يا لها من كلمات جميلة تعبر بصدق عن أصالة الإنسان المصري وأنه علي امتداد القرون والعصور علامة بارزة يتعلم منها الناس في كل مكان وزمان. العنصر المصري يحمل في جيناته حضارة الطيبة وعدم الاعتداء والجنوح دائما للسلم والدفاع ضد من يعتدي عليه فقط، وليس في طبعه الخسة أو النذالة أو الكراهية للآخر حتي وإن اختلف معه. ولكن ماذا حدث لهذا الإنسان المعروف بطيبته وسعة صدره لاحتواء الآخرين حتي وإن أخطأوا في حقه؟. فصفة التسامح ملازمة لسلوكه مادام اعتذر الآخر عن الإساءة له وتعود البهجة بينهما. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتجاهل ما فعله الاستعمار في الدول العربية والإسلامية فهو لم يعمد فقط إلي تقسيم المنطقة إلي دويلات وفقا لاتفاقية »سايكس بيكو« ولكنه عمد أكثر إلي ترك اثاره العدوانية التي تدوم وذلك بزرع بذور فتنة بين أبناء الأمة العربية والإسلامية سواء بين المسلمين والمسيحيين أو بين السنة والشيعة والسلفيين. تتجدد كلما جد في العلاقات ما يؤدي إلي إشعال هذه الفتنة فتتمزق الشعوب من الداخل وبالتالي تسهل السيطرة عليها من الخارج وليس بالضرورة تسيير القوات لاحتلالها فالفتنة أشد من القتل. تهدم شعوبها وتحطم آمالها وتقضي علي أية مشاعر أخوة وتعطل عجلة النمو فتظل الدول التي تتعرض بين الحين والآخر للفتنة في ذيل دول العالم. هل هذا يرضي الله.. هل هذا يرضي الشعوب أن يأكل بعضنا بعضا أم يرضي الأعداء الذين يتربصون بنا سواء من »فلول النظام الفاسد السابق أو من الخارج الذين لا يريدون للأمة العربية ومصر خاصة أي نجاح أو تقدم أو أن يعيش شعبها في وئام ووصال لبناء وطنه بعد وعكة فاسدة طويلة. لن أَمَلّ من أن أكرر أننا مصريون بما تحمله هذه الكلمة من معان أصيلة وكما يقال في حالات الاعتداء العين بالعين والسن بالسن، وكما جاء في الآية الكريمة »ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب«. إذن نحن لسنا في حاجة إلي من يعلمنا كيف نقضي علي الفتنة في مهدها مادمنا نتعامل بمفهوم واحد وهو العدل والقصاص وأننا لا نميز بين هذا أو ذاك سواء أكان مسلماً أو مسيحيا أو يهودياً أو كافراً.. هذا هو المفهوم الأوسع للرسالات السماوية. الأعداء دائما يعتمدون علي الشائعات والمواقف التي تؤدي لإثارة الفتنة ولكن للأسف هناك أيضا حالة مشوبة بالاحتقان بين أبناء المجتمع الواحد لم تنته وتشتعل لمجرد إطلاق الشائعة أو الموقف المثير وكأننا لسنا في دولة. مصيبتنا في أنفسنا.. أننا مازلنا في كل مرة عندما نستمع إلي أنباء صحيحة أو كاذبة عن زواج مختلف الديانة يشتعل الوجدان الطائفي العدواني وتقوم الساعة ويقتل بعضنا بعضا ونحرق أماكن العبادة.. ويزداد البغض بين أبناء الوطن الواحد وتنسحب كلمة مصري وتحل محلها كلمتا مسلم ونصراني.. أعداء! وننسي أن أساس الأديان السماوية هو حسن المعاملة بين أبنائها وليس الغضب والانتقام التي هي صفات الأعداء الذين لا يرجون خيرا لنا ولبلدنا عند غياب العقل والأيمان بالله ورسله وكتبه نفقد آدميتنا وإنسانيتنا.. هل هذا ما نريده؟.. إننا نرتكب أخطاء في حق أنفسنا وفي حق بناء بلدنا التي قمنا توا بتطهيرها من الفساد والفاسدين وعلينا أن نعلم جيدا أن الفتنة لا تقل خطورة عن الفساد فهل خرجنا من معركة وطنية مظفرين لندخل معركة طائفية نهدم بها ما صنعته ثورة 52 يناير؟.. أناشد ذوي العقول والقلوب لبذل الجهد لتصحيح المسيرة الوطنية. ملحوظة مهمة: إذا كان الإسلام يسمح للمسلم بالزواج من أهل الكتاب فهل سأل أحد منا إذا كانت المسيحية تسمح للمسيحية بأن تتزوج من غير المسيحي؟.. علينا احترام العقائد وعدم المساس بها أو القرب منها إلا بالحسني.