النصب فن.. والاحتيال فن.. ومن يحترفهما ويتفوق في ممارستهما يصبح انتهازيا، ينتمي الي كل التجمعات، ويأكل علي كل الموائد، ويتقدم كل الجنازات!! وفي مصر الآن أشكال وألوان من الانتهازيين، الذين تصوروا ان عدم وجود زعيم معين، او قائد واحد، لثورة 52 يناير التي اطاحت بسرعة البرق، برأس نظام جثم علي صدور المصريين طوال ثلاثين عاما.. معناه ان مصر اصبحت »صينية فتَّة« بلا صاحب.. والشاطر هو الذي يسبق غيره و»يهبر« منها »الهبرة« التي تجعله يتفوق علي غيره!! تحول المشهد كله الي هيصة، وزحام، ولافتات، وهتافات، ومنصات، وخطابات، وخيام، واعتصامات، واشتباكات، ومصادمات، وخناقات.. وتشرذم المحتشدون في الميادين.. وانقسموا الي ليبراليين، وعلمانيين، واخوان، وائتلافات ثورية، وجبهات سياسية، وجمعيات اهلية، وحركات سلفية، وجماعات صوفية. جميعهم يتحدثون باسم شعب مصر.. وكلهم يزعمون انهم يمثلون شعب مصر.. ويدعون ان في استطاعتهم حشد ملايين المؤيدين والتابعين لهم.. ويهددون ويتوعدون! ومن المضحكات المبكيات، ان بعض الذين استبد بهم الغرور، واعلنوا انهم أحق بزعامة مصر، ورئاستها، راحوا يصدرون البيانات ويدلون للصحف ومراسلي شبكات التليفزيون، بالتصريحات البلهاء.. بعد ان صدقوا انفسهم بانهم فعلا زعماء!! كلهم يتصورون ان الساحة قد خلت، وان فرصة ركوبهم علي اعناق المصريين قد حانت.. ولا يدركون انهم ينفخون في قربة مقطوعة، وان الشعب عندما سيقول كلمته في صناديق الانتخابات سيعودون الي اصولهم الاولي خائبين!!