800 قاعدة حول العالم أسست شراكات مع ديكتاتوريات مثل قطر وعصابات المافيا وتجار البشر يتناول هذا الكتاب عرضا نقديًا لدور القواعد العسكرية الأمريكية في الخارج، عبر زيارات ميدانية قام بها مؤلف الكتاب إلي القواعد العسكرية الأمريكية من إيطاليا إلي المحيط الهندي، ومن اليابان إلي هندوراس، والشرق الاوسط، مُسلطاً الضوء علي المخاطر بعيدة المدي لهذه القواعد، مشيرًاً إلي أن للولايات المتحدة قوات في 800 موقع في الخارج لكنها لم ولن تُحقق الأمن للامريكيين ولا للعالم. وكما يُشدد ديفيد فاين، علي أن القواعد الخارجية ُتثير التوترات الجيوسياسيةوتثير كراهية واسعة النطاق تجاه الولاياتالمتحدة، وتقوض المثل الديمقراطيةالامريكية، لانها تدفع الولاياتالمتحدة إلي إقامة شراكات مع حكام دكتاتوريين، كماانها تضر بحياة أسر العسكريين وتولد العنف الجنسي وتشردالشعوب الأصلية وتدمرالبيئة. بالإضافة إلي ان تكاليفها المالية المذهلة التي تقترب من 100 مليار دولار سنويا، لكن الكاتب يعتبر أن الأسوأ من ذلك هو تكاليفها البشرية التي لا حصر لها. يبدأ المؤلف كتابه عن القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة حول العالم بوصف للجانب غير المعروف لأشهر القواعد العسكرية الأمريكية علي الإطلاق وهي تلك القابعة في خليج جوانتنامو الكوبي، التي تحول جزء منها إلي مركز احتجاز سيء السمعة لسجن المتهمين في جرائم إرهابية ضد المصالح الأمريكية حول العالم، وعلي رأسهم المتهمين في حادث الحادي عشر من سبتمبر. ويقول الكاتب في مقدمة الكتاب »هنا تتنافس المظاهر الجمالية في جذب أنظار المُحيطين بالقاعدة فهي عبارة عن حياة كاملة تترواح بين الحدائق المشذبة، ومناطق الشواء، والعشب الاصطناعي، وحلبة التزلج علي الجليد، ومسرح سينما في الهواء الطلق، ومكتب البريد، ومحلات العناية بالجمال، ومدارس، وكنيسة، ومطاعم للوجبات السريعة، إلي ان تلك المظاهر سرعان ما تذوب مع ظهور العربات العسكرية المصفحة والاسلاك الشائكة التي تحيط بمركز احتجاز جوانتنامو. ويشير المؤلف إلي أن النقطة الواضحة من هذا التناقض هو أن القواعد العسكرية الأمريكية أمر غير عادي، فالتشديد الأمني حول القواعد العسكرية الامريكية يؤثر تأثيرا مميتا علي حياة السكان القريبين والبيئة. ويشدد الكاتب علي ان هذا الجانب هو الذي يحظي بالاهتمام والتركيز في كل أنحاء العالم وليس ملاعب الجولف ومسارح السينما ومظاهر الرفاهية والجمال الاخري التي تحيط بنفس المكان. شراكة مع حكام ديكتاتوريين وفي الفصول التالية يقدم الكاتب نقدا واسع النطاق للقواعد الخارجية، ويسلط الضوء علي الاستغلال الهائل من قبل المقاولين الأمريكيين، والتحالفات التي أقيمت علي مدي عقود مع الحكام الدكتاتوريين في العديد من البلدان التي توجد فيها القواعد. ولكن ديفيد فاين أيضا يغوص في بعض الزوايا المفاجئة للسلوك العسكري الأمريكي في الخارج.. وفي فصل بعنوان »في السرير مع الغوغاء»، يكشف فيه الكاتب تفاصيل تعاون قوات المارينز البحرية منذ فترة طويلة مع الشركات التي تسيطر عليها المافيا لتسهيل بناء قواعد في جنوب إيطاليا، بما في ذلك منطقة »جريسينانو»، حيث استخدمت مناطق خارج القاعدة في عمليات دفن غير قانونية للمواد الكيميائية السامة. الإتجار في البشر واستغلال النساء وفي فصل آخر، يكشف ديفيد فاين عن الدور الذي لعبته القواعد العسكرية الأمريكية في كوريا الجنوبية في تسهيل وتنامي الإتجار بالجنس، حيث اكتشف ذلك أثناء زيارته للحانات حول قاعدة »أوسان» الجوية حيث تعمل النساء الفليبينيات تحت ظروف استغلال وسوء معاملة وأوضاع كارثية.