ما بين ميدان التحرير وميدان الحسين و»الوسعاية« أمام المنصة بالقاهرة، وما بين ميدان التغيير وميدان جامعة صنعاء باليمن الذي كان سعيداً.. يا قلب فلتحزن ويا عقل تفكر وتدبر.. كيف ستكون عاقبة الأمور، ومآل الاحداث؟.. اللهم احفظ بلادي مما اتخوف منه، وابتعد بها عن هواجس التفكير السيئ المتشائم. شرح هذه العبارات بسيط للغاية.. فثورة مصر يوم 52 يناير وما بعده، وحتي ذروة نجاحها يوم 11 فبراير الماضي كانت ثورة جامعة، شاملة.. الكل بحق يد واحدة.. والجميع صفا واحدا ضد الظلم والطغيان وسرقة مقدرات هذا الشعب وأرزاقه.. أما اليوم فإنني أري صورة القاهرة تكاد تشبه صورة صنعاء.. الجمعة هناك جمعتان.. واحدة لمساندة علي عبدالله صالح والثانية ضده، ولا يفصل مظاهرات الجمعتين إلا شارع واحد أو شارعان.. واذا اختلط الحابل بالنابل هنا ستكون الكارثة.. فيوم الجمعة الماضي في القاهرة كانت هناك مظاهرات الثورة الثانية - التي جاءت والثورة الاولي مازالت حية نابضة ولم تمت - وكان ذلك في ميدان التحرير الذي تحول إلي ميدان الغضب.. والغضب من ماذا؟.. من الديموقراطية التي جاءت بها ثورة 52 يناير وتم بموجبها اتمام الاستفتاء علي تعديل الدستور.. واليوم ننقلب علي نتيجة الاستفتاء.. ويقول الفاعلون في جمعة الغضب - أمس الأول - نريد الدستور أولاً ثم الانتخابات الرئاسية والتشريعية.. والله.. نعم هذا هو ما قيل وغيره كثير.. ولكن هذا كان الاساس. وهذا يذكرني تماما بالموقف الدولي الذي خجل منه كل البشر وغير البشر.. إلا أهل أوروبا وأمريكا وإسرائيل.. هذا الموقف هو عندما قامت قيامة الدنيا حتي نحقق الديمقراطية في فلسطينالمحتلة لتكون نواة لدولة فلسطين التي ستمنحنا اياها أمريكا والغرب المؤازر لها. واتفق العالم بقيادة أمريكا ومؤازريها علي إجراء انتخابات حرة ونزيهة في غزة وشكلت مراقبات دولية لضمان النزاهة والشفافية.. وباختصار.. أجريت الانتخابات.. وجاء يوم اعلان النتائج يوم ان فازت حماس فلعنت أمريكا وأوروبا واسرائيل الديمقراطية.. وتمنت لو أمسكت برقبة من ابتدعها في العالم لكي تفصل رأسه عن جسده.. وبعيداً عن رفضي أو تأييدي لسياسات حماس وآرائها وتصرفاتها.. فإنني مؤمن كإيماني بإسلامي بالديمقراطية، وعدم تفصيلها علي بقعة من العالم، أو علي هوي دون الآخر.. فهذه هي الفوضي.. بل الديكتاتورية بعينها.. المهم أن الجمعة الماضية »جمعة الغضب والثورة الثانية« واكبتها جمعة ثانية وثالثة، وذلك في ميداني الحسين والازهر ثم امام المنصة والنصب التذكاري للشهداء بمدينة نصر، والاثنتان، كانتا لرفض ما يحدث في ميدان التحرير والتضامن والتأييد للمجلس الاعلي للقوات المسلحة.. طبعا جميل.. وطبعا حرية رأي.. ولكن محاولة تقسيم الشعب إلي فئتين أو ثلاث مرفوض.. وهل هذا عمل جيد وثوري؟.. لوجه الله ولمصلحة بلدي التي ليس لي سواها ولا أعرف غيرها أقول: لا.. بل هذا هو بداية الخطوة الأولي علي طريق التفرق والتشرذم والانقسام علي عكس ما قامت من أجله الثورة. وإذا كان العالم الآن يحذر من حرب أهلية في اليمن، فدعوني أصل إلي الهدف مما اكتب اليوم.. وهو التحذير الشديد من بدء سلوك هذا الدرب في مصر.. إنني أدعو - وبدون شرح واطالة - كل من سلك او ينوي المضي في هذا المسلك ان يتراجع وبسرعة شديدة.. وإذا كان هناك عشرة او حتي عشرون ائتلافاً وتكتلاً قد دعا إلي هذا فعليه ان يراجع قواعد الديمقراطية وقواعد وحدة مصر التي ميزتها عبر تاريخها الطويل. كما انه اذا كان هناك عشرة او عشرون ائتلافاً وتكتلاً آخرون بمن فيهم الاخوان والسلفيون قد رفضوا هذا فعليهم ان توجه كل جهودهم وطاقاتهم لبقاء الوحدة بين كل التكتلات والائتلافات والجماعات والمنظمات لكي يبدأ الجميع ومن اليوم او غداً في بناء الاقتصاد بالعودة إلي العمل، واعادة الامن للشارع.. فبهذا فقط ستنجح ديمقراطية 52 يناير وتستمر إلي الأبد وتكون القاهرة نموذجاً رائعا لصنعاء.. ولتبقي مصر قلب الربيع العربي، وعقل الثائرين المتجدد من المحيط إلي الخليج.