لا يقل لي أحد تعبير: البلطجية ولا يذكر كلمة: فلول. ليس معني هذا أن التعبيرين لا وجود لهما. لأنني لا أعتقد أنهما لم يعودا صالحين لتوصيف ما جري في بر مصر مؤخراً. وهو ما أطلقت عليه بعض الصحف: موقعة الموتوسيكل والحواجز. في محاولة لتشبيه ما حدث بموقعة الجمل. اختلطت الأمور بصورة أكثر تعقيداً مما جري من قبل. استغلت دماء الشهداء مبرراً للتظاهر ومحاولة اقتحام احتفال في مسرح البالون. قيل أنه يكرم شهداء الشرطة. وأين إذن شهداء الثورة؟ وعندما قيل لهم أن الذين يكرمون ليسوا شهداء الشرطة. قالوا أن محاكمة القتلة أهم من تكريم أسر الشهداء أياً كان انتماؤهم. لا أريد إعادة سرد ما جري. ولكن لفت نظر الروائي الكامن بداخلي الآتي: سرعة الحركة من مسرح البالون إلي ماسبيرو ثم إلي التحرير ومنه إلي وزارة الداخلية وبأعداد كبيرة. إن هذه التحركات تفترض عقلية تنظيمية تقف وراءها. ولا بد من وجود إمكانيات مالية. هذا ليس الكلام القديم. ولكنه استنتاج منطقي. أمام القدرة الفريدة علي تحريك الجموع وبسرعة. ومعرفة الأهداف بدقة. الجماهير لا عقل لها. وهذا التحرك المنظر يستلزم وجود عقلية تستطيع تحديد الأدوار والتركيز علي الأماكن ورسم خطط التحرك. ظهور الموتوسيكلات بكثافة وهي وسيلة كانت تستخدم في العمليات الإرهابية. كان هناك تفكير في وقف رخصها. وما إن كان يحدث أي ارتباك أمني كان راكبوا الموتوسيكلات يجدون أنفسهم هدفاً لرجال المرور. كانت هناك موتوسيكلات لا تقل عن المائة تتحرك بشكل منظم ودقيق. متظاهرون جدد علي التظاهر شاهدناهم لأول مرة. لم يرهم أحد من قبل. لديهم أسباب جديدة للتظاهر لا تمت بصلة إلي الأسباب القديمة. إن بعضهم من الشباب نسي شارة مرفوعة علي ملابسه تعترض علي محاكمة مبارك كانت تستخدم في مظاهرات مصطفي محمود تحت عنوان: لا لمحاكمة الكبير. بعضهم سكان الأحياء الشعبية يحمل لافتة تطالب بإنشاء وزارة للزكاة. إنهم لا ينتمون لمن كانوا في الميدان من 25 يناير حتي 11 فبراير الماضي. وجوه جديدة لأسباب طارئة. شوهد في المظاهرات بعض الأجانب. جري التأكد من أمريكي وبريطاني. والذين لم يتم التأكد منهم كثيرون. ولست مصاباً بعقدة الأجانب. ولكن وجودهم لا بد وأن يضع علامة استفهام أمامنا. لست ممن يحبون شماعة الخارج التي تعفي الداخل مما يجري. لكن هذه المرة لا بد من التوقف طويلاً أمام الخارج. وأصابع الاتهام كثيرة. ولأنه لم يعلن شئ حتي كتابة هذا الكلام. لن أدون هواجسي. الكلام المتناثر في ميدان التحرير عن أن زواره من المسئولين الأمريكان الكبار قالوا للشباب أن أمريكا دفعت للدولة المصرية 182 مليون دولار تخصص لشباب التحرير. فأين ذهبت هذه الأموال؟ لست من هواة نظرية المؤامرة. لكني أتمسك بها اليوم وأقول تعالوا نكتب في مديح نظرية المؤامرة. لأن مؤامرات الخارج موجودة في كل زمان ومكان. ولا يمكن مواجهتها سوي بمناعة الداخل. ونحن مجتمع يخلو من المناعة. لديه استعداد لأية إصابة بسبب وأحياناً بدون سبب. جرس إنذار: فرنسا قدمت لثوار ليبيا 40 طنا من الأسلحة والذخيرة. في قرار منفرد رفضه رفاق الحملة الغربية علي القذافي. قال محمد العرابي وزير الخارجية أن وحدة ليبيا خط أحمر. ولكن الأهم أن تدرس مصر إمكانيات حماية أراضيها من دخول هذه الأسلحة. هل أعلنا حالة الطوارئ أمام هذا الخطر الجديد؟ والمجتمع المصري متعطش لامتلاك الأسلحة. وحتي قبل وصول هذه الكمية. كنا نسمع يومياً عن ضبط سيارات محملة بالأسلحة علي الطرق السريعة. جزء من الأسلحة الفرنسية سيعرف طريقه إلي مصر عبر الحدود الطويلة بيننا وبين ليبيا. أتمني تعاوناً بين الداخلية وحرس الحدود والمحافظات الحدودية الغربية لمواجهة الخطر الذي قد لا تحتمله مصر. نشرت جريدة الرأي الكويتية في عدد الأربعاء 29/6 الماضي. وبكتابة: أحمد عبد العظيم. أن في مصر الآن اتجاه لتغيير القسم العسكري وأن ثمة مناقشات تدور حول الأمر مع اقتراب موعد تخريج الدفعات الجديدة من الكليات والمعاهد العسكرية. الجدل يتناول عبارة يتضمنها القسم العسكري تقول: أن أكون مخلصاً لرئيس الجمهورية. والآراء تتراوح بين ترك العبارة باعتبار أن رئيس الجمهورية شخصية اعتيادية وهناك من يطالب بحذفها بعد أن تغيرت الأحوال في مصر. وثمة رغبة جماعية عند المصريين جميعاً ألا يتنحي فرعون لنجد أنفسنا صباح اليوم التالي أمام فرعون جديد. كتب السيد البابلي في العدد الأسبوعي من جريدة الجمهورية الخميس الماضي هذه الواقعة: - قامت مجموعة من البدو المسلحين في شرم الشيخ باقتحام أحد الفنادق الذي يقيم فيه بعض السياح الأجانب ورفضوا مغادرة الفندق. إلا بعد دفع إتاوة لهم قدرها خمسة ملايين جنيه. اتصل الفندق بالمسئولين بالمحافظة طلباً للنجدة وتلقي الفندق رداً مستفزاً: عليهم أن يتفاوضوا مع البدو لتخفيض الإتاوة من 5 ملايين إلي مليون جنيه واحد. باختصار عليهم إنهاء المشكلة بأنفسهم. ولا تعليق. الاتصالات المعلنة بين جماعة الإخوان وأمريكا. تعني أمرين: الأول أنه استئناف للاتصالات القديمة. والمعلن اليوم كان سرياً بالأمس. ولا اعتراض. فكل طرف لديه مبررات للاتصالات. من حقنا فقط المطالبة بالشفافية. أن نعرف ما الذي يجري في هذه اللقاءات. الأمريكان قالوا أن التطورات الجديدة في مصر أكدت لهم أن الإسلاميين أصبحوا قوة جوهرية في مصر. هذا معناه أن الاتصالات تدور حول مستقبل الوطن. نرجو من الأمريكان إعلان ما يتم في هذه الاجتماعات. لا بد وأن نعرف من الإخوان ما قيل. الرغبة في المعرفة ليس معناها الإعتراف بشرعية ما يجري. ثم ألم يكن من الأجدي أن تتصل أمريكا بالحزب السياسي الذي شكلته الجماعة؟ وأن يكون ذلك جزءاً من اتصالات بأحزاب أخري. ثم لماذا هذا الصمت المصري المخيف تجاه محاولة سرقة مستقبل مصر. صمت الحكومة والشعب والمعارضة. الأحزاب والمستقلين؟!