كل يوم نسمع الجديد في عملية اغتيال أسامة بن لادن، حكايات ومفاجآت لا أول لها ولا آخر، والأغرب أن كل جديد يتعارض عادة مع القديم. فمثلا.. قالوا إن العملية العسكرية الأمريكية تمت بتنسيق ومشاركة مع الجيش الباكستاني، وهو ما سارعت حكومة إسلام أباد إلي نفيه، والتأكيد علي أن الولاياتالمتحدة تكتمت علي عمليتها السرية ولم تعرف السلطات الباكستانية عن اغتيال بن لادن في مقر إقامته السري إلا بعد أن كشف أوباما عن نصره الكبير! وعندما اجتمع قادة القوات المسلحة في إسلام أباد أمس للتنديد بالعملية العسكرية الأمريكية باعتبارها تدخلا أجنبيا مشينا، سارع البعض ليقلل من مصداقية هذا التنديد، مضيفا أن إسلام أباد اضطرت إلي تمثيل دور المجني عليه الذي ضحكت عليه الولاياتالمتحدة، في محاولة فاشلة لإقناع الرأي العام المؤيد لبن لادن بأنها أي الحكومة الباكستانية وأجهزتها العسكرية والاستخباراتية لا علاقة لها من قريب أو بعيد باغتيال مؤسس تنظيم القاعدة.. رغم أن غالبية تقارير الخبراء العسكريين أجمعت علي استحالة توصل واشنطن إلي مكان بن لادن بالقرب من إسلام أباد، وتخطط لاقتحامه، والقبض عليه حياً أو مقتولاً، بدون مساعدة أو مشاركة أو حتي بالتنسيق مع عناصر من قيادات الجيش والمخابرات الباكستانية! وهذا الاقتناع التام والعام بتورط إسلام أباد، لم يصمد أكثر من ساعات معدودة. فسرعان ما تكشفت أسرار جديدة استخدمتها باكستان في تبرئة نفسها من أنها ساهمت أو شاركت أو حتي علمت ولم تبلغ عن العملية العسكرية مساء الأحد الماضي. اتضح أن القوة الخاصة التابعة للمارينز الأمريكية استخدمت أسلحة جديدة جربت عملياً وميدانياً لأول مرة، في عملية الهجوم علي أسامة بن لادن مساء الأحد الماضي. أهم تلك الأسلحة علي الإطلاق.. هي الطائرة المروحية الخفية التي لم تلتقطها شاشة الرادار، وتطير في صمت يمكنها من الطيران بأمان. وكان البعض قد سمع منذ فترة عن شائعات حول توصل الولاياتالمتحدة إلي إنتاج مروحية غير مرئية »شبح« لكن الشائعات ظلت كذلك ولم تتأكد صحتها إلا بعد أن تم الكشف أمس عن اشتراك المروحية الشبح لأول مرة في عملية اقتحام مقر إقامة بن لادن بباكستان. وكانت القوة الخاصة قد استخدمت في هجومها مروحيتين من الطراز القديم المعروف باسم Black Hawk حطتا علي بعد عدة أمتار من منزل بن لادن. وبعد انتهاء العملية قامت القوة بتفجير إحدي الطائرتين وغادروا المكان علي متن الثانية! ونشرت الصحف صورة حطام الطائرة. وقالت الصحيفة البريطانية The Guardian ان العديد من المحللين العسكريين أبدوا دهشتهم من أن الحطام يكشف هوية وطراز المروحية لكنه يختلف في الوقت نفسه عن تصميم ال Black Hawk التقليدية، مما يقطع بأن تجهيزات جديدة أضيفت لهذه النوعية المتطورة من »البلاك هوك« وفرت لها الطيران الخفي الذي لا يظهر علي شاشة الرادار. أما الصحيفة الأمريكية Army Times فكشفت عن المزيد من التفاصيل أهمها أن ميزة التخفي وعدم التقاط الرادار إشارة عن طيرانها، هي نفس الميزة التي سبق تزويدها للقاذفات الخفية المعروفة باسم F-117 والتي ظهرت لأول مرة خلال حرب الخليج الأولي وما بعدها من الحروب. وليس خافيا السبب وراء اضطرار واشنطن إلي الكشف لأول مرة عن مروحيتها »الشبح«. فالهدف كان: التعتيم علي شاشة الرادار الباكستاني، والحفاظ علي سرية العملية العسكرية إلي ما بعد القبض علي بن لادن أوتصفيته. أما المبرر فيرجع إلي أن واشنطن ببساطة شديدة لا تثق في بعض القيادات الباكستانية سواء في الحكومة أو في أجهزتها الأمنية والمعلوماتية وثيقة الصلة بالقاعدة وطالبان! ولا يستبعد بالتالي قيام بعضهم بإبلاغ بن لادن بالهجوم الوشيك علي مقر إقامته ليبادر بالهروب قبل الوصول إليه!