دخلت حكومة الدكتور عصام شرف شهرها الثالث في الحكم ويبدو أن المهمة الأساسية التي جري تكليف الحكومة بها لم تعد تشغل الحيز الأكبر من نشاطها..وللتذكرة فإن تلك الحكومة مكلفة بإنجاز ملفين رئيسيين هما استعادة الأمن أولا ثم دوران عجلة الإنتاج ثانيا وأخيرا. حيث لايوجد ثالثا أمام حكومة تصريف أعمال من المفترض أن ترحل عقب اجراء الانتخابات التشريعية في سبتمبر القادم أي بعد ثلاثة شهور من الآن. ورغم الحديث المتواصل داخل البيوت المصرية وعبر الفضائيات والصحف عن غياب الأمن بكافة أشكاله وصوره في الشارع المصري فإن المواطن لم يلمس جديدا في هذا الملف طوال شهرين هما عمر الحكومة..ويزيد من حدة الأزمة كثرة الأخبار التي يتعرض لها المواطن والتي تؤكد له أن استعادة الأمن المفقود أصبحت قضية بعيدة المنال في الوقت الحالي علي الأقل..فمع تزايد حوادث البلطجة والاعتداء بالأسلحة علي المستشفيات العامة وهروب متهمين من داخل أقسام الشرطة وكذلك تزايد حالات الاختطاف وكان آخر المطاف هو ماجري في إمبابة مساء السبت من اشتباكات مسلحة بين مسيحيين وسلفيين. ومع تعاقب تلك الأخبار فإن أي حديث آخر صادر من الحكومة الي المواطن خلاف قضية الأمن سيكون عديم الجدوي ولن يجد آذانا مصغية..ورغم أن كاتب هذه السطور وآخرين قدموا تصورات وأفكارا للخروج من حالة الفراغ الأمني التي حلت بالبلاد لكن لم نجد آذانا تسمع أو عينا تقرأ ثم نقاشا ينتهي بإنجاز خطة عمل لاستعادة الأمن المفقود. ولأن التكرار يعلم الشطار فلا مانع لدينا أن نعيد ونزيد فيما جري طرحه من اقتراحات لاستعادة الأمن المفقود مثل تخريج دفعتين من كلية الشرطة فورا وهي قوة شرطية تكفي لسد جزء من الفراغ الأمني..وفتح باب الالتحاق للعمل بوزارة الداخلية لخريجي كليات الحقوق وكليات الآداب قسم اجتماع ويمكن أن يلتحق هؤلاء بعد دورة تدريبية لمدة 3 شهور بأقسام البوليس. كما يمكن كذلك ولفترة زمنية محدودة الاستعانة بقرابة ألفين الي ثلاثة آلاف من أفراد الشرطة العسكرية واذا زادت الحاجة الي أعداد أكثر من ذلك فهناك آلاف الخريجين يمكن الاستعانة بهم بعد تلقيهم دورات تدريبية والأهم أن هناك عددا لابأس به من الشباب متطوعين ومستعدين للعمل تحت اشراف الداخلية. كلها إذن أفكار ينبغي للحكومة دراستها واختيار الأوفق منها وفق الظروف والملاءمات أما مانراه منها تجاه هذا الملف فإنه يحتاج اعادة نظر..فلا يمكن بقاء واستمرار حالة الفراغ الأمني هكذا الي ماشاء الله ولابد أن يعلن د.شرف عن خطة حكومته العاجلة لحل تلك القضية المحورية علي أن يصحب خطته توقيتات زمنية مقدرة وأن يحدد لنا تاريخا معينا يشعر عنده المواطن بالأمن. جزء كبير من خطة الثورة المضادة تعتمد بدرجة كبيرة علي نظرية الفراغ الأمني حتي يتحسر المواطن علي فقدانه الأمان في بيته وعمله وشارعه ومن ثم يبدأ في عقد مقارنة بين حاله الآن بعد الثورة وحاله أيام النظام السابق..لاتعطوا فرصة للشيطان بالتسلل الي نفوسنا لنتحسر علي مافاتنا من أمان، فلا بديل أمام شرف وحكومته سوي استعادة الأمن اللهم الا اذا كان لحكومة شرف وجهة نظر لا نفهمها. الملف الثاني والأخير والذي كان منوطا بشرف وحكومته إنجازه أو أن تظهر ملامحه فهو ملف الاقتصاد أو دوران عجلة الانتاج وهو يأتي في الترتيب بعد الملف الاول فلا انتاج سيتحقق أو صناعة ستتحرك أو استثمار سيأتي الي بلادنا مع غياب الأمن..ورغم مرور شهرين علي بدء تلك الحكومة عملها لكن لانشعر بجديد في هذه القضية وهناك حالة من التيه والدوران في نفس المكان. فرغم كثرة الاجتماعات التي يعقدها شرف وحكومته فلم نجده قد دعا الي عقد اجتماع مع رجال الأعمال المصريين من الصناع الشرفاء للاستماع الي مشاكلهم علي الطبيعة ودراستها واتخاذ قرارات عاجلة فيها..فلماذا لم يزر شرف مراكز وقلاع الانتاج في الجمهورية لدراستها علي الطبيعة.. وإذا كان هناك عشرات أو مئات ممن يقال عنهم رجال أعمال قد فسدوا وهم الآن أمام القضاء، فالمؤكد أن في مصر آلافا، من رجال الأعمال والمستثمرين الشرفاء الذين يحتاجون من الحكومة أن تجلس معهم وتبحث مشاكلهم. المؤكد أن المستثمر الأجنبي الذي بدأنا نلف عليه في بلاده لن يأتي الينا دون أن يتأكد أن المستثمرين المصريين أصبحوا ينتجون في مصانعهم دون عائق..المفارقة أنه رغم أهمية هذين الملفين-الأمن والاقتصاد- وجدنا الحكومة تدخل بأقدامها في ملفات اخري رغم أهميتها لكن ليس هذا توقيتها كما أنها ليست من مهام حكومات تصريف الأعمال ثم إنه إذا كان ولابد من فتح تلك الملفات (مثل ملف الأجور والعلاقة مع دول حوض النيل وبدء تدشين مشروعات ضخمة مثل ممر التنمية للدكتور فاروق الباز أو المدينة البحثية للدكتور زويل وغيرها من المشروعات الضخمة) فأقل تقدير هو أن تنهي حكومة شرف مهمتها الرئيسية في استعادة الأمن ودوران عجلة الإنتاج ثم تفعل بعد ذلك ما بدا لها.. حتي لو كان ذلك هو اعلان رئيسها أو أحد أعضائها ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة. [email protected]