توقع الرأي العام المصري ان يأتي الاعلان الدستوري متضمنا الغاء نسبة 05٪ من مقاعد مجلس الشعب، ومجلس الشوري المخصصة للعمال والفلاحين، والغاء مجلس الشوري، والغاء البدعة الديمقراطية المسماة ب »كوتة المرأة« ولكن جاء الاعلان الدستوري صادما للرأي العام، فقد ابقي علي نسبة 05٪ وابقي علي مجلس الشوري وابقي علي »كوتة« المرأة، رغم ان التجربة اثبتت عدم جدوي هذه المسوخ الديمقراطية. ان الابقاء علي »كوتة« المرأة هو نوع من التمييز النوعي بين ابناء الوطن الواحد خلاف ما ينص عليه الدستور بان المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات، دون اعتبار للون والجنس والعقيدة، واكرم الناس عند الله، واعلاهم منزلة الانسان المتفاني في عمله، ونفعه للمجتمع وليس انتماء لجنس او عقيدة. لقد كنت من المنحازين لنسبة 05٪ من المجالس النيابية للعمال والفلاحين التي جاءت بها القوانين الاشتراكية عام 1691 لتحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين جميعا خاصة الفلاحين والعمال الذين كانت حياتهم قبل ثورة 32 يوليو 2591، حياة كلها بؤس وشقاء، وكان كبار ملاك الاراضي الزراعية والرأسمالية المستغلة هم الذين يتحكمون في لقمة العيش، وكان العمال والفلاحون كما مهملا، لا يتذكرهم احد إلا ايام انتخابات مجلس النواب ومجلس الشيوخ فيساقون، الي صناديق الانتخاب لانجاح سادتهم، فاذا تكاسلوا، فالسياط تلهب ظهورهم، ومزيد من البؤس والشقاء في انتظارهم. لقد أرادت ثورة يوليو 2591 ان يكون لهاتين الفئتين الكادحتين رأي في التشريعات والقوانين التي يصدرها البرلمان حتي تأتي محققة لآمالهم في الحياة الكريمة، خاصة وانهما يمثلان ثلثي الامة، وهما الطبقة الحقيقية، التي يقوم علي سواعدها الانتاج الزراعي، والصناعي.. ولضمان عدم القفز علي مقاعد العمال والفلاحين في البرلمان من الانتهازيين الذين يجيدون فنون التحايل في كل وقت، تضمنت القوانين تعريفا دقيقا لكل من العامل والفلاح. فالعامل: هو الذي يعمل لدي الغير، ويكون اجره من هذا العمل مصدر رزقه الوحيد، ولا يكون عاملا كل منتم الي نقابة مهنية كالمهندسين والاطباء.. الخ.. او من اصحاب المؤهلات العليا أو يكون له سجل تجاري.. والفلاح: هو الذي يقيم في الريف ويعمل بالزراعة باعتبارها عمله الوحيد، الضامن لرزقه، ولا يزيد ما يملكه من الاراضي الزراعية عن عشرة افدنة. والتزمت الدولة بهذا التوصيف.. فترة من الزمن، لذلك كان ممثل العمال عاملا حقيقيا، وممثل الفلاحين فلاحا حقيقيا. ومع بداية عام 2791 وما بعدها، ادخلت تعديلات علي هذا التوصيف، ويبدو ان ذلك كان مقصودا، هدفه ازاحة الفلاحين والعمال وتقليص اعدادهم، لتأتي طبقه طفيلية تحل محلهم، ممن لا صلة له بالفلاحة، أو العمال، وهم في الاصل فئات، واغلبهم قيادات امنية ومهندسون واطباء واساتذة جامعات.. الخ. وامام هذا التلاعب في تغيير الصفة من فئات الي عمال وفلاحين، وكان يتم ذلك بكل سهولة، بأوراق مزورة باركها الحزب الحاكم المنحل، الوطني سابقا، اصبحت من المنادين بالغاء نسبة ال 05٪ المخصصة للعمال والفلاحين في المجالس النيابية المحلية.. بعد ان غاب الفلاح الحقيقي والعامل الحقيقي عن الحياة السياسية. واذا كان الاعلان الدستوري قد ابقي علي هذه النسبة، لابد من تفعيل الصفة الانتخابية بكل دقة.. وأن يكون المرشحون من الحاصلين علي مؤهل متوسط حده الأدني الشهادة الاعدادية هذا الشرط سوف يكون عاملا مؤثرا في محو ا لامية، التي تعدت 06٪ علي الاقل من سكان الريف والاحياء الشعبية، بذلك يضمن المجتمع ان يكون ممثل العمال والفلاحين، قادرا الي حد ما علي المناقشة الايجابية في كل ما يدور تحت قبة البرلمان ولديه من الوعي ما يمكنه من الالمام بقضايا الوطن ومشكلاته.. ولديه القدرة علي مناقشة موازنة الدولة عند عرضها علي البرلمان، والدفاع عن مصالح الطبقات الكادحة.. وشرط آخر لا يقل اهمية عن الشرط السابق، ان يكون المرشح، من الفئات، والعمال والفلاحين من ذوي السمعة الطيبة، حسن السير والسلوك، وطاهر اليد، ونقي الذمة.. وهذه مسئولية الناخبين انفسهم بالدرجة الأولي.. لأن العضو بعد نجاحه لا يمثل الفئة التي ينتمي اليها فقط، انما يمثل الأمة كلها.. اذا لم نفعل ذلك، فلا داعي للابقاء علي هذه النسبة، ذلك افضل عند الله والوطن من الاستمرار في هذه الخدعة الكبري.