قال الحكيم: أعظم انجازات حققها الانسان كانت بفضل نوعين مختلفين تماما من الرجال، هؤلاء الذين كانوا من الذكاء بحيث أدركوا ان في مقدورهم تحقيق هذا الانجاز، وهؤلاء الذين كانوا من الغباء بحيث قالوا باستحالة انجازه. وناشدت جميع الشرائع السماوية الانسان بضرورة العمل والاجتهاد والسعي في الارض، والبحث عن فرص العمل المناسبة التي تمكنه من توفير الحياة الكريمة له ولأفراد اسرته بداية من الفترة التي يستطيع فيها تحمل تكاليف العمل وإلي ان تقوم الساعة »إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتي يغرسها، فليفعل«، ويحصد الانسان ثواب العمل في الدنيا والاخرة فينال في الدنيا اجره ومكافأته وعلاواته التي تساعده علي التعامل مع متطلبات المعيشة وينال في الاخرة الحسنات التي تعينه علي بلوغ هدفه نتيجة دقته وأمانته في أداء واجبه وكما قال صلي الله عليه وسلم: »ما من مسلم يغرس غرسا او يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة الا كان له به صدقة«. وتحتفل مصر- في هذا التوقيت- كل عام بعيد العمال بهدف إعلام عمال مصر ان الدولة تقدرهم حق قدرهم بحسبان انهم يشكلون القوة الضاربة والمستقبل الحقيقي لنهضة هذا الوطن ويتم تكريم العمال الذين قاموا باداء واجبهم بطريقة نموذجية، ويعد هذا العيد- من وجهة نظري- فرصة جيدة لتقييم الاداء الحكومي خلال الفترة السابقة تجاه احوال ومشاكل العمال المصريين في الداخل والخارج ورصد القوانين والقرارات التي صدرت لصالحهم وتأثير ذلك علي احوالهم واوضاعهم وفرصة ايضا لتقييم الاداء العملي والواقعي لعمال مصر وماحققوه خلال العام الماضي ويعد بداية لاعادة اصلاح العلاقة المتوترة بين العمال والقيادات العمالية والتي اضحت- بحق - لاتسر العدو قبل الصديق ولا تسير في اتجاه الصالح العام. والحقيقة انني لا اشعر بسعادة وانا اشاهد الاحتفال بعيد العمال خلال الفترة السابقة يقتصر علي التأكيد علي ان كل الامور علي ما يرام، ولا توجد اية مشاكل أو أزمات لعمال مصر، وتتفاني القيادات العمالية في استخدام الكلمات الرنانة والعبارات المعسولة التي تقشعر من رقتها الابدان والتي تجزم بأن المصانع والشركات تكاد تنفجر من صوت المعدات والآلات التي تعمل اناء الليل واطراف النهار، وان العمال من فرط سعادتهم بما حققوه انحصرت مطالبهم في اللجوء إلي استراحة المعاش المبكر، ولايرغبون في الحصول علي مستحقاتهم بعد انهاء خدمتهم لعدم حاجتهم إلي هذه المبالغ بعد ان حققوا كل احلامهم وأمانيهم وطموحاتهم. قضايا عمال مصر هي قضايا الوطن، فهم يمثلون الغالبية العظمي من ابناء هذا الشعب وقضية الاجور، حديث الساعة- التي لاتتناسب مع الاسعار التي يعاني منها جميع فئات الشعب هي أهم القضايا المطروحة علي الساحة، ويجب ان تكون في مقدمة الاجندة الحكومية، وأهم مطالب العمال هو وضع حد ادني يتناسب مع متطلبات الحياة اليومية في ضوء الاعتبارات التي يراها المجلس الاعلي للاجور والاوضاع الاقتصادية العالمية. يجب ان يحظي العامل المصري باهتمام القيادات العمالية المسئولة عن حقوقهم في الداخل والخارج، فكرامة العامل المصري اعظم من كرامة الكرسي الذي يجلس عليه اي مسئول يتقاعس عن اداء واجبه.