التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، الذي قرر الدخول في مواجهة عسكرية مستمرة منذ حوالي ثلاث سنوات، مع جماعة الحوثي، حفاظا علي عروبة اليمن وضد المشروع الإيراني هناك، هو الخاسر الأكبر، من المواجهات التي تتم بين المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحماية الرئاسية، التي وصلت إلي استخدام الدبابات والمدرعات والمدفعية الثقيلة، ومحاصرة مقر الحكومة المؤقت في مدينة عدن، ووصل الامر إلي ان يماثل تماما مافعلته جماعة الحوثي وانصار الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح،عندما استولي علي العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، واستهدفوا وحاصروا الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي ومعه رئيس الوزراء في ذلك الوقت خالد بحاح، التحالف هو الخاسر دون ان يعني ذلك انه الوحيد، فالجميع خاسر، ويسحب من رصيده. الازمة في الجنوب بدأت منذ مايو الماضي، بعد ان شكل أهل جنوب اليمن سلطة موازية لإدارة شئون محافظاتالجنوب، وتمثيلها في الداخل والخارج، وهي المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيداروس الزبيدي، بعد اقالته من منصبه كمحافظ لعدن،مما خلق حالة من الارتباك والتربص والترصد بين الشرعية من جهة،والمجلس في الجهة الأخري، وتعددت المواجهات بين الطرفين، حتي جاءت الأحداث الاخيرة علي خلفية منع قوات الحكومة الشرعية لمجموعة من المتظاهرين، من الوصول إلي وسط المدينة، احتجاجا علي سوء الاوضاع في المناطق المحررة، وانهيار الخدمات، ومنحهم الرئيس هادي عبر المجلس الانتقالي الذي ينتمون اليه سياسيا، مهلة زمنية لتنفيذ تغييرات حكومية، واستبعاد عناصر فشلت حسب رأيهم في القيام بواجبهم، الأحداث ساهمت في خلط الأوراق في اليمن، حيث تدعم قوات التحالف العربي الشرعية في اليمن، وهي لاتنفي ان جزءا من مكونات التحالف العربي يدعم في نفس الوقت، المجلس الانتقالي، مما ساعد في ارباك المشهد اليمني المرتبك اصلا، التحالف العربي يخسر، لان حالة عدم الاستقرار في المناطق المحررة يبعث برسائل سلبية للغاية لكل اليمنيين، من عدم قدرات الحكومة اليمنية عن القيام بدورها، في حفظ الأمن والاستقرار والعمل علي اعادة الإعمار والتنمية في تلك المناطق، كنموذج مخالف تماما للفوضي في الجانب الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي،وينسف كل الاستثمار السياسي والاقتصادي والتنموي، الذي تقوم به دول التحالف خاصة السعودية والإمارات،في حل الازمة اليمنية، وآخرها اعلان السعودية عن ايداع 2 مليار دولار في البنك المركزي اليمني، دعما لحكومة احمد بن داغر رئيس الوزراء، وللحفاظ علي العملة والاقتصاد اليمني،والبدء في مشروع لإعادة الإعمار بدءا بالمناطق المحررة تم الإعلان عنه منذ ايّام من العاصمة السعودية الرياض، ويتكلف عدة مليارات من الدولارات. الحكومة الشرعية ومعها التحالف العربي، يخسران من احداث الجنوب،الذي يؤثر بالضرورة علي الجهد العسكري الذي يقوم به الطرفان، لإنهاء تمرد جماعة الحوثي. اليمن هو من يدفع الثمن من تلك المواجهات،التي تحاول ان تخلق واقعا علي الارض، يخالف كل ماتم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، بخصوص وحدة الدولة الذي شارك فيه كل المكونات السياسية اليمنية، ووصل عدد الأعضاء إلي 595 عضوا، وناقش جميع القضايا الخلافية، وأقر مبدأ اليمن الواحد الموحد، ضد اطروحات التشطير والانفصال، والعودة إلي ماقبل مايو 1990، وتقسيم اليمن الموحد إلي ستة أقاليم، وقد حظي ذلك بتوافق كل المشاركين، بمن فيهم قيادات الحراك الجنوبي، ومنها قضية الوحدة بين الشمال والجنوب، فلاداعي لاستخدام القوة في استنساخ للحرب بين الشمال والجنوب،كما كان عليه الحال في عام 1994، باستحداث تنظيمات مثل المجلس الانتقالي الجنوبي،وهدفه لايخفي علي احد،في اعادة دولة الجنوب،واعتبار الشمال والشماليين دولة احتلال، في تقسيم للمقسم،ويكفي معاناة اليمن من مأساة الخروج علي الشرعية، وهيمنة الحوثي علي مقدراتها. وأخيرا فالواجب علي التحالف العربي، وفِي القلب منه السعودية والإمارات، توحيد جميع التشكيلات الأمنية والعسكرية، تحت قيادة وطنية، بإشراف وزارتي الدفاع والداخلية للحكومة الشرعية، وحل الخلافات المطروحة بالأساليب السياسية، وليس بقوة السلاح.