ولكن ما إن إنتهت الموجة الاولي للثورة وغادر الثوار ميدان التحرير حتي اكتشفنا أن عدم وجود قيادة موحدة بات نقطة ضعف خطيرة وفتح الباب واسعا للتشرذم والفُرقة بل ومكن من قفزوا في آخر لحظة في العربة الاخيرة من قطار الثورة الي مزاحمة الثوار الحقيقيين حتي كادوا يستولون علي عجلة القيادة!!..وسبق أن اقترحتُ في هذا المكان توحد شباب الثورة تحت مظلة الجمعية الوطنية للتغيير كقيادة مؤقتة لحين إجراء الانتخابات البرلمانية وظهور قيادة جديدة تستمد شرعيتها من صناديق الإقتراع..وكنتُ أُدركُ مدي صعوبة الاستجابة لهذا الإقتراح لأن بعض شباب الإئتلافات يتوهمون أنهم حققوا شعبية ومكاسب أدبية ومن ثم سيكون من الصعب عليهم التخلي عنها بسهولة..غير أني مازلتُ أرجو من شباب الثورة النبيل الذين لا أشك لحظة في صدق وطنيتهم وإنتمائهم لهذا البلد وثورته العظيمة التحلي باكبر قدر من الإيثار ونكران الذات من أجل إنقاذ الثورة وإستكمال رسالتها وأهدافها والوفاء لدماء شهدائها وتضحيات أبطالها..ومن حسن الحظ أن أمامنا فرصة عظيمة لإعادة الاصطفاف والتوحد تحت راية الثورة مجددا تقدمها الجمعية الوطنية للتغيير استمرارا لعطائها ونضالها الوطني اللامحدود قبل الثورة وبعدها ..وهذه الفرصة ، كما شرحها لي الدكتور عبد الجليل مصطفي المنسق العام للجمعية ، تتمثل في مشروع كبير للبناء والتنمية تعتزم الجمعية إطلاقه بعنوان " كتائب حراس الثورة" يستهدف حشد ملايين الشباب الذين شاركوا في الثورة أو تحمسوا لها ولكنهم عازفون عن الانخراط في كيانات سياسية وأحزاب قديمة متورطة في التعاون مع النظام السابق وأمن الدولة بالذات أو جديدة كشفت عن إنتهازية فجة عندما سارعت لجني ثمار الثورة قبل أن تكتمل بهدف حرق المراحل للقفز علي الحكم..والهدف الاول والرئيسي لهذه الكتائب هو العمل بإخلاص وإيثار لإستكمال مسيرة ثورة 25 يناير والسهر علي تحقيق كل مبادئها السامية..وفهمتُ من الدكتور عبد الجليل أنه لن تكون لهذه التشكيلات الاهلية أي علاقة بأحزاب أو كيانات سياسية علي الاطلاق وإنما سينصب كل جهدهم علي خدمة أهداف الثورة ويمكن القيام بأنشطة مجتمعية مثل التشجير والنظافة ومحو الامية منفردة أو بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني لا علاقة لها بالسياسة..وسوف تضم الكتائب كل الراغبين من المصريين إعتبارا من سن الثانية عشرة علي أن يكون لكل منهم كارنيه خاص يحمل اسم وشعار الجمعية ويتم الترويج للمشروع عبر مؤتمرات شعبية وندوات جماهيرية تجوب المحافظات وتؤكد في كل مرة وفي أي مناسبة أن هدف الكتائب خالص لوجه الله والثورة ..وتدعو المصريين خاصة الشباب من الجنسين للتطوع للعمل العام المتجرد من المصلحة والغرض.. ويمكن علي المدي الطويل تطوير نشاط كتائب حراس الثورة ليشمل الدفاع عن حقوق المظلومين ومقاومة الرشوة والفساد وكل انواع السلوك المنحرف ..وكذلك مراقبة آداء المؤسسات المختلفة بما يضمن الحفاظ علي روح واخلاق ميدان التحرير..وفي هذه المرحلة يمكن الاستعانة بخريجي الحقوق لتشكيل جماعات حقوقية تراقب آداء الشرطة وتضمن عدم انتهاك حقوق المواطن بأي شكل من الاشكال.. وأمام مشروع وطني طموح للخدمة الاجتماعية والاهلية بهذا الحجم ، لا أملك إلا مناشدة جماهير مصر من كل الاعمار ، وليس الشباب فقط ، الي الإنضمام اليه لأنه ينطلق من حقيقة أن المصريين صنعوا الثورة الاعظم والاروع في تاريخ البشرية بشهادة العالم كله..وتجسدت كل المعاني النبيلة والسامية لثورتهم فيما أطلق عليه "روح ميدان التحرير" .. مسيرة جماهيرية الي سيناء.. وفي بيانها الاخير ، دعت الجمعية الوطنية للتغيير الي مسيرة جماهيرية حاشدة الي مدينة العريش بعد غد الثلاثاء لإدانة العدوان الاسرائيلي الجبان علي حدودنا وقتل وإصابة جنود مصريين علي اراضيهم ..وتأكيد السيادة المصرية المطلقة علي سيناء ..وكذلك إعلان وقوف الشعب المصري بكافة أطيافه وراء جيشه العظيم للدفاع عن الامن القومي وأرضنا المقدسة.. وأمام هذا النداء الوطني لا أملك أيضا إلا مناشدة كل المصريين الزحف علي سيناء لكي نقول للجميع إن الشعب والجيش كانا وسيظلان "ايد واحدة" وإن أي عدوان علي أي شبر من أرض الكنانة سيكون باهظ الثمن ..فمصر ثارت من أجل حريتها وكرامتها ولن ترضي عنهما بديلا بعد الآن