ويضيف فاين أن الولاياتالمتحدة تحتفظ بحوالي 800 قاعدة حول العالم، والعديد منها في أماكن قد لا تتخيلها أبداً، مثل بلغاريا وأوروبا وبوركينا فاسو.وإظن هناك عددا قليلا من المواطنين الأمريكيين يتساءلون عن ضرورة وجود هذه القواعد أو التكلفة المذهلة لبناء وصيانة مثل هذه القواعد، والتي - علي الرغم من جهود وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)لتوزيع وتقسيم هذه الأرقام ، إلا إنها تُكلف دافعي الضرائب الأمريكيين ما يقرب من 100 مليار دولار سنوياً. المنافسة مع روسيا والصين كما يتطرق ديفيد فاين في كتابه - الذي ظل علي رأس الكتب الأكثر مبيعاً حتي نهاية عام 2017 -إلي الحجة القائلة بأن التخلي عن القواعد العسكرية في الخارج يمكن أن يشير إلي حلفاء الولاياتالمتحدة بان أمريكا ستجنح مرة أخري إلي الانعزالية لا سيما في آسيا وأوروبا، وذلك في مواجهة سياسة روسيا الخارجية التي بدأت في مراجعة مواقفها وتواجدها الخارجي وفي نفس الوقت القوة العسكرية المتنامية للصين، وان ذلك يمكن أن يقوض السلام والاستقرار في العالم لأن القواعد الامريكية تشكل عاملا رادعا للعدوان في هذه المناطق. ويوضح الكاتب أن الدراسات العسكرية تُشير إلي أن »التقدم في تحريك القوات عن طريق الجو والبحر قد أزال إلي حد كبير ميزة إرسال القوات إلي الأمام؛ حيث يمكن للجيش أن ينشر القوات بشكل عام بأسرع مما يمكن ان يتم في حال اللجوء إلي القواعد المحلية. ولا يوجد سوي القليل من الأبحاث التجريبية التي تثبت فعالية القواعد الخارجية كشكل من أشكال الردع طويل الأمد ». وعلاوة علي ذلك، يُلاحظ فاين في كتابة - الذي صدر في نهاية 2015 - أن الحفاظ علي قواعد في دول غير ديمقراطية مثل البحرينوقطر، يشكل »استهزاء بالخطابات التي تقول أن القواعد تنتشر الديمقراطية»، لكنها في الحقيقة تقوض القوة الناعمة الأمريكية في الخارج. ويضيف الكاتب قائلا: »في جميع أنحاء العالم، أدت القواعد إلي أضرار بيئية، وتشريد قسري، وبغاء، وحوادث وجريمة».. ويُقدر الكاتب الأمريكي تكلفة عضو خدمة واحد متمركز في قاعدة بالخارج ما يقدر ب10 الاف دولار إلي 40 الف دولار إضافية مقارنة بوضعه داخل الولاياتالمتحدة. وبلغ إجمالي الفاتورة للمنشآت العسكرية والعسكريين - باستثناء أفغانستان والعراق - نحو 85 مليار دولار في عام 2014. وقال فاين إن اقامة »محور الرئيس أوباما في المحيط الهادئ، تسبب في إنفاق مليارات اكثر في المنطقة التي يوجد فيها بالفعل مئات من القواعد وعشرات الآلاف من القوات».. ويتابع ديفيد فاين أن التكاليف المالية تُعتبر أمرا هينا في مقابل الإنسان، حيث يتحمل الأفراد العسكريون المسؤولية المباشرة عن اعتداءات جنسية لا حصر لها، وعدد كبير من الجرائم الجنائية، وكميات هائلة من الأضرار البيئية والمجتمعية في شكل تسرب للمواد الكيميائية والنفط والوقود، ودفن المواد السامة، والتشريد القسري للسكان المحليين. استغلال للدول الفقيرة ومن الممارسات الأخري التي يؤكد المؤلف انها ما تشوه السمعة الدولية للولايات المتحدةالامريكية هي ان الدولة تفضل إقامة القواعد العسكرية في »دول غير ديمقراطية وغالبا ما تكون استبدادية». وهو ما يجعل من الحكومة الامريكية تتجاهل امورا هامة مثل حقوق الإنسان وتتغاضي عنها عند التعاون مع هذه الأنواع من الأنظمة الحاكمة. ووفقا لما ذكره الكاتب ديفيد فاين، فإن الجيش حريص علي نقل العديد من منشآته من أوروبا