قال سياسيون وإعلاميون في جنوب اليمن، إن "الإعلان الدستوري" الذي أعلنته جماعة "أنصار الله" المعروفة باسم "جماعة الحوثي"، مؤخرا، يعزز مطالب الحراك الجنوبي في الانفصال وإنهاء الوحدة اليمنية التي تمت عام 1990. واعتبروا في أحاديث منفردة مع وكالة الأناضول، أن الوحدة تمر بأسوأ ظروفها، بعد صدور ما يسمى ب"الإعلان الدستوري" عقب سيطرة مسلحي جماعة الحوثي على الدولة وإقدامهم على محاصرة رئيسي البلاد (عبد ربه منصور هادي) والحكومة (خالد بحاح) ودفعهما للاستقالة، خاصة وأنهما جنوبيان. من جهته، قال أنيس منصور الصحفي والمحلل السياسي المتخصص في شؤون الحراك الجنوبي، إن "الوحدة اليمنية فشلت بسبب الممارسات التي أقدم عليها نظام الحكم في عهد علي عبدلله صالح، لكنها اليوم – وبالنظر لما يفعله مسلحو الحوثي- أسوأ بكثير، بل أنها في نظر غالبية الجنوبيين انتهت تماما". وأضاف منصور للأناضول إن "الجنوبيين لا يمكن لهم أن يتعاملوا بثقة مع ميليشيا مسلحة، لم تحترم أي اتفاق او معاهدة، وظلت تتوسع بقوة السلاح حتى وصلت إلى العاصمة صنعاء، ولم تكتف بإسقاط مؤسسات الدولة ونهبها، ولكنها هاجمت الرئيس في منزله وقتلت بعض أفراد حراسته، وهذا يؤكد أن الجنوبيين على حق حين يطالبون باستعادة دولتهم"، حسب تعبيره. أما الكاتب والمحلل السياسي ياسر حسن، فقال إن "الإعلان الحوثي يعزز مطالب الانفصال من جانبين، أولهما أن الإعلان قوبل برفض كبير على المستويين الرسمي والشعبي في الجنوب، ولم يقبل به أي طرف جنوبي، حتى المؤيدين للوحدة ولشرعية الدولة في اليمن يتجهون الآن لتأييد الانفصال، خاصة إن استمر الحوثي في انقلابه، ولم يتفق مع باقي القوى السياسية، مع التسليم بوجود مطالبات مستمرة بالانفصال قبل سيطرة الحوثي على صنعاء". وأضاف أن "الجانب الثاني، هو أن مناطق الجنوب كلها سنية تنتهج المذهب الشافعي، والحوثيون شيعة، والسنة الشافعية لن يقبلوا أن يحكمهم الشيعة، لأن الخلاف المذهبي مازال يؤثر على كل الأطراف شمالاً وجنوباً". ومضى قائلا إن "هذا الأمر سيعزز مطالبة الجنوبيين بالانفصال واستعادة الدولة لدرء خطر التمدد المذهبي إلى مناطقهم". وينظر معظم الجنوبيين على اختلاف مشاربهم إلى جماعة الحوثي على إنها "جماعة مذهبية متطرفة تريد العودة بالبلاد إلى الماضي الأليم، في الوقت الذي يتطلع فيه أبناء الجنوب إلى النظام والقانون والتقدم والمساواة، سواء في ظل دولة منفصلة، أو حتى في ظل دولة يمنية موحدة"، بحسب حسن. من جانبه، قال الإعلامي صادق الرتيبي، إن "جماعة الحوثي بإعلانها الاخير الذي أطلقت عليه "الإعلان الدستوري" نزعت ما تبقى من هيبة للدولة، وعطلت الفعل السياسي السلمي، وفرضت نفسها كجماعة مسلحة، تمارس الاستبداد السياسي والانفراد بالسلطة، واستندت في ذلك إلى دعم صالح للنيل من ثورة 11 فبراير/شباط 2011 التي أطاحت به". وأضاف الرتيبي للأناضول أن "هذه الممارسات ستفتح الشهية أكثر من أي وقت مضى للجنوبيين للمطالبة بالانفصال، وهذا ما بدأ يظهر جليا، فهناك لجان شعبية ونقاط أمنية تابعة للحراك الجنوبي، منتشرة في عموم المحافظاتالجنوبية الأمر الذي يجعل من انفصال الجنوب "قاب قوسين". وأشار إلى أن "الجنوبيين يرون أن جماعة الحوثي الزيدية (الشيعية) تمتلك مشروعا له بُعد طائفي، وهذا لا يقبله أبناء المحافظاتالجنوبية المنتمون للمذهب السني الشافعي". وبدوره، قال الصحفي خالد بابريك إنه "كان يوجد في الجنوب صوتان، صوت يطالب بالانفصال وآخر يتمسك بالوحدة، إلا ما فعله الحوثيون في الفترة الأخيرة بدءا بالسيطرة على صنعاء، وصولا لل "الإعلان الدستوري"، أدى إلى ارتفاع صوت الانفصال وأضعف صوت الوحدة". وأضاف بابريك للأناضول أنه "إذا كان الرئيس السابق قد ضرب الوحدة وأوجعها ضربا، فإن الحوثي أجهز عليها نهائيا". أما الصحفية فاطمة الناخبي، فقالت إن "مطالب الانفصال في الجنوب مطالب ذاتية وسبقت ظهور الحوثي، وليس لها علاقة بما يفعله الحوثيون اليوم في صنعاء وغيرها". وأضافت للأناضول أن "هذه التطورات الأخيرة جعلت الغالبية في الجنوب يجمعون على أن الحل يكمن في استعادة دولة الجنوب السابقة بعيدا عن الشمال والحوثي على وجه الخصوص". وأعلن الحوثيون يوم الجمعة الماضي، ما وصفوه ب"الإعلان الدستوري"، الذي حل البرلمان وأعلن عن تشكيل مجلسين أحدهما وطني قوامه 551 وآخر رئاسي مؤلف من 5 أعضاء، وتشكيل حكومة انتقالية. وقوبل إعلان جماعة الحوثي بالرفض من معظم الأطراف السياسية في اليمن، الذي يعيش فراغاً دستورياً منذ استقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته في ال22 من الشهر الماضي، على خلفية مواجهات عنيفة بين الحرس الرئاسي ومسلحي جماعة الحوثي، أفضت إلى سيطرة الحوثيين على دار الرئاسة اليمنية، ومحاصرة منزل الرئيس اليمني وعدد من وزراء حكومته. ومنذ 21 سبتمبر/أيلول الماضي، تسيطر جماعة الحوثي بقوة السلاح على المؤسسات الرئيسية بصنعاء، ويتهم مسؤولون يمنيون وعواصم عربية وغربية، إيران، بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، ضمن صراع على النفوذ في عدة دول بالمنطقة بين إيران والسعودية جارة اليمن، وهو ما تنفيه طهران.