إذا ما جاز لنا ترتيب الموضوعات والقضايا التي تمثل الأولوية فيما يشغل بال المصريين حاليا، والتي هي محل نقاش وجدل بينهم في جميع المحافل والمنتديات وعلي صفحات الصحف لوجدنا في الصدارة منها الإشكالية الخاصة بإعداد وصياغة الدستور القادم، وما إذا كان من الأصح أن يتم بعد الانتخابات البرلمانية وقيام مجلس الشعب أم قبلها. ولعلنا تابعنا مع كل المتابعين مبلغ الاختلاف القائم في وجهات النظر بين فريق المؤيدين للطرح الخاص بإجراء الانتخابات أولا، علي أن يتلوها إعداد الدستور عن طريق الجمعية التأسيسية التي يتم تشكيلها لهذا الغرض وتضم مائة من الممثلين لجميع القوي والتيارات السياسية والاجتماعية، بالإضافة إلي المتخصصين والخبراء في القانون الدستوري. وذلك في مواجهة الفريق الآخر الذي يري أهمية وضرورة البدء في تشكيل الجمعية التأسيسية وإعداد الدستور علي أن تجري الانتخابات البرلمانية بعد ذلك وتتلوها الانتخابات الرئاسية. ويستند أصحاب الرأي الخاص بضرورة الانتهاء من إعداد وصياغة الدستور أولا وقبل كل شيء إلي أن الدستور هو العقد الاجتماعي الجديد لمصر والذي يجب أن تتشكل وتقوم علي أساسه جميع السلطات في الدولة، وأنه هو المنشئ لها وليس العكس، وهو أيضا المنظم للعلاقة بين هذه السلطات جميعا سواء كانت سلطة تنفيذية أو تشريعية، أو قضائية، وكذلك حدود وسلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية. أما الفريق الأول فيرون ضرورة الالتزام بما ورد في الإعلان الدستوري الذي تمت الموافقة عليه من الشعب عن طريق الاستفتاء، والذي نص علي أن تتم الانتخابات البرلمانية أولا، ويتلوها إعداد الدستور. ويرون أن عدم تنفيذ ذلك يعني عدم تنفيذ إرادة الشعب التي اختارت بأغلبية كاسحة زادت عن 77٪ وكان خيارها واضحا، ويرون أن إرادة الشعب يجب أن تحترم، وأن أي طرح خلاف ذلك هو محاولة للالتفاف علي إرادة الشعب. (ونواصل غدا بإذن الله)