حدث في السنوات الأخيرة حددها كما تشاء أن أسقط الجميع من دفتر الوطن مايسمي الطبقة المتوسطة، التفت المجتمع إلي الطبقة التي تملك وتحكم. وإلي الطبقة التي لاتملك ولايهمها أن تملك أو تحكم، تلاشت الطبقة المتوسطة حتي أصبحت لاتذكر في تصريح أو تقرير حكومي عن مشروعات ولاتأتي في وسيلة إعلامية أو في نشاط جمعية خيرية، استقر الأمر علي مخاطبة طبقة رقيقة فوق وجه الحياة متهمة غالبا بالفساد والاستحواذ علي كل شيء والثراء المبالغ فيه وامتلاك مايشبه السحر الذي يجعل حياتهم نعيما دائما، يبين فيه الكثير من المبالغة وإحاطة هذه الطبقة بالشبهات علي الرغم من أن بها غالبية من محترمين ومثقفين ومحبين للوطن، استقرالأمر كذلك علي مخاطبة وتدليل وإغراء طبقة دنيا لاتملك تقريبا قوت يومها، تعيش علي الرضا ولامانع من سخط عابر بين حين وحين يعبر عن كبت وفقر وحيرة واحتياج، ولا مانع أن يلصق الإعلام أيضا بهذه الطبقة كل ماله علاقة بجرائم بشعة وخروج عن دين أو تقاليد، مرة أخري هذا ليس صحيحا في المطلق، فمن داخل هؤلاء نفوس تعرف الله عن يقين وضمائر تحب بلدها عن حق وصبر لاحدود له، الصفة المشتركة بين الطبقتين هما عدم رغبتهما في حدوث تغيير حقيقي في المجتمع أو طموح لتعديل أو تبديل مسار، ومابينهما.. سقطت عمدا الطبقة المتوسطة بكل ماتحمله هذه الطبقة من قيم ومبادئ وطموحات ورغبة في التغيير، واضح جدا أن هذا الأمر كان متعمدا تماما، فليس من مصلحة حاكم ظهور هذه الطبقة المتوسطة بكل وعيها وإرادتها وقدرتها علي إحداث تغيير حقيقي في القوة الاقتصادية والقوة السياسية في المجتمع، الطبقة المتوسطة الطبقة الأقرب والمؤهلة لصناعة وطن قوي، أفراد الطبقة المتوسطة يتمتعون بصحة نفسية معتدلة وطموح علي النجاح دون تدمير وتعليم معقول يمكن تطويره، وهي قد اختفت كمصطلح.. لكنها بقيت كقوة يجب الانتباه لها، يجب علي الحكومة أن تخاطب مشاكل هذه الطبقة، توفر تعليما أكثر جودة لها ووظائف أكثر فاعلية لأبنائها ووجود حقيقي في وسائل الإعلام للتعبير عنهم، يجب أن تقوم الجمعيات الإنسانية بتقديم دعم لهم في صورة مساعدات بشكل لايجرح كرامة إنما يساعد علي أن تواصل عائلة مكافحة مشوار تعليم أبنائها، أظن أن رصيدنا في مصر من الطبقة المتوسطة يصل إلي سبعة ملايين عائلة، ينطبق عليهم وصف الله تعالي تحسبهم أغنياء من التعفف، لايطلبون شيئا، لكنهم سوف يكونون في غاية السعادة إن قدمت لهم مساعدة إنسانية محترمة لاتهين كرامتهم، سيكونون سعداء أيضا إذا خاطبهم الإعلام والفن ورجال السياسة ورجال الدين، هؤلاء يمكن أن يصنعوا لنا في وقت قصير زمنا جميلا، هؤلاء.. يمكنهم قيادة ذوق وطن وتعليم وطن وروح وطن وحلم وطن في العشر سنوات القادمة الفاصلة. بشكل شخصي تماما، أعمل علي إعادة اكتشاف هذه الطبقة بكل كنوزها وكل بريقها وكل إبداعها وكل ماتملك من قوة، وأعتبر أن هذا المقال إعلان لمن يرغب في الإنضمام لي من أجل إحياء طبقة لم تندثر إنما تم تجاهلها وقتا طويلا علي أمل أن تموت لكنها احتفظت بالحياة في صمت وفي أمل وفي يقين أن لها دورا قادما.. وقد جاء، ويجب أن تتكلم هذه الأغلبية الصامتة الصامدة الآن، كلامها لن يكون حروفا.. إنما عمل، فمن يمد يده ليدي ونبدأ في إنارة طريق لطبقة نفخر أننا ننتمي لها.