كنت اتمني ان تحتل مصر المركز الأول في أي مقياس عالمي ايجابي، مثل زيادة الانتاج، أو احتلالها المركز الأول في جودة سلعة ما، أو منتج زراعي، أو صناعي ما، أو أن تكون مصر في مركز الصدارة علي العالم في الاكتشافات العلمية، وتقدم البحث العلمي بها، أو أن تكون جامعة من جامعات مصر هي الأولي دوليا في الترتيب الدولي لأكثر الجامعات كفاءة وحداثة في مجال الدراسة والعلم والمعرفة وتأهيل الخريجين لسوق العمل. ولكن ان تحتل مصر المركز الأول في التصحر طبقا لتقديرات الأممالمتحدة، في تقريرها الخاص الصادر بمناسبة الاحتفال العالمي بيوم التصحر، الذي يوافق 71 يونيو من كل عام، أي منذ يومين فقط، فهذا أمر بالغ الحزن، بل هو أمر جلل وبالغ الخطورة بكل المقاييس، ويجب أن يتوقف عنده كل مواطن مصري طويلا، ويشعر تجاهه ليس بالصدمة والحزن، فقط، ولكن بالغضب الشديد، والاستنكار البالغ أيضا. ولا يكفي ان يقف كل مواطن مصري عند مستوي الصدمة، والحزن، ثم الغضب والاستنكار، فهذا لا يكفي علي الاطلاق، بل المطلوب من كل منا أن ينتقل وفورا إلي مرحلة أكثر ايجابية وفاعلية من ذلك، وان نبدأ في التحرك لمطالبة الحكومة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لوقف ذلك النزيف المستمر والهائل لأرض مصر الخصبة، وأجود أنواع التربة الزراعية، وتحويلها إلي غابات من الاسمنت والطوب بالبناء عليها، في كل مكان بالدلتا، وفي كل القري والمدن في جميع المحافظات، بطول وعرض الوادي الضيق. اقول ذلك مشيرا إلي ما جاء في تقرير الأممالمتحدة من أرقام، تحمل في دلالاتها مؤشر الخطر البالغ لمصر كلها، حيث تؤكد اننا نفقد في كل ساعة 5.3 فدان من الأرض الزراعية الخصبة في الدلتا، نتيجة البناء عليها، وهذا يعني بالحساب اننا نفقد كل يوم 48 فدانا، وكل عام ما يزيد علي 03 ألف فدان. أما ما يجعل الأمر أكثر خطرا، وأشد ألما، فهو ما يؤكده الدكتور اسماعيل عبدالجليل، الخبير الدولي في مكافحة التصحر، بأن مصر لم تعد تفقد هذا الرقم فقط، بل زادت الكارثة بأن ارتفع الرقم خلال الثلاثة أشهر الماضية إلي اننا نفقد خمس أفدنة كل ساعة، أي ما يزيد علي 34 ألف فدان في السنة. أليست هذه مصيبة؟! »ونواصل غدا إن شاء الله«