أقل من شهر فقط من منذ إجراء الاستفتاء علي انفصال كردستان العراق كانت مدة كافية ببدء حكومة العراق إجراءات حاسمة لردع الاقليم الشارد عن الركب، فجعلت حلم الأكراد بعيد المنال فانقلب السحر علي الساحر فالاستفتاء، منح رئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته فرصة لتعزيز سلطته، وأبعد حلم الاستقلال عن متناول أيديهم. فشنت القوات العراقية عملية عسكرية خاطفة استطاعت من خلالها فرض سيطرتها علي أماكن استراتيجية في كركوك، وهي المدينة النفطية المهمة للبلد المصدر للنفط والتي يعتبرها الأكراد أيضا قلب دولتهم. ورفعت القوات العلم العراقي علي مبني محافظة كركوك تنفيذا لتعليمات رئيس الوزراء حيدر العبادي، برفع العلم العراقي علي جميع المباني الرسمية في المدينة والمناطق المتنازع عليها مع أربيل. العبادي وجه أيضا كلمة قال فيها إن »واجبي هو العمل وفق الدستور لخدمة المواطنين وحماية وحدة البلاد التي تعرضت لخطر التقسيم نتيجة الإصرار علي إجراء الاستفتاء الذي نظم من قبل المتحكمين في إقليم كردستان ومن طرف واحد»، وطمأن العبادي أهالي كردستان وكركوك بأن الحكومة العراقية تحرص علي سلامتهم ومصلحتهم علي حد وصفه.وزير النفط العراقي جابر اللعيبي أعلن سيطرة الجيش العراقي بالكامل علي كل حقول النفط في كركوك.من جانبها توعدت حكومة إقليم كردستان الحكومة المركزية بأن »تدفع الثمن غاليا»وأكد مسؤول إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني في الموصل أن جميع قوات البشمركة الكردية انسحبت من المدنية التي لم تشهد أي نزوح والأوضاع مستقرة. ودخل أبرز حزبين كرديين في مواجهات سياسية جديدة حيث اتهم مسؤولون في الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، بسرقة النفط من أجل تعزيز نفوذه، وقال مسؤول كبير في الاتحاد الوطني الكردستاني بكركوك: »بعض قادتنا تعاونوا في إعادة انتشار القوات الحكومية في كركوك وسهلوا دخولهم بدون مواجهات».واعتبر العديد من الأكراد أن خسارة كركوك وقعت نتيجة مؤامرة تواطأ فيها أكثر من طرف، إلا أن تركيزهم كان علي الدور الإيراني، مؤكدين أن الهجوم كان بقيادة وإشراف الحرس الثوري، وقال المستشار الإعلامي لرئيس إقليم كردستان، كفاح محمود، إن الإيرانيين كانوا واضحين جدا، كان هناك العديد من جنودهم من عناصر ما يسمي الحرس الثوري، بل إن أغلب هذه العناصر كانوا يتحدثون بالفارسية. في المقابل، نفي علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي،، أي دور لإيران في كركوك، وأضاف أن غالبية الأكراد يرفضون الأعمال الطموحة لرئيس إقليم كردستان.الخارجية الأمريكية. تركيا من جانبها أعلنت أنها مستعدة لأي شكل من أشكال التعاون مع الحكومة العراقية لإنهاء وجود حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية». أما مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان فقال في كلمة له »ما حصل في معركة كركوك، كان نتيجة لقرار انفرادي اتخذه بعض الأفراد التابعين لجهة سياسية داخلية في كردستان، وانتهت نتيجة هذا القرار بانسحاب قوات البيشمركة بهذا الشكل والطريقة التي رآها الجميع»، متابعا »نتيجة لهذا الانسحاب تحول خط التماس الذي تم الاتفاق عليه قبل عملية تحرير الموصل بين بغداد وأربيل إلي أساس للتفاهم حول كيفية نشر القوات العراقية والقوات في إقليم كردستان». . وبرغم كل التطورات التي حدثت والتي تصب في مصلحة الحكومة المركزية وضد برازاني وخطوته بإجراء الاستفتاء لكن يبقي ضبط النفس من جميع الأطراف ومعالجة الأزمة من خلال الحوار هو الحل الأمثل لتجنيب العراق مزيدا من الصراعات الداخلية خاصة وأنه يعاني كثيرا من التحديات المشاكل التي لم يتعاف منها بعد.