توتا أبسليوتا تهدد المائدة المصرية.. تهددها بالحرمان من ثمار أهم محصولين ينتميان للعائلة الباذنجانية!.. فبسبب هذه الحشرة الأوروبية اصبحت الطماطم أشد جنوناً.. وانتقلت البطاطس بمزارعيها من قائمة الأرباح الي قائمة الخسائر.. وذلك بعد نجاحها في اقتحام الحدود.. واستيطانها بأراضينا لتلحق اضراراً للمحصولين بلا حدود.. ولأن الجهات المسئولة لم تبذل في المقاومة أي مجهود فقد تحولنا من مصدرين إلي مستوردين للطماطم.. إنتاجنا الذي كان يصل الي 5.7 مليون طن سنويا انخفض بنسبة تزيد علي 05٪.. ونلبي احتياجات اسواقنا حالياً من الطماطم الأردنية.. ولا ندري أي سلع اخري كنا نصدرها سنضطر غداً إلي استيرادها! حكاية الحشرة الأوروبية مع الاراضي المصرية بدأ أول فصولها العام الماضي.. انطلقت من أسبانيا وظلت تسبح في الهواء الطلق بأجواء دول جنوب المتوسط وظلت تغير من مسار اتجاهها هنا وهناك حتي وصلت الي الجماهيرية الليبية.. وظلت تتنقل من دار لدار ومن شارع لشارع ومن زنجة الي زنجة حتي عبرت الحدود ووصلت إلينا. هجوم كان الوقت صيفا عندما وفدت إلينا.. وكانت مساحات كبيرة من محصول الطماطم مزروعة في ذلك الوقت، فوجدت الحشرة فرصتها في الهجوم علي الزراعات، خاصة في مناطق مطروح والحمام وعلي جانبي طريق القاهرة - الاسكندرية الصحراوي.. آلاف الافدنة هناك اهدرها هجوم الحشرة لتحول الاخضر الي يابس.. وبلغة الأرقام يشير المزارعون جمال محمد وأحمد موسي وخالد سعد إلي أن تكلفة الفدان الواحد تضاعفت لتصل الي 51 ألف جنيه بسبب استخدام المبيدات في مقاومة لم تنجح في القضاء عليها وصد هجومها.. وذلك إما لأن المبيدات مغشوشة أو لأن الجهات المسئولة لم تحدد المبيد اللازم للمكافحة وبالتالي فقد تم التعامل مع الحشرة »من باب الاجتهاد« علي طريقة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. وقد اسفر اهدار المحصول الي صعود سعر الطماطم في الاسواق حيث وصل الكيلو إلي 01 جنيهات الصيف الماضي.. ولاول مرة منذ سنوات يظل سعرها مرتفعاً لشهور متتالية. دفاع حشرة توتا ابسليوتا كثيرة التناسل.. تفقس 052 بيضة في الدورة الواحدة.. ومن ثم تصل كثافتها الي درجة عالية خلال وقت قياسي.. وهذا ما يدفع المهندس الزراعي أحمد عبدربه الي الخوف علي المحاصيل القادمة.. فهي عندما وصلت الينا كانت بمثابة الضيف الوافد.. اما الآن قد استوطنت وحظيت بالكثافة والانتشار.. وتمكن خطورتها في القضاء علي الثمار وحتي بعد الثمار تنتقل وحشيتها الي الأوراق والسيقان! والحل موجود. لكنه أكثر تكلفة حيث يعكف المزارعون الآن علي تغطية المساحات بلفائف من الشاش المستخدم في المشاتل.. وذلك لإحكام السيطرة ومنع الحشرة من الوصول للمزروعات.. وتصل تكلفة الفدان الواحد عشرة الاف جنيه.. وهو مبلغ يضاف الي التكلفة الاصلية ليصل الاجمالي الي 52 الف جنيه للفدان الواحد.. وهذا بالطبع ينعكس علي سعر السلعة.. خاصة وأمام زيادة التكلفة الانتاجية فإن عدداً كبيراً من المزارعين متوقع »هروبهم« من زراعة الطماطم والاتجاه الي حاصلات أخري أقل تكلفة.. وبالتالي يقل المعروض ويزيد الطلب ثم يرتفع السعر في السوق. عابرة للقارات الحشرة الأوروبية سهل عبورها للقارات.. ويخشي د. نادر نورالدين الاستاذ بزراعة القاهرة، خطرها علي محصول الطماطم في السنوات القادمة حيث تنتقل باتجاه الريح الي أماكن كثيرة خاصة التي تتراوح فيها الحرارة من 51 إلي 53 درجة.. وهي تصيب العائلة الباذنجانية من طماطم وبطاطس وباذنجان.. ونظراً لنشاطها الكبير فهي قادرة علي القضاء علي أي محصول خلال فترة من 3 إلي 5 ايام فقط!. وبشأن الوضع الراهن فقد كان من الممكن تقليل خطرها بالرش الوقائي حيث ان المقاومة بالرش بعد الإصابة لا تجدي معها.. لكن المزارعين لم ينتبهوا للمقاومة الوقائية العام الماضي لجهلهم بالحشرة ولأن جهاز الإرشاد الزراعي موجود علي الورق فقط ولا يعرف الطريق إلي الميدان.. وبالتالي فلم يجد الفلاح المرشد الذي يشرح له خطورة الحشرة، ويوجهه الي طريقة المقاومة.. وكانت النتيجة أننا فقدنا 57٪ من محصول الطماطم! الاتجاه للاستيراد والنتيجة التي وصلنا إليها جعلت المجنونة اشد جنوناً كما يري د. نور الدين فمصر - حتي وقت قريب - كانت خامس دولة انتاجاً للطماطم علي مستوي العالم، حيث ننتج 5.7 ملايين طن سنوياً.. نستهلك نصفها ونصدر الباقي.. لكن يبدو أن »دوام الحال من المحال« فقد انهار الانتاج.. وأصبحنا نستورد الطماطم من الأردن منذ شهور.. ولا ندري هل سنستورد الفجل والجرجير خلال الفترة القادمة أم أن انتاجنا سيكفينا؟!