الغربية، حيث تكون اللوائح البيئية صارمة، إلي مناطق أكثر قابلية لتخفيف القيودومناطق فقيرة في أفريقيا وأوروبا الشرقية.. ويتساءل الكاتب عما إذا كانت القواعد العسكرية الأمريكية تُعزز أو تساهم في تقويض الأمن، ويضرب مثلاً بالمشاعر السلبية تجاه القواعد العسكرية الأمريكية، بسكان أوكيناوا في اليابان والناشطاء اليابانيين عن غضبهم من أن وجود القواعد حول المناطق المضيفة إلي أهداف أولية. التخويف بالتهديدات الوهمية ويقول الكاتب إن هناك توافقا في الآراء بين السياسيين والمسؤولين العسكريين وخبراء الأمن القومي وكذلك في وسائل الإعلام المتوافقة مع التوجهات الحكومية، يصور المعارضة للقواعد باعتبارها مصدر قلق مثاليا وليس واقعيا. وفي الوقت نفسه، فإن أصحاب القرار السياسي عمدوا بشكل منهجي الي تصدير الاحساس بانعدام الامن، وصوروا للناس أن الولاياتالمتحدة بشكل دائم في وضع »حرب»، مع اقتصاد وحكومة تهيمن عليها الاستعدادات المستمرة للمعارك». قواعد الشرق الأوسط مخالب للهيمنة يري الكاتب أن وظيفة القواعد العسكرية الأمريكية عبر التركيز العالي للجيوب العسكرية الأمريكية في أماكن مثل الشرق الأوسط تمثل تحولا في العقلية الأمريكية من الشواغل الأمنية إلي الهيمنة الإقليمية. ويشير الكاتب إلي أن هناك انتقالا وتحولا نهائيا في الوقت الحالي في وظيفة القاعدة، حيث تغيرت مهمتها من كونها درعا للحماية من التعرض لاعتداءات افتراضية إلي نوع من عدوان الولاياتالمتحدة »الهيمنة علي الاراضي والموارد والأسواق البعيدة».. وفي نهاية المطاف يعود تركيز المؤلف إلي المعاناة التي لحقت بالسكان المحليين في المناطق التي تتواجد بها القواعد العسكرية، مستشهدا بحالة واحدة وهي قضية دييجو جارسيا، وهي جزيرة تسيطر عليها بريطانيا في المحيط الهندي، حيث جاءت خطة لبناء قاعدة أمريكية مع شرط ملزم ينص علي إعادة توطين السكان الأصليين. وقد حدث هذا علي نحو مثير للدراما حيث تم الترحيل القسري لجميع سكان دييجو جارسيا إلي موريشيوس وسيشيل، علي بعد حوالي 1800 كيلومتر من مسقط رأسهم، حيث تركوا بعد ذلك علي الأرصفة لإعالة أنفسهم في وضع مزري. ولا يزالون، حتي يومنا هذا، من أكثر المعوزين من سكان الجزيرة. تشريد السكان الاصليين ويذكر الكاتب أنه كثيراً ما تبدو السلطات العسكرية غير مبالية بمصير ضحايا هذا الوضع الذي وصفه ديفيد فاين بالاعتداء. ويقول المؤلف انه بعد اختطاف ثلاثة من مشاة البحرية الأمريكية واختطاف عصابة لفتاة تعمل في قاعدة »أوكيناوا»في عام 1995، نجح آدم ريتشارد سي ماك، قائد القوات الأمريكية في المحيط الهادئ، في إثارة موضوع حساسية السكان المحليين لوجود القواعد العسكرية عندما قال: لقد تم تجاهل الجرائم العنيفة والحوادث المميتة والمعارضة المحلية إلي حد كبير بسبب شعور الجيش الثابت بالاستحقاق والإفلات من العقاب». ضرورة إغلاق العديد من القواعد وينهي فاين كتابه بقائمة من الإصلاحات وتوصيات للسياسة العامة، والتي تشمل اغلاق قواعد في أوكيناوا باليابان، فضلا عن إغلاق قواعد الحرب الباردة التي بنيت من أجل جيش أكبر من ذلك بكثير. واعترف بأن مثل هذه الاعمال ستواجه تحديات كبيرة في الكونجرس في الوقت الذي تستعد فيه روسيا والصين لكثير من استعراض قواتها. بيد انه وجد دلائل علي رغبة سياسية جديدة في النظر في مثل هذه الاعمال من قبل الجمهوريين المحافظين مثل السيناتور توم كوبيرن ري عن اوكلاهوما الذي اقترح خفض انتشار القوات الامريكية في اسيا واوروبا بمقدار الثلث بحلول عام 2021.