تمتلك مصر بحيرات وشواطئ ممتدة آلاف الكيلو مترات تسطع عليها الشمس طوال العام وتربة جيدة خالية من مصادر التلوث بجميع أنواعة اتاحت تلك المقومات عملية ترسيب أنواع متعددة من الأملاح وبالتالي ظهور الملاحات التي يصل إنتاجها لمليارات الأطنان وفائض يكفي عقود طويلة ومن الممكن ان تبني عليها نهضة صناعية كبيرة لو أمكن استغلالها مع توفير مليارات الجنيهات التي تنفق للاستيراد من الخارج. تعد محافظة الفيوم من المحافظات الرائدة في إنشاء مصانع استخراج الأملاح ولعل آخرها افتتاح أول مصنع لإنتاج الفاكيوم عالي النقاوة والملح الطبي ضمن مجموعة مصانع الشركة الحكومية المصرية لاستخراج الأملاح من بحيرة قارون »أميسال» بهدف القضاء علي عملية الاستيراد خاصة بعد الأزمة الأخيرة التي ظهرت في الأفق من نقص المحاليل الطبية في المستشفيات، ويعمل المصنع علي إنتاج الملح عالي النقاوة والملح الطبي، ليس هذا فحسب بل تعتزم الشركة بالتعاون مع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة والمحافظة إنشاء مصنع جديد لاستخلاص الأملاح من بحيرة قارون علي مساحة 4 آلاف فدان بالساحل الشمالي للبحيرة لإنتاج الأملاح التي يتم استيرادها من الخارج بملايين الجنيهات سنويًا، حتي نحقق الاكتفاء الذاتي بل ونقوم بالتصدير. يقول د. عبد اللطيف الكردي، رئيس مجلس إدارة الشركة، إنها أنشئت عام 1984 لاستخلاص الأملاح من بحيرة قارون، مشيرًا إلي أن البحيرة تستقبل سنويًا 400 مليون متر مكعب من مياة الصرف الزراعي الناتج عن ري الأراضي الزراعية بالمحافظة، في بحيرة قارون التي تبلغ مساحتها 55 ألف فدان وعانت في السنوات الأخيرة من ارتفاع نسبة الملوحة نتيجة البخر، وكادت هذه الأملاح أن تقضي تمامًا علي البحيرة وتجلعها مثل البحر الميت، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء الشركة الحكومية »أميسال» بعد أن اجتمعت كل الدراسات العالمية والمحلية علي ضرورة استخلاص الأملاح من البحيرة والمحافظة علي المعدل الطبيعي لنسبة الأملاح والبالغة 35 جراماً في اللتر، وتمخضت كل هذه الدراسات عن إنشاء الشركة المصرية للأملاح والمعادن برأس مال يصل إلي 110 ملايين جنيه وهي أموال حكومية 100%، وتشارك محافظة الفيوم برأس مال 5%، وكانت بداية الشركة في عام 1984 بإنشاء مصنع لاستخلاص كبريتات الصوديوم بطاقة إنتاجية 120 ألف طن سنويًا وتستخدم في المنظفات الصناعية والأدوية والزجاج وصناعات عديدة، وبعدها تم إنشاء مصنع كلوريد الصوديوم في عام 2002 وبدأ بطاقة إنتاجية 150 ألف طن سنويًا نصفها للاستخدام الصناعي والنصف الآخر للاستخدام الآدمي، تلاه إنشاء مصنع إنتاج كلوريد الصوديوم والفاكيوم العالي النقاوة وكبريتات الماغنسيوم بطاقة 20 ألف طن سنويا وكلوريد الصوديوم بطاقة 50 ألف طن سنويًا، والمصنع الآخر أنشئ لتوسعات الفاكيوم بطاقة 50 ألف طن سنويًا لإنتاح ملح للاستخدامات الطبية لأول مرة في مصر والشرق الأوسط بطاقة أولية 15 ألف طن سنويًا ، لافتا إلي أن جميع إنتاج الشركة ينتج لأول مرة ما عدا كلوريد الصوديوم