استكمالا لما كتبته من قبل عن بعض السلوكيات التي تعوق التقدم في المرحلة الحالية والمستقبلية والتي قد تستمر لفترة طويلة نسبيا حتي يمكن القضاء عليها. أتحدث اليوم عن موضوع الفتنة الطائفية التي نسمع عنها في هذه الايام وعن الاحداث المؤسفة التي لا تفيد المجتمع باي صورة مهما كانت بل تضر بنسيج المجتمع المصري وتحدث به ثقوبا وتمزقات يصعب علاجها وتحتاج إلي وقت طويل لكي تندمل جراحها الناتجة عنها والخسائر البشرية والمادية التي تتطلب بذل جهود بشرية ومالية لاصلاحها وكنا في غني عنها اصلا.. اذكر هنا في مقدمة حديثي انني من مواليد عام 3391 وفي مستهل حياتي المدرسية سواء في المرحلة الابتدائية أو الثانوية وما بعدها لم اكن اسمع عن احداث ما يطلق عليها الآن »الفتنة الطائفية« وكان نسيج الوطن متجانسا تماما واحيانا كثيرة لم نكن نسأل احدا عن ديانته.. واذكر في حصة الدين كانوا يجمعون الطلبة المسلمين في فصل ويتولي مدرس اللغة العربية تدريس مادة الدين الاسلامي لهم بينما يجتمع الطلبة المسيحيون في فصل آخر لدراسة الدين المسيحي ونعود مرة اخري لاستكمال دراستنا في فصولنا الاصلية.. هذه واحدة .. والاخري اذكر جيدا انه في فترة الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي وكان ابن عمتي يقطن بمنطقة عزبة النخل القريبة من عين شمس وكانت فيلته يجاورها فيلا للمهندس اسعد جبره الذي كان يعمل بمصلحة السكك الحديدية وهو مسيحي الديانة ومن الناحية الاخري فيلا للخواجة ألبير وعمه الخواجة حاييم وهما يهوديا الديانة.. وفي الاعياد سواء كانت وطنية أو دينية يتبادلون التهاني وكأنهم اسرة واحدة وكانت علاقاتهم فيما بينهم يؤمها الوفاق والاحترام والتعاون الذي يتمناه اي ساكن مع جيرانه وكانت هذه العلاقة متكررة بين قاطني المساكن في المنطقة بأسرها.. ومن الطبيعي ان تستمر علاقة حسن الجوار بين المسلمين والاقباط.. ولا ادري الاسباب الحقيقية التي ادت إلي الوقيعة بينهما لتبدأ اعمال الفتنة تغذيها بعض الشائعات من هنا أو هناك.. وأقترح عدة مقترحات في محاولة لتهدئة الاطراف المعنية وحل المشكلة. المحور الاول هو الاسرة: وتقع عليها مسئولية كبيرة في تربية النشء منذ الصغر ليتعلم اطفالنا ان الله خلقنا جميعا وانزل إلينا عدة رسل تدعو لعبادته. المحور الثاني المؤسسات التعليمية: وتقع عليها مسئولية كبيرة في تربية الطلاب منذ الصغر ولابد ان يتعلم الجميع انهم يعبدون نفس الإله الخالق من خلال انبيائه. المحور الثالث المؤسسات الدينية: وعليها دور رئيسي في اداء رسالتها دون تجريح للرسالات الاخري لله سبحانه وتعالي مع اقامة الشعائر وبث روح الاخوة بين ابناء الوطن الواحد والاهتمام بأن يكون الخطاب الديني خاليا من اي تجريح أو تهجم علي الاديان الاخري. المحور الرابع الاجهزة التنفيذية والمؤسسات المدنية: بث روح المواطنة وعدم التفرقة في التعامل مع الافراد علي اساس ديني بل تدعو لحسن العلاقة بين الجميع وتشجيع شعار »الدين لله والوطن للجميع« وتسعي إلي جمع ولم الشمل بين ابناء الوطن مهما اختلفت مذاهبهم الدينية. المحور الخامس المؤسسات الاعلامية والثقافية: لابد من وضع ضوابط بعدم الخوض في الاختلافات الدينية بين الشرائع وبين المعتقدات الدينية وعدم تضخيم الاحداث التي تتم بين الطوائف وبعضها وسرعة القضاء عليها دون التشهير باشخاص معينين بقصد الاساءة في الموضوعات المتعلقة بالعقيدة وضرورة انتاج العديد من المسلسلات والافلام التي تعالج الموضوعات التي تسبب الفتنة بين الطوائف كما كنا نري في الماضي وكان الجميع يسعد بها.