في الاسبوع الأخير من 2017 كانت الفنانة د. إيناس عبد الدايم تشارك بالعزف علي آلة »الفلوت» في برنامج لفرقة »كايرو ستيبس» في3 حفلات اقيمت علي مسارح الأوبرا بالإسكندرية ودمنهور والقاهرة، في الحفل الأخير سقطت د. ايناس علي الأرض عندما تراجعت للخلف فارتطمت بقطعة من منصات الديكور، أحست بألم شديد جدا في الكتف عند نهوضها، آلة »الفلوت» من آلات النفخ التي تعتمد علي سلامة الأصابع في اليدين وسلامة الحركة في الكتفين، كان لها العذر إذ ما اعلنت عدم استكمال الجزء الثاني من برنامج الحفل، لكنها اصرت علي استكمال البرنامج بعد أخذ حقنة مسكنة، وعادت للمسرح لتستقبل بعاصفة من التصفيق، هذا الموقف نقدمه لأصحاب الصوت الذكوري المزعج المتشنج علي صفحات التواصل الاجتماعي، الذي وقف رموزه لرفضها عندما علموا بنية ترشيحها لوزارة الثقافة من قبل أثناء فترة حكم المجلس العسكري !. د. إيناس عبد الدايم لمن لا يعرف هي »الشرارة» التي اشعلت غضب الفنانين والمثقفين الذين احتشدوا معها في اعتصام داخل وزارة الثقافة، عندما أصدر وزير الثقافة الاخواني علاء عبد العزيز قرارا بإنهاء ندبها من الأوبرا، وسانده مجلس الشوري الاخواني الذي افتي نوابه بأن الباليه من الفنون التي تحرض علي الفسق والفجور، فانطلقت إيناس عبد الدايم بفنون الأوبرا والباليه إلي الشارع امام الوزارة بشارع شجرة الدر، انطلقت بباليه زوربا الذي احتشدت حوله الجماهير، إلي ان جاءت اللحظة التي تحركت فيها الملايين إلي الشارع، وتحركت معها مسيرة الفنانين والمثقفين من أمام الوزارة لميدان التحرير للمشاركة في ثورة 30 يونيو. د. إيناس عبد الدايم هي الإدارية الشجاعة التي تم تكليفها بالاحتفالية التي ستقدم يوم افتتاح قناة السويس الجديدة، فكانت عند حسن ظن القيادة السياسية، ونفذت الاحتفالية بالطعم المصري الخالص والكوادر الفنية المصرية دون الاستعانة بأية عناصر أجنبية كما حدث في الافتتاح الأول لقناة السويس. د. إيناس عبد الدايم هي القديرة المحترمة التي رفض موظفو وفنانو الاوبرا خروجها من مكتبها عندما اقالها الوزير الاخواني، واحتشدوا أمام مكتبها لمنعها من الذهاب لبيتها، وتضامن معها الفنان العالمي رضا الوكيل الذي رفض تسيير الاعمال بقرار من الوزير الاخواني، وتضامنت معها كل الفرق العاملة في الاوبرا بالتوقف عن تقديم برامجها، فهل من محبة يمكن ترجمتها أكثر من هذا للدكتورة إيناس عبد الدايم كفنانة ومديرة وإنسانة ؟. لو قدمنا السيرة الذاتية للدكتورة إيناس عبد الدايم فلن تكفي المساحة، فهي علي سبيل الإيجاز تخرجت من كونسرفتوار القاهرة، سافرت لفرنسا في منحة دراسية للحصول علي الماجستير ثم الدكتوراه في آلة »الفلوت» من المدرسة العليا للموسيقي بباريس، قدمت العديد من الحفلات في تشيكوسلوفاكيا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وبلغاريا واليابان والولايات المتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة، مثلت مصر في مهرجان أوركسترا البحر الأبيض المتوسط، بمارسيليا وكانت أول مصرية تشارك في هذا التجمع، شاركت بالعزف في حفلات أوركسترا اليونسكو الدولي بباريس، شغلت منصب مدير أوركسترا القاهرة السيمفوني، واختيرت عميدة للمعهد العالي للكونسرفتوار، ونائبة لرئيس اكاديمية الفنون، ثم رئيس لدار الاوبرا المصرية التي جعلت اسمها علي الخريطة العالمية، حصلت علي جائزة الدولة التشجيعية في الفنون، وجائز أبرز 10 نساء مصريات في القرن العشرين، أشرفت فنيًا علي جمعية النور والأمل للكفيفات بمصر الجديدة، وأسست فصلًا لتعليم آلة »الفلوت» للأطفال في سن مبكرة لتنمية المواهب بدار الأوبرا، وأشرفت علي العديد من رسائل الدكتوراه والماجستير في الفنون، واختيرت في الاسبوع الاخير من 2017 رئيسا للمجمع الموسيقي العربي التابع لجامعة الدول العربية، وقد استقبلها 2018 أحسن استقبال باختيارها وزيرة للثقافة بترشيح من رئيس الجمهورية والبرلمان.. ومازال في السيرة الذاتية سطور كثيرة وانجازات أكثر.. وهي تدرك أن المسئولية كبيرة لعلمنا وعلمها أن الثقافة تأخرت كثيرا في المواجهة الحقيقية مع قوي الارهاب والتطرف.. ولكننا علي ثقة بأنها سوف تنجح في مهمتها داخل الوزارة وخارجها.