منذ 41 يوليو 1102 »تاريخ كتابة أول مقال في سلسلة المطالبة بالغاء التعليم المفتوح« وحتي آخر مقال في 11 أغسطس 1102، وهو المقال الخامس دون انقطاع في تحليل هذا الموضوع. والرسائل عبر بريدي الالكتروني وصلت الي عدة آلاف ورسائل تليفوني المحمول ومكالمات لا حصر لها، تطالبني باستمرار حملتي بضرورة الغاء التعليم المفتوح باعتباره من مخلفات ونتوءات والفكر المتوحش لنظام مبارك المخلوع وحكومته غير المبالية بالاغلبية الفقيرة، وبالقيم السياسية التي تتركز في المساواة وتكافؤ الفرص كما التقيت بالصديق محمد الغيطي »جاري العزيز في هذه الصفحة« في حفل افطار وحياني علي هذه الحملة، وشجعني بالاستمرار لاسقاط كل الالغام المضادة للثورة، وابلغني انه سيكتب ايضا في هذا الموضوع، كما ان الصديق ياسر رزق رئيس التحرير تابع هذه المقالات وابلغني بدعمه لها ووعدني بالكتابة في هذا الموضوع، كما اتصل بي عشرات الشخصيات المهمة ذات الصلة »تدريسا وإدارة« بالتعليم المفتوح اخبروني بمآسي وحالات فساد وكشوف مكافآت لا حصر لها، مؤكدين ما سبق أن اشرت اليه من أن هذا النوع من التعليم هو جزء من فساد الجامعة وأحد اسباب تدهورها، وصورة من صور انهيار منظومة القيم، واحد سبل الالتفاف علي مجانية التعليم وهي احدي الثمار الاجتماعية لثورة 32 يوليو المجيدة. ولو كنا في مجتمع ديمقراطي حقيقي، الذي لازلنا نناضل من أجل تأسيسه، لما كتبت في موضوع واحد من جميع جوانبه، لمدة خمسة أسابيع متصلة دون أن يهتز مسئول في البلد!! فهذه هي المأساة الكبري التي تواجه حكومة شرف باعتبارها امتدادا لنمط تفكير الحكومات السابقة. ولو كانت حكومة شرف هي حكومة الثورة الحقيقية لاتصل مكتب د. شرف بالكاتب، او لاتصل وزير التعليم العالي، او لاتصل الأمين العام للمجلس الأعلي للجامعات وهو الامر الذي لم يحدث حتي الآن!! ويشير هذا الصمت وهذا التجاهل لما تعانيه الحكومة من تخبط وفقدان الرؤية واضطراب سياساتها غير الموجودة اصلا، كما ان الحكومة تعاني من غلبة العشوائية وفكر »لجنة السياسات« التي لم تخرج منه بكل أسف حتي الآن، الأمر الذي يدعوني للقول الصريح ان حكومة شرف تعيش في اطار النظام السابق، وكل مهامها في هذه المرحلة هي محاولة استيعاب ما حدث في 52 يناير باعتباره مجرد حدث جماهيري سرعان ما سيخبو بآثاره، وان الحديث عنه باعتباره ثورة هو من قبيل المجاملات للشعب، وان اسلوب »المسكنة« في خطاب رئيس الحكومة وبعض وزرائه هو جزء من هذا الاستيعاب فضلا عن ان وقت رئيس الوزراء مخصص للبحث عن معاشات الشهداء وتعويضاتهم، وتعويضات جرحي »الثورة« وليس مخصصا للبحث في خيارات حقيقية بكل أسف - فلقد اتصلت بالزميلة الفاضلة الاستاذة الدكتورة سلوي الغريب »امين عام المجلس الاعلي للجامعات« للاستفسار عن طلب لأحد ابناء دائرتي في شبرا الخيمة، ثم طلبت منها متابعة مقالاتي عن التعليم المفتوح، وطالبتها باعادة النظر فيه قبل بدء التنسيق، وان تحدث الوزير معتز خورشيد في ذلك، فكان ردها عليَّ هو ان اتحدث مع الوزير مباشرة، ومن جانبها ستبلغه بمضمون حديثنا ولكنني رفضت ان اتحدث مع الوزير، لانه كما اعرف لدي كل وزير ورئيس الحكومة ومسئولين كبار »ادارة اعلام، ومستشارون بلا عدد.. الخ« فهل لم يعرض علي الوزير مقالات تتحدث عن الغاء التعليم المفتوح استمرت شهرا ونصفاً، وبدأت عقب نتيجة الثانوية العامة مباشرة؟! فإذا لم تعرض المقالات، فهذه كارثة، وان عرضت وتجاهلها الوزير، فهذه هي »أم الكوارث«. وقد تأثرت بشدة عند قراءة نتيجة تنسيق المرحلة الثانية صباح يوم 9/8/1102م واشير فقط لهول المأساة، في المجموعة الادبية فإن نسبة الحد الادني لكلية تجارة القاهرة هو 72.97٪ بينما الحد الادني لذات الكلية وذات الجامعة للتعليم المفتوح هو 16.56٪ وبفارق اكثر من 41٪!! أين المساواة وتكافؤ الفرص أيها السيد الوزير، وايها السيد رئيس الوزراء؟! فما هو المعيار هنا: أليس القدرة المالية فقط؟! وأذكركم ان فارق الانتساب الموجه لم يكن يتخطي 5٪ ويدرس مع اقرانه في ذات المدرج او بمحاضرات منفصلة حسب الاماكن ومع ذلك كنت ارفضه لانه يلي المجانية او تحايلا عليها لبعض الطلاب، وكنت اصر علي الغاء رسومه واتاحة الفرصة للطلاب بالمجان ومن ثم فإن التعليم المفتوح اسوأ من الانتساب الموجه فالفارق شاسع، والمرحلة الثالثة ستكشف عن المزيد من الفوارق والكوارث، وهو اخلال واضح لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص. كما انه اسوأ لان طلاب التعليم المفتوح الحاصلين علي الثانوية يدرسون جنبا إلي جنب الطلاب الذين فاتهم قطار التعليم وهناك فوارق ذهنية وخبرات، وتنعدم فيها الرؤية التربوية. اما ما يتعلق باجهاض الثورة، فإن المستقر عليه في ادبيات علم الثورات كفرع من فروع علم السياسة، ايقظته ثورة 52 يناير العظيمة، أن الثورة هي التغيير الشامل، الذي يعني بدوره تغيير منظومة القيم السائدة التي ثارت الجماهير ضدها، وتغيير السياسات، وتغيير الآليات او الوسائل لتحقيق غايات الثورة. وباعتبار ان المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، هي القيم المأمول تحقيقها للثورة، فإن استمرار العمل بذات السياسات هو تكريس لمنظومة القيم السيئة، هو محاولة لاجهاض الثورة ولعل اصرار الوزير خورشيد علي استمرار التعليم المفتوح لطلاب الثانوية العامة، هو ضرب للثورة في مقتل وبالتالي فإن استمراره هو استمرار للاجهاز علي هذه الثورة وهو ما لا نقبله وسنظل نقاومه، والحوار متصل.