الطبيعي »ملح الطعام»، أما كبريتات الصوديوم والماغنسيوم والملح الطبي فهي تنتج لأول مرة منها جزء لتغطية السوق المحلي والآخر للتصدير، لافتا إلي أنه يتم التصدير للعديد من الدول منها السعودية والأردن ولبنان وألمانيا والبرتغال وروسيا. وأضاف أن مصنع الفاكيوم عالي النقاوة والملح الطبي يأتي ضمن مشروع حماية البيئة من خلال إعادة تدوير المخلفات السائلة والصلبة موضحاً أن الطاقة الإنتاجية للمصنع الجديد تبلغ 50ألف طن سنوياً من أملاح الفاكيوم وأملاح الماغنسيوم اللامائية، و15 الف طن من الملح الطبي ذي المواصفات القياسية العالمية والذي يدخل في العديد من الاستخدامات الطبية، ويقوم المصنع بتدوير حوالي 475 ألف م3سنويًا، وهو نموذج جديد لنجاحات الشركة في جميع أنحاء مصر وتم إنشاؤه بتكلفة إجمالية قاربت علي ال 100 مليون جنيه. وأشار إلي أن لدي مصر مليارات الأطنان من الأملاح وفائضاً يكفينا لعقود زمنية كبيرة وهو حق للأجيال القادمة باعتباره ثروة موجودة علي أرض مصر لأنه ملح متجدد »كلوريد الصوديوم»، لافتا إلي أن الشركة تنتج ملح كبريتات الصوديوم والذي يتم استخدامه كمادة مكونة للمنظفات والزجاج، وكربونات الصوديوم وتدخل في المنظفات وصناعة الزجاج، أما هيدروكسيد الصوديوم فيستخرج منه كلور تعقيم المياه والصودا الكاوية، بالإضافة إلي أن الشركة وفرت 3 آلاف فرصة عملة مباشرة وغير مباشرة معظمها لأبناء الفيوم. وتابع أن مصر استوردت خلال السنوات الثلاثة الأخيرة مجموعة أملاح عدا ملح الطعام بمليارات الجنيهات، علي الرغم من أن مصر تمتلك ثروة كبيرة من ملح كلوريد الصوديوم وهو مادة خام للعديد من الصناعات، وأن هذه الثروة من الممكن أن تبني عليها نهضة صناعية كبيرة، وهو ملف نضعه أمام المسئولين في مجال الاستثمار، لافتا إلي أن الشركة وفرت عدداً كبيراً من الأنواع التي يتم استيرادها من الخارج ومنها كبريتات الصوديوم التي كان يتم استيرادها بمليار جنيه سنويا وتم وقف استيراده بعدما أنتجته الشركة عام 1994، بالإضافة إلي وقف استيراد ملح الفاكيوم وكلوريد الصوديوم وكبريتات الماغنسيوم، بعدما زاد المخطط الاستراتيجي للشركة باستخلاص 500 ألف طن سنويًا وهي الكمية الواردة من الملح إلي بحيرة قارون، وتم تصميم الشركة علي هذا الاساس. وأوضح رئيس مجلس الإدارة أن الشركة تقع علي مساحة 1750 فدانا، ويصعب التوسع الأفقي لها، ولذلك وقعنا برتوكول تعاون بين محافظة الفيوم وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة بالإضافة إلي شركة تكنولوجيا المياه، لإنشاء مصنع علي مساحة 6 آلاف فدان في الساحل الشمالي، لإنتاج كبريتات وكلوريد الصوديوم واملاح الماغنسيوم وتم عمل الدراسات ولتأكيد الجدوي الاقتصادية لهذا المشروع وبدأنا في انشاء محطة تجريبية تمهيدًا لوضع المشروع علي خريطة الاستثمار ومن المتوقع الانتهاء منه خلال 3 سنوات الذي سيحقق عائداً اقتصاديا وعملة صعبة للبلاد بالإضافة إلي آلاف من فرص العمل التي سيوفرها المصنع، والذي من المتوقع أن تكون طاقته الإنتاجية 600 ألف طن سنويًا.